محاولات قطرية لإخفاء فضيحة دعمها حزب الله الإرهابي

عرب وعالم

اليمن العربي

على مدار عامين ونصف، لعب مايكل إيناكير، مدير شركة العلاقات العامة والضغط "WMP Eurocom" التي تتخذ من برلين مقرا لها، دورا بارزا في محاولات الدوحة إخفاء فضيحة دعمها لتنظيم حزب الله الإرهابي بالمال والسلاح.

 

لكن دور شركة "WMP Eurocom" في هذا الملف، ليس جديدا عليها، حيث تتولى ملف الدعاية لقطر، وتحسين صورتها في وسائل الإعلام منذ سنوات، رغم سجل الأخيرة في انتهاك حقوق العمال، وضد مبادئ الشركة نفسها.

 

ففي عام 2014، أعلن رئيس شركة WMP Eurocom السابق، هانز هيرمان تيديج، أن الشركة "لن تتعامل مع "تجار البشر وتجار الأسلحة وتجار المخدرات"، وصك هذه المقولة كقاعدة حاكمة لعملياتها.

 

لكن هذا المبدأ لم يمنعها من التعامل مع قطر في العام نفسه، وخلال السنوات اللاحقة عليه حتى الوقت الحالي، رغم انتهاكات قطر لحقوق العمال الأجانب في منشآت كأس العالم، وشرائها أسلحة لحزب الله اللبناني، ومنحه أموالا، بل إن الميلشيا اللبنانية نفسها تعمل بالإتجار بالمخدرات في أوروبا.

 

وأقر هيرمان تيديج نفسه في تصريحات صحفية نهاية 2014، بأن الدوحة زبون مهم في شركته، ثم ترك رئاسةWMP Eurocom لمايكل إيناكير في 2015، واستمر الأخير في التعامل مع الحكومة القطرية رغم اتهامات تمويل الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان التي لاحقتها.

 

ووفق مجموعة فونكه الإعلامية الألمانية، فإن شركة WMP Eurocom قدمت العديد من الخدمات للدوحة خلال السنوات الماضية، منها العمل على تحسين صورتها في وسائل الإعلام الألمانية، وتقوية شبكة اتصالاتها مع دوائر السياسة الألمانية.

 

لكن جهود الشركة في تحسين صورة قطر ببرلين فشلت فشلا ذريعا بسبب تنامي الانتقادات الإعلامية في الصحف الألمانية، لملف انتهاكات حقوق العمال الآسيويين في منشآت كأس العالم 2022.

 

وفي يونيو/حزيران 2019، فجرت قناة "في دي آر" الألمانية قضية الانتهاكات، ونشرت تحقيقا مصورا بعد أن نجحت في اختراق أماكن إقامة وعمل العمال في الأراضي القطرية، ما مثل في حينه ضربة قوية لصورة الدوحة إعلاميا.

 

في 2017، ظهر عميل استخبارات سابق خدم في عدد من أجهزة الاستخبارات الغربية، معروف إعلاميا باسم "جايسون جي"، في أروقة شركة WMP Eurocom في برلين، من أجل قضية تمس قطر.

 

ويملك جايسون جي، ملف وثائق ثمين يشمل معلومات عن صفقة سلاح اشترتها شركة قطرية من أوروبا الشرقية، لصالح حزب الله، وأموال جمعتها منظمتان قطريتان تعملان تحت غطاء العمل الخيري، لصالح الميلشيا اللبنانية، بمعرفة عنصر من العائلة القطرية الحاكمة ومسؤولين حكوميين في الإمارة.

 

وفي مقر الشركة في برلين، قدم جايسون جي، ملف الوثائق الذي بحوزته إلى مايكل إيناكير، من أجل أن يلعب الأخير دور الوساطة مع الدوحة لتسوية الأمر مقابل مبلغ من المال.

 

ومن ثم، بدأت محاولات التغطية على هذه الوثائق، إذ قدم إيناكير صورة من الملف إلى دبلوماسي قطري كبير على علاقة قوية به، هو سفير قطر في بلجيكا، عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي.

