أوروبا تمهل تركيا 3 أشهر للتراجع عن أنشطتها في المتوسط

عرب وعالم

اليمن العربي

 

سبع فقرات كرسها البيان الصادر عن قمة القادة الأوروبيين في بروكسل، للنزاع على ثروات بحر إيجة ومياه شرق البحر الأبيض المتوسط، بعد ساعات من النقاشات الحادة.

 

المعضلة التي واجهها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الـ27 تتناول فرض عقوبات على تركيا بسبب أنشطتها في التنقيب عن الغاز في مياه يعتبرها الاتحاد عائدة، لليونان من جهة، ولقبرص من جهة أخرى.

 

ومن المهم الإشارة إلى أن هذه المعضلة ليست جديدة، بل يتم بحثها منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي خلال عدة اجتماعات لوزراء خارجية الاتحاد. وهؤلاء اتفقوا في آخر اجتماع لهم على مبدأ فرض العقوبات على أنقرة، ورفعوا مقترحاتهم إلى القمة الأوروبية ما قبل الأخيرة. لكن مبدأ اتخاذ قرار بشأنها أجل إلى لقائهم ليل أول من أمس، رغبة منهم، من جهة، لكسب الوقت ولرؤية ما ستنتجه الوساطة بين أنقرة وأثينا التي تكفلت بها المستشارة الألمانية والحلف الأطلسي.

 

إلى ذلك، ولجسر الهوة بين أعضاء الاتحاد المنقسمين بين دعاة موقف متشدد إزاء تركيا، وبين الراغبين في إبقاء الخطوط مفتوحة مع أنقرة.

 

القرار الذي توصل إليه القادة جاء حلاً وسطاً بين الطرفين. فالاتحاد لم يفرض عقوبات فورية على أنقرة، بل هدد باللجوء إليها، وأعطى الجانب التركي مهلة ثلاثة أشهر، ليتوقف عن انتهاكاته للسيادة المائية اليونانية والقبرصية.

 

كذلك اعتمد القادة سياسة «العصا والجزرة»: منافع اقتصادية وتجارية في حال استجابت تركيا مقابل فرض العقوبات في حال استمرت في سياستها الحالية. ونصت الفقرة 20 أنه «في حال قيام تركيا، مجدداً، بأعمال أحادية الجانب، وباستفزازات منتهكة بذلك القانون الدولي، فإن الاتحاد سوف يلجأ إلى استخدام كافة الوسائل والخيارات المتوافرة لديه من أجل الدفاع عن مصالحه ومصالح الدول الأعضاء».

 

وتؤكد الفقرة أن القادة الأوروبيين سيعودون للنظر في هذه المسألة خلال قمتهم المقبلة في ديسمبر (كانون الأول). تجدر الإشارة إلى أن كلمة «عقوبات» لم يتم استخدامها أبداً، والأرجح حتى لا تعد استفزازاً من قبل تركيا. قبل التلويح بالعصا، فصل الأوروبيون المنافع التي تستطيع تركيا جنيها في حال اعتمدت سياسة مختلفة.

 

وجاء ذلك في الفقرة 19 أنه «في حال تواصل الجهود الإيجابية التركية لوضع حد للأنشطة غير الشرعية التي تقوم بها تركيا إزاء اليونان وقبرص، فإن الاتحاد الأوروبي عازم على إطلاق برنامج سياسي بناء بينه وبين تركيا يشمل تحديث الاتحاد الجمركي، وتسهيل المبادلات التجارية، وتنقل الأشخاص، وقيام حوار عالي المستوى بشأن استمرار التعاون في مسائل الهجرة (أي مزيداً من الأموال لتركيا مقابل الاستمرار في إغلاق حدودها)».

 

ودعا البيان، رئيس الاتحاد ورئيسة المفوضية والممثل الأعلى، «لبلورة مقترحات غرضها توفير دينامية جديدة للتعاون الأوروبي - التركي. وذهب القادة الأوروبيون إلى اقتراح (مؤتمر متعدد الأطراف حول البحر الأبيض المتوسط الشرقي) يمكن أن يوفر منصة للتداول بخصوص المواضيع التي تتطلب حلولاً متعددة الأطراف مثل تحديد المياه البحرية والأمن والطاقة والهجرات والتعاون الاقتصادي»، وكلف جوزيب بوريل العمل على إعداده.

 

كان من الصعب الوصول إلى هذه الصيغة التوافقية من غير إرضاء نيقوسيا التي ربطت السير بالعقوبات ضد بيلاروسيا بعقوبات مماثلة ضد أنقرة، أو على الأقل بصدور موقف متشدد مع مواعيد وتواريخ محددة ضد تركيا. كذلك حرص الأوروبيون على عدم إهدار فرصة إطلاق حوار بين أثينا وأنقرة الذي قبله الطرفان، وتجنب المخاطرة باتفاق الطرفين، في إطار الحلف الأطلسي لمنع الاحتكاكات العسكرية بينهما. وبعد سبع ساعات من النقاش الحار، قبلت قبرص صياغة الفقرة 20 التي تعد أكثر حزماً في التعاطي مع تركيا.

 

وأعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، أن «العقوبات يمكن فرضها بشكل فوري، وهي جاهزة في حال استمرت أنقرة في أنشطتها غير الشرعية». وجاء الرد التركي سريعاً على لسان وزارة الخارجية التي سارعت إلى رفض مضمونه، معتبرة أن «اللجوء الدائم إلى خطاب التهديد بالعقوبات لن يعطي أي شيء إيجابي»، داعية الاتحاد إلى «أن يفهم أنه لن يحصل على شيء بهذه الطريقة». لكن على الرغم من ذلك، فإن الخارجية التركية «اعترفت» بوجود «نقاط إيجابية» في البيان الأوروبي. وفي الوقت عينه، شكت من كون العلاقات التركية - الأوروبية «رهينة» بأيدي اليونان وقبرص