الإمارات والصين.. علاقات متجذرة في التاريخ

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

ترتبط دولة الإمارات وجمهورية الصين بعلاقات تاريخية ترتكز على أسس متينة من التعاون العميق المتبادل بين البلدين، وهى ممتدة منذ 30 عاما وتقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

 

وتحتفل الصين اليوم الخميس، بيومها الوطني الـ 71، الذي يصادف الأول من أكتوبر من كل عام، بالتزامن مع تحقيقها قفزات اقتصادية واجتماعية وعلمية شهدها التاريخ البشري الحديث.

 

وبدأت العلاقات بين الإمارات والصين في 3 ديسمبر/ كانون الأول 1971، أي بعد يومين على قيام دولة الإمارات، حينما بعث القائد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان برقية إلى شو ان لاي، رئيس مجلس الدولة الصيني.

 

وأسهمت الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما ودفعها نحو مزيد من التطور

 

فقد أسست زيارة شي جين بينغ إلى أبوظبي عام 2018 وهي أول زيارة رسمية لرئيس صيني إلى دولة الإمارات منذ 30 عاماً، لمرحلة فارقة وجديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

 

كما قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بزيارة الصين في يوليو/ تموز 2019 تلبية لدعوة الرئيس الصيني. 

 

واتسمت العلاقات بين الإمارات والصين بالتعاون والتنسيق على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي تجاه معظم القضايا من خلال الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين البلدين في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012 بمبادرة من السفارة الإماراتية ببكين لتكون اتفاقية شراكة استراتيجية واضحة البنود ومحددة المعالم تنضوي تحت مظلتها كل تفاصيل العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

وسبق أن أشاد علي عبيد علي الظاهري، سفير الإمارات لدى الصين، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات، بمستوى التطور الذي تشهده العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية الصين.

 

وقال في تصريحاته التي جاءت بهذه المناسبة، إن علاقات البلدين ارتقت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية والدبلوماسية.

 

وأشار الظاهري في هذا الصدد إلى الحقبة الذهبية التي تعيشها الصين منذ ذلك الحدث التاريخي والإنجازات الكبيرة التي حققتها على الصعيدين المحلي والدولي والتي يمكن تسميتها بالمعجزة استنادا إلى الوقت القياسي الذي تحققت فيه.

 

كما توجه بالتهنئة للشعب الصيني على النجاح المبهر الذي أحرزه في حربه ضد وباء فيروس كورونا المستجد، لافتا إلى أن هذه المحنة العالمية كانت فرصة لزيادة توطيد علاقات الصداقة والود بين شعبي البلدين، حيث كانت دولة الإمارات من أولى الدول السباقة لمساندة الشعب الصيني الصديق منذ تفشي الوباء في ووهان.

 

وأضاف:" لقد تنوعت أشكال هذا الدعم بين مادي ومعنوي من قيادة وشعب دولة الإمارات، والتي مثلت فرصة لتوسيع مجالات التعاون بين البلدين ليشمل البحث العلمي في مجال الصحة، وتحديداً في التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا المستجد".

 

وأوضح أن الإمارات كانت أول دولة في العالم تطلق المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح ضد "كوفيد-19" بالتعاون مع شركة الأدوية الصينية العملاقة Sinopharm China، وقد حققت التجارب نتائج واعدة جداً، وقد بدأ فعلاً اعتماد هذا اللقاح رسمياً.

 

وأكد السفير الإماراتي لدى الصين أن تنوع وتزايد مجالات التعاون الثنائي يترجم الخصوصية التي تتميز بها العلاقات الثنائية بين الدولتين والتي تعكس عمق روابط التعاون التي أرسى دعائمها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خلال زيارته التاريخية للصين في 1990.

 

وشدد على أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عمل على تطوير تلك العلاقة ومتابعتها، فتعددت الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين لتثمر مجموعة كبيرة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم شملت قطاعات مختلفة كالطاقة والفضاء والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والتصنيع والثقافة والسياحة وغيرها.

