دراسة تؤكد أهمية الطفيليات بالنسبة للبشر وضرورة حمايتها

منوعات

اليمن العربي

بعكس كثير من الثدييات والطيور والأسماك التي تحظى بإعجاب البشر وتعاطفهم، فضلا عن أموالهم المخصصة لحماية الأنواع المهددة بالانقراض، تنظر الغالبية العظمى من البشر إلى الطفيليات باعتبارها كائنات لابد من القضاء عليها وليس حمايتها.

 

ولكن الواقع أن 4% فقط من الطفيليات يمكن أن تصيب الإنسان، فيما تؤدي الغالبية العظمى من هذه المخلوقات أدوارا مهمة من الناحية البيئية، مثل تحقيق الانضباط في الحياة البرية التي لولا الطفيليات لتضخمت أعداد الكائنات التي تعيش فيها وتحولت إلى آفات.

 

وجدير بالذكر أن عدد الطفيليات التي تم التعرف على أنواعها لا يتجاوز 10% فقط من إجماليها، ونتيجة لذلك ظلت هذه النوعية من المخلوقات بعيدة عن أنشطة حماية الأنواع والدراسات البحثية.

 

ولكن جماعة دولية من الباحثين تريد تغيير هذا الوضع، حيث نشر فريق يضم 12 من كبار علماء البيئة، ومن بينهم الباحثة تشيلسي وود، من جامعة واشنطن الأمريكية دراسة بحثية الشهر الجاري في دورية "بيولوجيكال كونسرفيشن" العلمية تحدد أسس خطة طموحة لحماية الطفيليات في العالم.

 

ونقل الموقع الإلكتروني ساينس ديلي المتخصص في العلوم عن وود، وهي أستاذ مساعد بكلية علوم البحار والمصايد في جامعة واشنطن قولها إن "الطفيليات هي فصيلة متنوعة للغاية من المخلوقات، ولكننا كمجتمع لا نعترف بقيمة هذا التنوع البيولوجي".

 

وأضافت أن هدف الدراسة هو "التأكيد على أننا نخسر الطفيليات والوظائف التي تؤديها دون أن نعرف بها".

 

وتتضمن الدراسة 12 هدفا يتعين تحقيقها خلال السنوات العشر المقبلة لحماية التنوع البيولوجي للطفيليات، من خلال مزيج من الدراسات وجهود الإدارة والدعم.

 

ولعل أكثر هذه الأهداف طموحا هو تصنيف نصف الطفيليات التي تعيش في العالم خلال السنوات العشر المقبلة، حيث أن هذه الخطوة تمثل عنصرا مهما من جهود حماية هذه الكائنات.

 

ويقول كولين كارلسون الباحث بجامعة جورج تاون الأمريكية : "إذا لم يكن هناك مسمى لفصيلة معينة، فلن نستطيع حمايتها"، مضيفا أن العدد الذي تم تصنيفه من الطفيليات لا يتجاوز نسبة ضئيلة من أعدادها الحقيقية على هذا الكوكب، ولكن هذه الكائنات تعيش في أعماق البحار وأعالي الفضاء وداخل كل كائن على سطح الأرض".

 

وأكد الباحثون أن خطط الحماية التي وضعوها لا تتضمن طفيليات من الفصائل التي تلحق الضرر بالإنسان أو الحيوانات الداجنة، وأعربوا عن اعتقادهم أنه من الضروري السيطرة على الطفيليات من أجل حماية صحة الإنسان والحيوان على حد سواء.

 

وتهتم الدراسة التي أجراها فريق وود بمعرفة رد فعل الطفيليات تجاه التغيرات في البيئة التي تعيش فيها، ومدى تأثير هذه التغيرات على انقراض فصائل معينة من هذه الطفيليات.

 

وتوضح وود أن الطفيليات في كثير من الأحيان تحتاج إلى عائل واحد أو أكثر لاستكمال دورة حياتها، بمعنى أن بعض الطفيليات تصيب الأسماك في البداية ثم تنتقل إلى الطيور للتكاثر والانتشار.

 

وتحقق الطفيليات هذه الخطوات بأساليب عبقرية، وغالبا ما يتم ذلك عن طريق التلاعب في سلوكيات أو حتى التركيب التشريحي للعائل الأول، مثل أن تعدل سلوكيات الأسماك بحيث تجعلها أكثر عرضة لأن تتغذى عليها الطيور، وبهذه الطريقة يستطيع الطفيل الانتقال من العائل الأول إلى الثاني من أجل مواصلة دورة حياته.

 

وبالنظر إلى هذه الديناميكية، تريد وود وزملاؤها معرفة ما قد يحدث للطفيليات المختلفة في حالة حدوث أي تغيرات على البيئة التي تعيش فيها.

 

ومن أجل دراسة هذه النقطة، صمم الباحثون تجربة تشمل 16 بحيرة في منطقة "إيست باي" بوسط ولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث قاموا بوضع بيوت للطيور وأجسام طافية على أسطح البحيرات من أجل تعديل نمط حياة هذه الطيور وإحداث تغيير في البيئة الطبيعية ودعم التنوع البيولوجي في هذه البحيرات، وبعد عدة أعوام، حلل الباحثون التنوع البيولوجي للطفيليات في جميع هذه البحيرات، وتوصلوا إلى أن بعض الطفيليات استجابت للتغيير عن طريق تخفيض أعدادها، فيما قامت أنواع أخرى بزيادة أعدادها في استجابة للزيادة في أعداد الطيور.

 

وأكد الباحثون، بناء على نتائج هذه الدراسة، أن الطفيليات تبدي استجابة مختلفة حيال التغيرات البيئية التي تتعرض لها، وتتجلى هذه الاستجابة المختلفة حتى من جانب الطفيليات التي تعيش في نفس البيئة.

 

ويعكف الفريق البحثي الذي ترأسه وود على إعادة رسم تاريخ الطفيليات، من خلال توثيق فصائل الطفيليات التي ارتفعت أو انخفضت أعدادها، غير أنه لا يوجد سجل تاريخي لهذه الكائنات، وبدون هذه المعلومات، لن يكون من السهل معرفة كيفية الحفاظ عليها وحمايتها.

 

ويحاول فريق الدراسة عن طريق تشريح فصائل الأسماك المختلفة في المتاحف التعرف على الطفيليات المختلفة التي عاشت داخل هذه الأسماك في مختلف الأماكن والأزمنة.