 

وفي مطلع 2019، نجحت وساطة إيناكير في تنظيم أول لقاء بين جايسون والخليفي في بروكسل، حيث تناول الرجال الثلاثة الغداء.

 

ومنذ هذا التاريخ، التقى جايسون والخليفي 6 مرات في بروكسل، عبر فيها الأخير عن سعادته "لمشاركة جايسون جي في تطهير بلاده من المشاركين في تمويل التنظيمات الإرهابية"، وتعهد بـ"طرد المشتبه بهم" من أروقة السلطة القطرية.

 

وأبلغ جايسون صحيفة "دي تسايت الألمانية"، في وقت سابق، أنه حصل في كل اجتماع مع الخليفي على ١٠ آلاف يورو، ثم سلمه القطريون بعد ذلك ١٠٠ ألف يورو.

 

وفي بداية ٢٠١٩، وقع جايسون جي والدبلوماسي القطري مذكرة تفاهم، اطلعت مجلة "شتيرن" الألمانية على نسخة منها، تنص على عمل جايسون كمستشار للدوحة لمدة عام، مقابل ١٠ آلاف يورو شهريا، فضلا عن مدفوعات أخرى حصل عليها في نفس الفترة.

 

وتعهد الخليفي لجايسون بعدم ملاحقته بتهم التجسس، وعدم مشاركة المعلومات الموجودة بالملف مع دول أخرى.

 

وحصلت شركة "WMP Eurocom" الألمانية على 20% من إجمالي الأموال التي حصل عليها جايسون بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها في أغسطس/آب 2019، مقابل وساطتها.

 

ورغم هذه الكمية من الأموال، احتفظ جايسون بأصل الملف، ولم يمنحه للخليفي، لذلك بدأ الأخير، بوساطة من إيناكير، السعي لتوقيع اتفاقية صمت مع العميل الاستخباراتي.

 

ومع بداية 2020، عرض الخليفي على جايسون توقيع اتفاقية صمت مقابل حصول العميل الاستخباراتي على 750 ألف يورو جديدة.

 

وكانت الاتفاقية تلزم جايسون بعدم الحديث عن الملف الذي بحوزته وما فيه من معلومات، وتنص على غرامة ضخمة في حال مخالفته الاتفاق، وفق دي تسايت.

 

فيما نقلت صحيفة "برلينر تسايتونغ" عن مصادر لم تسمها أن مايكل إيناكير كان وسيطا في التفاوض بين الخليفي وجايسون على توقيع اتفاقية الصمت.

 

وكان الاتفاق ينص على حصول الشركة التي يديرها إيناكير على 300 ألف يورو من قطر في حال نجاحها في إقناع جايسون بتوقيع الاتفاق.

 

وبالفعل، تواصل إيناكير مع شركة محاماة كبيرة في ألمانيا لمساعدة جايسون في صياغة وتوقيع اتفاقية الصمت مع قطر.

 

ثم وقع جايسون عقد مع شركة المحاماة بالفعل يوم 18 مايو/أيار الماضي، لتكون ممثلة له رسميا، وتبدأ صياغة الاتفاق مع قطر، وفق مجلة شتيرن.

 

لكن في 13 يوليو/تموز الماضي، أرسل جايسون رسالة بريد إلكتروني إلى مكتب المحاماة، يبلغه فيها بتراجعه عن توقيع اتفاق الصمت مع قطر، وبالتالي فشلت شركة "WMP Eurocom" مرة أخرى في حماية صورة الدوحة أو على الأقل تجميلها.

 

وبرر جايسون رفضه التوقيع في تصريحات لصحيفة "دي تسايت"، حيث قال إنه "أبرم الصفقة الأولى مع القطريين؛ لأنهم تعهدوا بطرد ممولي حزب الله من أوساط السياسة والسلطة" لكنهم لم يفعلوا شيئا، ومن ثم تراجع عن توقيع اتفاق الصمت.

 

وبعدها، كشف جايسون المعلومات التي بحوزته لصحيفة دي تسايت الألمانية، وقال في هذا الإطار "كشفت المعلومات لفضح ممولي حزب الله في قطر والمسؤولين القطريين الذين يوفرون لهم الحماية".