تحذير فرنسي من الرئيس التركي "العدو الاستراتيجي" للناتو

عرب وعالم

اليمن العربي

حذر مسؤول عسكري فرنسي سابق من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أصبح بمثابة "عدو استراتيجي" داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو).

 

وشدد على أن طموحاته الجيوسياسية تهدد المصالح الأمنية الأوروبية، وتصعد حدة التوتر في المنطقة، مؤكدا ضرورة عدم الاستهانة بأطماعه.

 

وشكك الأدميرال باتريك شيفاليرو، ملحق الدفاع الفرنسي السابق بالمملكة المتحدة، في مقال نشره "المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية"، ومقره بريطانيا، في قيمة تحالف سياسي عسكري عمره 70 عامًا، في وقت لا تشارك دولة عضو مثل أنقرة نفس القيم، ويصطدم سلوكها بالمصالح الأمنية للبقية.

 

وقال إن الحادث البحري الأخير في البحر المتوسط بين السفن الحربية الفرنسية والتركية يمثل تطوراً دراماتيكياً آخر في وضع متدهور بالفعل، يشمل تركيا العثمانية الجديدة التي تملك طموحات جيوسياسية متزايدة، تتصادم مع المصالح الأمنية الأساسية للعديد من البلدان الأوروبية.

 

وفي 10 يونيو/حزيران الماضي، اعترضت السفينة التجارية "جيركين" التي تبحر تحت العلم التنزاني، الفرقاطة الفرنسية "كوربيه"، التي كانت تشارك في مهمة حراسة بحرية تابعة لحلف الناتو، للحفاظ على الوعي بالمواقف البحرية، وكذلك ردع ومكافحة الإرهاب.

 

ولفت إلى أن السفينة التجارية كانت ترافقها سفن حربية تركية، يشتبه في تهريبها الأسلحة إلى ليبيا منتهكة لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2473، الذي يفرض حظرا على توريد الأسلحة إلى ليبيا.

 

وفي وقت سابق من ذلك اليوم، تعرضت السفينة "جيركين" لمحاولة اعتراض من فرقاطة يونانية تشارك في عملية "إيريني" التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى تنفيذ حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة.

 

ووفقا للمسؤول العسكري، أطلقت السفن التركية رادار التحكم في إطلاق النار 3 مرات على الفرقاطة الفرنسية "كوربيه"، بينما يرتدى أفراد الطاقم سترات مضادة للرصاص وكانوا يحملون أسلحتهم الخفيفة.

 

واعتبر أنه حتى بمعايير مواجهات الحرب الباردة بين القوات البحرية الغربية، وقوات البحرية السوفياتية في البحر المتوسط آنذاك التي كانت تسمى "اسكادرا"، فإن سلوك البحرية التركية عدوانيا للغاية.

 

وبعد ذلك مباشرة، طلبت فرنسا عقد اجتماع لمجلس الناتو لمناقشة الحادث وطلبت تحقيقًا رسميًا من قبل الحلف.

 

وارتأى أن منظور اعتماد تركيا على معارضتها القديمة للموافقة على خطط الدفاع لحلف شمال الأطلنطي لبولندا ودول البلطيق ربما لعب دورًا في الصمت الرسمي لتلك الدول، ومع ذلك لا ينطبق أي من هذه الاعتبارات على صمت الولايات المتحدة.

 

لكن الجدير بالملاحظة أن جميع دول الناتو الأوروبية المتوسطية (باستثناء كرواتيا وألبانيا) أيدت طلب فرنسا التي علقت مشاركتها في المهمة وطلبت من التحالف اعتماد بعض التدابير بشكل جماعي.

 

وأكد شيفاليرو أنه لا ينبغي الاستهانة بخطورة المواجهة التكتيكية التي وقعت في 10 يونيو/حزيران، في ظل مخاطر التصعيد؛ لكن الانقسام الاستراتيجي المتنامي بين أعضاء الناتو، والذي تؤكد عليه هذه الأحداث أكثر إثارة للقلق بشأن مستقبل الحلف.

 

وأضاف أنه مع عقد الناتو قمة تلو أخرى، يجرى التشكيك بانتظام في أهمية القيمة المضافة الملموسة للناتو في مواجهة بعض الأمور المهمة، ومنها المخاطر على الجناح الجنوبي،

 

ولفت إلى أن من بين المهام الأساسية الثلاث للمفهوم الاستراتيجي للناتو لعام 2010؛ الدفاع الجماعي وإدارة الأزمات والأمن التعاوني، لكن إدارة الأزمات هي الحلقة الأضعف، والتي بدورها تجعل القاسم المشترك للمصالح الاستراتيجية أكثر هشاشة.

 

وأكد أن مشاركة أردوغان العسكرية النشطة في دعم أحد الفصائل المتحاربة في ليبيا ووكلائها المتطرفين، ومن خلال ازدرائه لقرار مجلس الأمن، يغذي الزعيم الاستبدادي التركي صورة الدولة الإمبريالية الصاعدة التي تؤثر أجندتها مباشرة على المصالح الأمنية الأوروبية.

 

وحادثة الشهر الماضي، وفقا للكاتب، تضيف إلى قائمة طويلة من الإجراءات التركية الاستفزازية، تشمل الاستحواذ على منظومة الدفاع الصاروخي الروسية "إس-400"، والتهديد المتكرر بإنهاء اتفاقية الدعم مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 6 مليار يورو، وفتح حدود تركيا لملايين اللاجئين الشرق أوسطيين تجاه أوروبا، وكذلك الهجوم العسكري في يناير/كانون الثاني 2019 ضد حلفائنا الأكراد في شمال سوريا.

 

وأوضح أن عودة ظهور الكيانات الإرهابية في شمال سوريا، ودعم الفصائل المتطرفة في ليبيا من خلال تصدير أنقرة مؤخرًا آلاف المرتزقة السوريين سيشكل سيناريوهات مقلقة لباريس ومعظم العواصم الأوروبية الأخرى، كما ينطوي على خطر نشر المزيد من عدم الاستقرار في منطقة الساحل.

 

ومضى قائلا: كل هذا يعزز الشعور بالاختلاف الواضح في القيم بين تركيا وبقية أوروبا، كما أن هجمات أردوغان على المؤسسات الديمقراطية التركية من الاتجاهات المقلقة بالفعل التي يمكننا ملاحظتها في عدد قليل من ديمقراطيات أوروبا الشرقية، وتشمل مقاضاة الصحفيين والقضاة والمحامين وسجنهم، وتطهير مئات الضباط الأتراك الذين خدموا في قيادة الناتو، وسُجنوا في كثير من الحالات.

 

وأردف: إذا كانت عضوية الناتو ستؤدي إلى حماية إجراءات التهديد التي تقوم بها تركيا في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا بشكل فعال، من أي عواقب ملموسة، فإن ذلك سيُنظر إليه باعتباره أقل قبولًا من قبل الحكومة في باريس، وهذا المعنى الضمني الحقيقي لما تقوله السلطات الفرنسية في بروكسل.

 

واختتم بالقول، إنه سيكون من الخطأ التقليل من حجم إحباط فرنسا، ولا ينبغي نسيان أن باريس في المرتبة الثالثة بين المساهمين في الميزانية المشتركة للناتو، وقبل كل شيء، يعتبرها العديد من المحللين ثاني أكبر عضو ذي مصداقية عسكرية في الحلف.