إلى القائد المحافظ البحسني: امنح موظفيك فرصة ليكونوا قادة بالغاء المركزية

اليمن العربي

تابعت باهتمام كبير كلمة اللواء فرج سالمين البحسني محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية، التي القاها يوم الاحد 9 اغسطس 2020، خلال اجتماعه في مقر مؤسسة بحر العرب بالمكلا، وحضره عدد من الوكلاء ومدراء عموم الادارات الخدمية، الى جانب عدد من قيادات الأجهزة الأمنية في المحافظة، وقد استعرض الاخ المحافظ كثير من القضايا الحيوية، ووجه بشأنها المسؤلين للقيام بها وتنفيذها، ولكن ما أستوقفني هو تشديده على جانب الانضباط الوظيفي، وضرورة حل مشاكل المواطنين وتسهيل حياتهم خاصة في مجال الخدمات، وتأكيده المتكرر على دور الوكلاء ومدراء عموم الادارات والمؤسسات في حل هذه المشاكل، وهذا من صلب مهامهم بل هو مبرر وجودهم في قيادة هذه الادارات والمؤسسات.

مع تأكيدي لما ورد في كلمة المحافظ في الجوانب المذكورة سلفا، الا اني أتسائل هنا، ماحيلة هؤلاء المسؤلين؟!، وماهي امكانياتهم في تنفيذ ماطلبه منهم السيد المحافظ، والقيام بتلك المسؤليات؟!، فهم مجردون من كل الصلاحيات، والسيد المحافظ يعلم كل العلم ان من خاطبهم لاحول لهم ولاقوة، كون جميع الصلاحيات متركزة في يده هو شخصيا، فلايستطيع وكيل او مدير عام ان يقدم خدمة لموظفه بدون العودة للمحافظ، فكيف به أن يخدم المواطنبن ويوفر متطلباتهم؟!.

اذا كان المدير العام لايستطيع مقابلة المحافظ الا بشق الانفس لاسباب مختلفة، فكيف يمكن لهذا المدير ان يقدم شئ وهو أصلا فاقد له؟!، الكل يعلم ان الوكلاء ومساعديهم ماهم الا مناصب صورية، تستخدم للظهور في المناسبات والاجتماعات، وان المدراء العامين ماهم الا موظفين منزوعين الصلاحيات.

اي مدير عام أو مسؤل هذا لايستطيع تقديم خدمة علاج لموظف لديه، فما بالنا بترقيته او تكريمه بدون العودة للاخ المحافظ؟! وأي خدمة سيقدمها هذا الوكيل ان كان ممنوع عليه مساعدة رب أسرة عاطل عن العمل، أو مريض عجز عن توفير قيمة علاجه، أو مساعدة أسرة فقيرة في تسديد جزء من فاتورة الكهرباء أو الماء أو الايجار؟!.

جميع مدراء اداراتنا ومؤسساتنا الحكومية منزوعين الصلاحيات وحرية التصرف الا بالعودة للاستئذان، وهذا قتل أي تفكير لديهم للابداع، ولن يتمكن أي مسؤل من تقديم أي شئ لتطوير أداء مرفقه، ناهيك عن تلبية احتياجات المواطنين، وبالتالي تكون عملية النهوض وتحقيق تنمية شاملة غير ممكنة بل مستحيلة.

المركزية هي الداء العضال الذي ظلت تعاني منه الادارة في بلادنا، وقتلت كل ابداع عند الموظفين رؤساء ومرؤسين، ولايمكن لهذه المؤسسات أن تنهض بأدوارها وأدائها في المجتمع، في ظل القيود المفرطة التي تكبل هؤلاء المسؤلين، وتمنعهم عن حرية التصرف والتفكير الابداعي.

ثقتي كبيرة في نزاهة الأخ محافظ المحافظة، وفي نواياه الحسنة ورغبته في احداث تنمية ونهضة حقيقية وشاملة في حضرموت، ولكن كل ذلك لايفيد في شئ، لأن الأوطان لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط، وهي مهمة، بل الشرط الأول، ولكن النوايا الحسنة تحتاج لما يدعمها وييسر سبل تحقيقها على الواقع، ومن ذلك، أن تخلق مساحة كبيرة من الحرية للموظفين، وأعني بهم مدراء الادارات ومسؤلي المؤسسات، لأن الحرية مع وجود الصلاحيات الكاملة بما تحددها القوانين، هي المحفز ليبدع هؤلاء المدراء والمسؤلين، وتجعل منهم قادة حقيقيون وليسوا مجرد موظفين، يقومون بأداء وظيفة روتينية، يلتزمون ويهتمون خلالها بساعات الدوام لاغير، دون أن تكون لديهم قدرة على الخلق والابداع.

ختاما، عندما يقوم المسؤلين أو المدراء العامين بنقل المشاكل الى من هو أعلى سلطة منهم، فهم بذلك يكونون مجرد مراسلين، ولا أظن محافظنا العزيز يرضى بفريقه الاداري العامل معه أن يتصفوا بهذه الصفة، وعندما ينقل هؤلاء المسؤلين والمدراء المشاكل مع مقترحات بحلها فانهم فهم بذلك مجرد موظفين اداريين، ومثل هؤلاء لايمكن أن يقدموا شئ للمجتمع، ولكن عندما يقوم هؤلاء المسؤلين بحل المشاكل وفقا وصلاحيات واسعة، فانهم يكونون في مستوى القادة، وهذه الصفة التي يجب أن يحرص محافظنا على أن تكون في جميع المسؤلين والمدراء العامين العاملين معه، لأنهم بذلك سيتمكنون من تقديم الكثير والكثير لصالح مؤسساتهم وللمجتمع، ولكن ذلك لن يتحقق الا بانهاء المركزية المفرطة، واعادة الثقة للمدراء والوكلاء من خلال منحهم الصلاحيات الكاملة وفقا والأنظمة واللوائح، وأن يكونوا مسؤلون أمامه ومستعدين للمحاسبة والمحاكمة في حال الاخطاء او المخالفات المجرمة قانونا.

تمنياتنا أن يعكس السيد المحافظ نواياه الطيبة، واقعا ملموسا في منح الوكلاء والمدراء العامين الصلاحيات الكاملة، لينعكس ذلك في واقع المواطنين والمحافظة بشكل عام.