مجلة فرنسية تكشف كواليس زيارة برنار ليفي إلى ليبيا

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف مجلة فرنسية في تقرير لها، كواليس وتفاصيل زيارة الكاتب المثير للجدل برنار هنري ليفي، الذي اضطر لمغادرة ليبيا بعد ساعات من وصوله للتحقيق في مقابر جماعية مزعومة، بعد أن تعرض لهجوم لاذع ومهاجمة موكبه.

 

وقالت مجلة جون أفريك في تقرير نشر بنسختها الإلكترونية امس، إن برنار هنري ليفي ووزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، قدّما  في 25 يوليو/تموز في ليبيا، ”عرضا جديرا بمسرح العبث“، وفق وصفه، مشيرا إلى أن الكاتب الفرنسي هبط، السبت الماضي، في طائرة خاصة في مطار مصراتة على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس في برنامج مبدئي لمدة يومين.

 

غير أن مؤلف كتاب ”الحرب بلا حب: يوميات كاتب في قلب الربيع الليبي“ -حيث يسلط الضوء على دوره في دخول فرنسا الحرب ضد معمر القذافي- لم يمض سوى عشر ساعات على التراب الليبي.

 

وذكرت أن هذه الساعات خُصصت  لمقابلة صناع القرار السياسي والعسكري والاقتصادي في طرابلس والوقوف بالقرب من مقابر جماعية مزعومة حول ترهونة، على بعد 80 كيلومترا جنوب شرق طرابلس، انتهت بهجوم على موكبه من قبل ميليشيا.

 

وعاد ليفي البالغ من العمر 71 عاما، والذي لم تطأ قدماه ليبيا منذ عام 2011، من حيث أتى في نفس الليلة دون مقابلة الرجل الذي أحضره على الأرجح فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة الوفاق، ومقرها طرابلس والذي تم تحديد الاجتماع معه صباح اليوم الأحد، وكل ذلك من أجل أن يعدّ ليفي انطلاقا من زيارته السريعة تقارير لصحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية كما يدعي.

 

ويعلّق كاتب التقرير: ”ليس هذا فحسب، ففي هذه المسرحية احتل برنارد هنري ليفي مركز الصدارة، لكن أبطال الدراما الحقيقيين كانوا نشطين خلف الكواليس“.

 

ويضيف التقرير: ”في طرابلس يريد القادة، -بمن في ذلك فتحي باشاغا- إعداد البيتزا التركية الشهيرة في طرابلس بنكهات فرنسية، في إشارة ضمنية إلى ما اعتبره ”إعادة سيئة لما جرى في 2011″، ليظهر برنارد هنري ليفي في دور حلقة الوصل بين الليبيين والفرنسيين“.

 

ويعود التقرير إلى كواليس الزيارة قائلا إنه ”عند النزول في مطار مصراتة كان على برنار ليفي وفريقه الاستفادة بالضرورة من الدعم عالي المستوى، حيث تم إغلاق الحدود رسميا، ولعدة شهور، وينتظر العديد من الدبلوماسيين والعاملين في المنظمات غير الحكومية حاليا الإذن بالمرور، وظلت الشكوك قائمة فيما يتعلق بالحصول على التأشيرة لبرنار ليفي ولكن، وفقا لأحد مصادرنا، كان جواز السفر سيسحب منه في مطار مصراتة بعد أن وافقت وزارة الداخلية على دخوله، وعلى عكس ما قاله على الفور في التلفزيون المحلي فإن برنارد ليفي لم يأت فقط للعب دور الصحفي، بينما رفضت وزارة الداخلية الليبية التعليق على الزيارة“.

 

وسافر رئيس حكومة الوفاق فايز السراج على الفور إلى تركيا يوم السبت الماضي، فور علمه بالزيارة لإجراء تحقيق، وتوعد بفرض عقوبات على جميع أولئك الذين ساعدوا الكاتب الفرنسي على الدخول إلى ليبيا.

 

ولفت التقرير إلى أن ”الصور التي نشرها ليفي على تويتر ببدلة وقميص أبيض مفتوح، يحيط به رجال مسلحون يرتدون ملابس وأقنعة، صدمت بشكل عام مستخدمي الإنترنت الليبيين، إضافة إلى فيديوهات المقاتلين الذين يطلقون شعارات معادية للسامية ما حوّل الزيارة إلى إخفاق“.

