السودان ينهي صراع الفرقاء باتفاق سلام تاريخي برعاية الإمارات

عرب وعالم

اليمن العربي

وقعت الحكومة السودانية الإثنين 31 أغسطس 2020 اتفاق سلام تاريخي مع الحركات المتمردة في البلاد، والممثلة في (الجبهة الثورية السودانية)، برعاية الإمارات العربية، وذلك في عاصمة السودان الجنوبية جوبا بعد 17 عامًا من الصراع المسلح بالمنطقة، ما يمهد لبداية جديدة للمنطقة تقل فيها نسبة المعارك القتالية بين الأطياف السياسية بالدول.

 

وتضمن الاتفاق التوقيع بالأحرف الأولى بين الحكومة وجبهات التمرد الممثلة في حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان ويقوده منى مناوي وكلاهما ينشطان في إقليم دارفور بغرب البلاد، والحركة الشعبية لتحرير السودان ويتزعمها مالك عقار، والمجلس الثوري الانتقالي ويتزعمه الهادي إدريس.

 

في حضور رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ووفد رفيع من السياسيين السودانيين إلى جانب رئيس السودان الجنوبية، سيلفا كير ميارديت، ونائبَه رياك مشار، وذلك برعاية إماراتية ومصرية.

 

تمثلت أهم بنود الاتفاق الموقع في «جوبا» في إعطاء حكم ذاتي لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى جانب تقسيم الموارد الاقتصادية والمالية بالمنطقتين بنسبة 60% للسلطة الفيدرالية و40% للمحلية.

 

إلى جانب ذلك يشمل الاتفاق منح 25% من مقاعد مجلس الوزراء وكذلك التشريعي و3 في السيادي لأعضاء الجبهة الثورية السودانية.

 

بالإضافة إلى مد أمد الفترة الانتقالية في السودان 39 شهرًا إضافيًا تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق المقرر في أول سبتمبر 2020، وكانت الفترة الانتقالية قد بدأت في السودان في عام 2019 بعد سقوط عمر البشير في أبريل من العام ذاته، وكان من المقرر لها أن تستمر 39 شهرًا فقط.

 

ومن أبرز بنود الاتفاق الأمنية؛ منح فترة تقدر بـ 39 شهرًا لإنهاء الترتيبات الخاصة بدمج وتسريح الفرق العسكرية المسلحة التابعة لحركات التمرد بعد احتراب داخلي دام لسنوات طوال في البلاد مستنزفًا خيراتها وقوتها.

 

تبدأ معرفة الفوائد السياسية لأي اتفاق بمعرفة تاريخ الصراع وبالأخص في نطاق الحركات المسلحة لتقدير مدى العائد على الحكومات والشعوب من إبرامه، إذ بدأت تلك الصراعات في الاحتدام بقوة مع انفصال جنوب السودان في يوليو2011 وتكوينه دولة مستقلة، فمنذ ذلك الوقت اختبرت الخرطوم القتال العنيف مع حركات التمرد في دارفور، ومن ثم اندلعت صراعات شرسة أيضًا في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

 

على الرغم من كون هذه المجموعات شكلت بالأساس قبل انفصال جنوب السودان، من أجل إرساء قواعد الديمقراطية ومعارضة عمر البشير، ولكن الانفصال السوداني أسهم في تمزق البلاد وإشعال الاقتتال الداخلي به إبان حكم الرئيس المعزول.

 

وباتت هذه الحركات المسلحة تستنزف الأمن الداخلي للبلاد، ولكن يبقى المتغير الأهم في صراعاتها مع الحكومة وما أسهم حاليًا في اتفاقها مع الحكومة الانتقالية بالسودان هو توحدها في جبهة واحدة لإدارة الملف، ففي 2013 اتحدت تلك الحركات مكونة الجبهة الثورية السودانية لتقاتل مجتمعة في منطقة (أبكر شولة)، وتستطيع فرض السيطرة عليها كنقطة تحول في صراعها مع حكومة عمر البشير لإقامة دولة سودانية أكثر ديمقراطية.

 

ويبدو من ذلك أن الترتيبات الأمنية بشأن بداية التصفية للأجنحة المسلحة لهذه الحركات يعد مكسبًا إذا ما استطاعت القوى السياسية والدولية تطبيقه على أرض الواقع بما يضمن عدم الإخلال ببنود الاتفاق المرجو منه إرساء سلام دائم وشامل في السودان.

 

ومن جهته قال أشرف عبدالعزيز، رئيس تحرير صحيفة الجريدة، في تصريحات إعلامية إن اتفاق السلام الذي جرى توقيعه في «جوبا» يعد خطوة مهمة للغاية من أجل تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد مشيرًا إلى أن ذلك من شأنه تحفيز باقي الجبهات المسلحة التي لم توقع على الاتفاق للانضمام له.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الحركات التي لم يشملها الاتفاق هي؛ حركة جيش تحرير السودان جناح عبدالواحد نور، والتي تقاتل في دارفور منذ سنوات، والحركة الشعبية لتحرير السودان جناح عبالعزيز الحلو.