"الخليج": أردوغان حوّل تركيا من دولة طبيعية إلى دولة خارجة على القانون

عرب وعالم

اليمن العربي

قالت صحيفة إماراتية، "لم يسبق أن قامت دولة في التاريخ الحديث بتجاوز مفهوم الدولة، كناظمة لعلاقاتها في الداخل والخارج من خلال الالتزام بالقوانين والدستور في علاقاتها مع شعبها، وفي الالتزام بالمواثيق الدولية وشرعة الأمم المتحدة في علاقاتها مع الخارج، كما تفعل تركيا الآن في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان".

 

 

وأضافت صحيفة "الخليج"، هذا الرئيس حوّل تركيا من دولة طبيعية في محيطها والعالم، وكدولة مستقلة وجزء من المنظومة الدولية، إلى دولة شاردة، تنفذ أجندة باتت تشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، من خلال ممارسات تخضع لأوهام تتملك الرجل بعهود بائدة يحلم باستعادتها تعود إلى أيام السلاطين والخلافة، وإلى معتقدات «إخوانية» لا صلة لها بالحاضر، إنما هي مشدودة إلى ماضٍ سحيق عفا عليه الزمن.

 

وتابعت "نقول ذلك؛ لأن الشواهد تؤكد أن أردوغان يجر تركيا إلى سلسلة حروب مع جيرانه، ويخلق بؤر توتر في مناطق بعيدة؛ لعله يستعيد مجداً زائفاً، تجاوزته الأيام، ولم يعد صالحاً في أي مكان أو زمان. والأخطر أنه حوّل بلاده إلى وكر للإرهابيين واللصوص والمرتزقة من مختلف أصقاع الأرض، يخوض بهم معاركه في سوريا وليبيا، وها هو يقفز بهم إلى بلاد القوقاز، ويجرهم إلى حرب لا ناقة لهم بها ولا جمل إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا، من منطلقات قومية ودينية ضيقة، وأوهام عثمانية بالية، وجموح قاتل بالانتقام".

 

 

ومضت "لم يسبق لأي دولة طبيعية أن قامت بتجميع جيوش من المرتزقة والإرهابيين، وتدريبهم وتمويلهم وتسليحهم وحشدهم على هذا الشكل للقتال في سوريا وليبيا، والآن في أذربيجان، بما يتعارض مع كل القوانين والمواثيق الدولية، كدولة ليست راعية للإرهاب فحسب، وإنما دولة تصنع الإرهاب، وتقوم بتوزيعه على العالم".

 

 

ولفتت الصحيفة إلى أن "كل المصادر تؤكد أن أردوغان هو الذي أعطى الضوء الأخضر للحرب الأذرية - الأرمينية، وقد مهدّ لها بمناورات عسكرية مشتركة، وبإرسال معدات عسكرية وأسلحة، كما قام وزير دفاعه خلوصي أكار بزيارة إلى العاصمة الأذرية باكو؛ حيث أعلن من هناك أن أنقرة لن تترك أذربيجان وحدها، وسوف تقوم بدعمها عسكرياً.

 

أردوغان هو الذي يخوض معركة أذربيجان ضد أرمينيا فعلياً، وهو لم يختبئ وراء أصبعه، فقد جاهر بذلك علناً بدعم «الدولة الشقيقة»، وتأكيده بأن «الوقت قد حان لمحاسبة أرمينيا»؛ لاحتلالها إقليم كاراباخ، و«لن نستشير أحداً حول دعمنا لأذربيجان».

 

اللافت أيضاً، أن أردوغان هو الذي يرفض وليست أذربيجان، كل النداءات التي صدرت عن مختلف زعماء العالم، وعن الأمم المتحدة بوقف الاشتباكات، ومباشرة الحوار؛ للتوصل إلى تسوية سياسية مع أرمينيا، ويصّر على انسحاب الأخيرة من كاراباخ كشرط لوقف القتال؛ أي أن قرار السلم والحرب بات في يد الرئيس التركي، ما يضع منطقة القوقاز رهينة بيده، ويحولها إلى ساحة قتال مفتوحة قد تجر دولاً أخرى إليها، خصوصاً أن روسيا التي ظلت طوال الأيام الماضية هادئة، وتحاول أن تلعب دور الإطفائي، بدأت تلوح بموقف آخر؛ ذلك أن أردوغان بدأ يلعب في ملعبها، وفي مجالها الحيوي، وهو أمر لن تسمح به موسكو مهما كلف الأمر؛ لكنها ستحاول بالوسائل الدبلوماسية إقناع أردوغان بالتي هي أحسن؛ لعله يرتدع ويكف عن مغامراته التي تقود بلاده والمنطقة إلى مزيد من الأزمات والمواجهات. خصوصاً أن ممارسات أردوغان في سوريا، ونكثه بالاتفاقات الموقعة معه؛ تثير لدى موسكو الكثير من الشكوك حول صدقيته، وحول التعامل معه.

 

المريب في الأمر أن الرئيس التركي الذي استخدم الإرهابيين والمرتزقة في حروبه داخل سوريا وفي ليبيا، يقوم الآن بتصديرهم إلى أذربيجان؛ للقتال إلى جانب القوات الأذرية، وقام بإرسال المئات من إرهابيي «فرقة السلطان مراد» و«لواء السلطان سليمان شاه» من بلدات وقرى عفرين السورية المحتلة الذين يخضعون لإمرة ضباط أتراك، ومعظمهم من التركمان السوريين.

 

تقوم الاستراتيجية التركية منذ عام 2011 على استخدام المرتزقة والإرهابيين للقتال نيابة عن الجيش التركي، وهي من أجل ذلك حولت أراضيها طوال السنوات الماضية إلى ملاذ لكل الجماعات الإرهابية العالمية، ووفرت لها الحماية والتدريب والإقامة، وفتحت لها حدودها للعبور إلى سوريا والعراق؛ للقيام بما يتوجب عليها من إرهاب وتدمير وتخريب.

 

واختتم "أردوغان حوّل تركيا من دولة طبيعية إلى دولة خارجة على القانون، وسوف يقودها بالتأكيد إلى مزيد من الانهيار