 

وأوضح التقرير نقلا عن ولفرام لاشر، المتخصص في الشأن الليبي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أنّ ”مقاتلي ترهونة الذين منعوا قافلة برنار ليفي من الدخول إلى المدينة بعنف، كان أحدهم يصرخ ”كلب يهودي“، ما لا يعطي صورة جيدة عن المؤيدين المسلحين لحكومة الوفاق، لكنها كانت فكرة رائعة لمغادرة ليفي المكان للفت الانتباه إلى الجرائم التي ارتكبت في ترهونة“، وفق قوله.

 

في المقابل علّق النائب في البرلمان عن منطقة مصراتة محمد عبد الكريم رائد، على زيارة ليفي بالقول: ”إنه صحفي عظيم ومعروف في فرنسا، من المهم لوسائل الإعلام أن تكون قادرة على التحقيق في مقابر حفتر في ترهونة“.

 

وزعم رائد الذي يشغل رئيس غرفة التجارة والصناعة الليبية ويمثل واحدا من أكبر أثرياء البلاد، أنه لم ير ليفي سوى لبضع دقائق في فندق برفقة رجال أعمال آخرين، وأن الأمر كان يتعلق فقط بالاقتصاد وليس السياسة.

 

ولكن وفقا لبرنامج الزيارة التقى برنارد ليفي أيضا بمسؤولين أمنيين بمن فيهم أحمد أبو شحمة، رئيس الوفد العسكري لحكومة الوفاق الوطني لمناقشات 5 + 5 تحت رعاية الأمم المتحدة، وكذلك مع القادة محمد زهمو ومحمد شابون، في الخط الأمامي على جبهة سرت الحالية،  وجمعه أيضا لقاء الحنين مع رمضان زرموح، الرئيس السابق للمجلس العسكري في مصراتة، الذي كان قد عمل معه في عام 2011، عندما وصفه بأنه ”صديق“ الليبيين، بحسب التقرير.

 

وعلق عبد الحميد الدبيبة، وهو مهندس من  مصراتة، معترضا على الزيارة، وقال: ”زيارة عمل أم سياسة أم ذات طابع عسكري، لم يكن هذا المزيج من الأنواع يرضي الجميع، هل كان ليفي هناك كصحفي، أرسلته فرنسا أم الأمم المتحدة؟، نحتاج أن نعرف.. قام ببعض الأشياء المفيدة في عام 2011، لكن الوضع تغير“.

 

وأضاف الدبيبة: ”إنه شخصية تخلق المشاكل في ليبيا، ولسنا بحاجة لذلك، ولو جعل هذه الزيارة في صدارة عناوين الصحف والمجلات بأشكال مصقولة، لكان من الممكن أن يتحول الأمر إلى دراما وأزمة دبلوماسية كبيرة“.

 

وعلق أحد كبار المسؤولين في طرابلس بالقول: ”ليس من العبقرية التفكير في وضع هذه الزيارة في مكانها، وأنها ستستمر دون موجة ردات فعل، ففي أروقة وزارة الداخلية اللهجة مختلفة تماما، فقد تم استنكار الضربة الملتوية من الدائرة الداخلية للسراج، والتي تجاوزت عمدا جدول زيارة برنار ليفي لتشويه سمعة بطلها“.

 

وبحسب التقرير: ”يبدو أن فرنسا قد فقدت أيضًا القليل من المصداقية التي تركتها غرب ليبيا، فعلى الرغم من أن برنار هنري ليفي لم يكن على الأرجح مفوضا بشكل مباشر من باريس، فمن الصعب أن نتخيل أن القوة السابعة في العالم لم تكن على علم بهذه الرحلة“.

 

ويتساءل الباحث في معهد ”كلينجنديل“ في لاهاي، جليل الحرشاوي: ”هل خسرت فرنسا حقا؟، إنها تريد الاقتراب من حكومة الوفاق الوطني لمواجهة الهيمنة التركية، لكن اهتمامها أيضا هو إظهار الفوضى داخل السلطة في طرابلس، وهذا ما كشفته هذه الحلقة“