 

ويعتبر التعاون الاقتصادي المشترك بين الإمارات والصين من الركائز الأساسية التي انطلقت منها شراكتهما الاستراتيجية حيث تساهم الإمارات في طريق الحرير الاقتصادي، والذي يربط أسواقا تشكل معا 40% من إجمالي الناتج العالمي.

 

ووصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والصين إلى 48.67 مليار دولار خلال عام 2019 مسجلا ارتفاعا بنسبة 6 % على أساس سنوي.

 

كما تحتضن الإمارات 4200 شركة صينية و356 وكالة تجارية صينية وأكثر من 2500 علامة تجارية صينية مسجلة، فيما بلغ رصيد الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في الإمارات 6.44 مليار دولار بين عامي 2018 و2019.

 

وأسهمت قوة العلاقات بين البلدين في نمو ملحوظ بأعداد السياح الصينيين إلى الإمارات، وعلى سبيل المثال فقد بلغ عد السياح الصينيين القادمين إلى دبي خلال العامين الأخيرين ما يقرب من مليون سائح سنويا.

 

كما تحظى الجالية الصينية في دولة الإمارات بترحيب وتقدير كبيرين على المستوى الرسمي و الشعبي، حيث يقدر عدد المقيمين الصينيين الذين يعيشون في الإمارات بأكثر من 270 ألفا.

 

ويولي الجانبان اهتماما كبيرا بتعزيز وتشجيع التبادل الثقافي، حيث شهد عام 2010 افتتاح أول مدرسة من نوعها على مستوى المنطقة لتدريس اللغة الصينية في أبوظبي ليتوالى بعد ذلك افتتاح هذه المدارس ليصل إلى 60 مدرسة، كما شهد العام الجاري افتتاح أول مدرسة صينية رسمية خارج الصين في دبي.

 

وتحل الذكرى الـ 71 على تأسيس جمهورية الصين الشعبية،  وقد نجحت في أن تصبح واحدة من أعظم القوى السياسية والاقتصادية في العالم.

 

واعتمدت الصين على الجهود الوطنية لإحداث قفزة كبرى في الإنتاج من خلال "التحديثات الأربعة" في مجال الزراعة والصناعة والدفاع والعلوم والتكنولوجيا والتي كان لها أطيب الأثر في تجديد شباب الاقتصاد الصيني.

 

وفى بداية الألفية الجديدة جاء انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية كإنجاز آخر يعزز موقفها على الساحة الدولية حيث واصلت مسيرة الإصلاح الاقتصادي في النمو والتقدم بمعدل 10% سنويا.

 

وفى عام 2012 وصل الرئيس شي جين بينغ إلى سدة الحكم والذي تعهد بإعادة بناء الشركات الحكومية للسماح بمزيد من التنافسية عبر جذب المستثمرين الأجانب الى القطاع الخاص كما أطلق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013 والتي يعتبرها الفرصة الذهبية لتحقيق الحلم الصيني.

 

واستطاعت الصين أن تقفز بنصيبها من الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 1.8 % في عام 1952 ليصبح الآن 16% وفى ظل ارتفاع عدد سكانها من 575 مليونا عام 1952 إلى مليار وربع مليار نسمة عام 2018 بزيادة قدرها 140% خلال 66 عامًا.

 

وقامت الصين في السنوات الثلاث الماضية برفع نسبة الإنفاق على البحث والاستثمار في التكنولوجيا بنسبة 70% في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات ومراكز المعلومات الضخمة لتطوير صناعة التكنولوجيا الفائقة التي تعمل بالطاقة المتجددة.

 

وتنتج الصين أغلب المنتجات الموجودة في الأسواق الدولية من لعب الأطفال حتى الأجهزة الكهربائية والسيارات بل والأسلحة المتقدمة التي تحمل شعار "صنع فى الصين" حيث أصبحت القيمة المضافة للصناعة في الصين هي الأكبر في العالم وقد وصلت إلى 27% عام 2017 وذلك وفقا لتقرير البنك الدولي.