فرنسا تلحق بمصر.. الخطوط الحمراء تحاصر أطماع أردوغان

عرب وعالم

اليمن العربي

تحذيرات متتالية أطلقتها فرنسا منذ وصول التهديد التركي لدول شرق المتوسط إلى أوجه، ثم اتبعتها باريس بسلسلة إجراءات سياسية وعسكرية. 

 

التحرك الفرنسي ارتبط منذ يوليو/تموز الماضي ببيان أصدرته البحرية التركية عن إجراء أعمال مسح سيزمي في منطقة بحرية بين قبرص وجزيرة كريت في خطوة قالت اليونان إنها محاولة من جانب أنقرة للتعدي على رصيفها القاري.

 

ومنذ التعدي التركي بحراً، قطع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عهداً على بلاده بالوقوف الكامل وراء قبرص واليونان في مواجهة انتهاكات نظام رجب طيب أردوغان لسيادتهما.

 

والسبت بدأت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول مهمة في شرق البحر المتوسط، منطلقة من ميناء طولون، في مسعى لردع الأطماع التركية بالمنطقة.

 

وفي العاشر من أغسطس/آب الماضي، أرسلت تركيا سفينة رصد الزلازل "عروج ريس" ترافقها قوة بحرية، في خطوة أثارت غضب اليونان وندد بها الاتحاد الأوروبي.

 

وقبل "عروج ريس" أعلنت أنقرة، في يوليو/تموز الماضي، بدء التنقيب عن المحروقات في البحر الأسود، في استفزاز صارخ يؤكد مراقبون أنه سيرفع منسوب الخلافات مع بلدان القارة العجوز.

 

تحرك سياسي

أدرك ماكرون الخطر التركي مبكراً على حقوق الاتحاد الأوروبي، فأكد منذ اللحظات الأولى للأزمة أنه غير المقبول أن يتعرض المجال البحري لدول أعضاء بـ"اليورو" للانتهاك والتهديد.

 

وتثير أنشطة تركيا في شرق المتوسط ردود فعل غاضبة من الاتحاد الأوروبي وقبرص واليونان إضافة إلى مصر والولايات المتحدة.

 

ومرارا، أعرب الاتحاد الأوروبي عن عدم رضاه إزاء الاستفزازات التركية غير القانونية والمتمثلة في التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل قبرص بالإضافة إلى تدخلات أنقرة العسكرية في ليبيا.

 

وأظهرت أعمال التنقيب في منطقة شرق المتوسط، خلال السنوات الماضية، العثور على احتياطيات ضخمة للغاز، بينها حقل "ظُهر" المصري، ونتج عن تلك الاكتشافات تعاون وثيق بين مصر واليونان وقبرص.

 

وتزعم تركيا أن مناطق معينة في المنطقة البحرية قبالة قبرص تقع ضمن المنطقة السيادية لها، فضلا عن اعتبار نفسها مدافعا عن حقوق القبارصة الأتراك (قبرص الشمالية) التي لا تحظى باعتراف دولي إلا من أنقرة.

 

تحذير عسكري

وعلى وقع التوتر الذي أوقدت أطماع تركيا نيرانه بالتنقيب عن الغاز، حذرت فرنسا، أنقرة من أن شرق البحر المتوسط "ليس ملعبا لطموحات" وطنية.

 

التحذير الفرنسي حملته وزيرة الجيوش فلورانس بارلي، في تغريدة لها على تويتر، في وقت أجرت فيه أثينا وباريس وروما ونيقوسيا تدريبات عسكرية مشتركة في البحر المتوسط.

 

حينها، شاركت فرنسا في التدريبات العسكرية المشتركة في جنوب جزيرة كريت، بثلاث طائرات من طراز "رافال"، وفرقاطة، ومروحية.

 

وفي 13 أغسطس/آب الماضي، نشرت فرنسا بشكل مؤقت مقاتلتي "رافال" وسفينتين حربيتين، للمشاركة في تدريب مشترك مع البحرية اليونانية في شرق المتوسط.

 

ومع بدء حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول مهمة في شرق البحر المتوسط، اليوم، فإن صحيفة "لا ديبش" الفرنسية، أشارت إلى أنها واحدة من أكبر قطعة ضمن الأسطول البحري الفرنسي؛ حيث ستحمل على متنها ما بين 18 إلى 24 مقاتلة رافال في مهمتها هذه.

 

والعملية الفرنسة تعد هي الأولى لحاملة الطائرات الفرنسية بعد عملية تطهير عقب إصابة جزء كبير من طاقمها بفيروس كورونا المستجد.

 

وبالتزامن مع هذا الوجود العسكري، نشرت وسائل إعلام يونانية عن رغبة أثينا شراء 18 مقاتلة رافال فرنسية لتعزيز قوتها الجوية، في ظل التوتر في المنطقة مع تركيا، بشأن ترسيم الحدود المائية، لكن الحكومة لم تؤكد أي طراز من الطائرة أو العدد الذي تريده.

 

شروط للحوار

ما بين التحرك السياسي والعسكري، وضعت فرنسا قبل نهاية الشهر الماضي شرط "وقف التصعيد" للبدء في حوار مع تركيا، وهو ما أطلق عليها الرئيس إيمانويل ماكرون بـ"خطوط حمراء" أمام أنقرة في شرق المتوسط.

 

وخلال لقاء لها مع إذاعة أوروبا 1، اعتبرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أن التوترات حول التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط مرتبطة بـ"سلوك تركيا الذي يعد تصعيدا" .

 

بارلي قالت كذلك: إن "تركيا تعترض على وجود مناطق اقتصادية حصرية، وتشكك في سيادة دولتين من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هما اليونان وقبرص، وربما تعرض للخطر حقًا أساسيًا هو حرية الملاحة".

 

الوزيرة الفرنسية شددت آنذاك على أنه "من أجل الحوار يجب التوقف عن التصعيد".

 

وأجرت فرنسا مرتين تدريبات عسكرية مشتركة مع اليونان وقبرص في أغسطس/ آب/، ما أثار انتقادات شديدة من أنقرة.

 

وفي النهاية، تتمسك باريس بأن موقفها الصارم تجاه سياسات أردوغان في شرق البحر المتوسط هدفه الرئيس هو وضع خطوط حمراء، لأن أنقرة – بحسب ماكرون - تحترم الأفعال وليس الأقوال.