منتدى الإيسيسكو يدعو إلى اعتماد الأخلاق والكرامة في مواجهة الأزمات

عرب وعالم

اليمن العربي

أكد المشاركون في المنتدى الافتراضي العالمي، الذي عقدته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، الثلاثاء، تحت عنوان "دور القيادات الدينية في مواجهة الأزمات"، أن أي نموذج عالمي للتنمية الشاملة والمستدامة ينبغي أن يستند إلى منظومة أخلاقية روحية، انطلاقا من مرتكزين أساسيين، هما ضرورة الأخلاق العالمية، وضرورة حفظ الكرامة الإنسانية.

 

وجاء المنتدى تحت شعار "نحو تضامن أخلاقي عالمي للقيادات الدينية" بمشاركة الرئيس التشادي إدريس ديبي ومجموعة من الشخصيات الدينية والفكرية العالمية المرموقة وممثلين لعدد كبير من الهيئات والمؤسسات، وبالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة.

 

ودعا المنتدى، في بيانه الختامي، إلى ضرورة الالتزام بمبادئ أساسية خمسة، أولها حق الإيمان واحترام الأديان، والمبدأ الثاني حق الحياة ونشر السلم، والمبدأ الثالث التضامن الإنساني والتعاون في بناء اقتصاد عالمي عادل، فيما نص المبدأ الرابع على الالتزام بثقافة التسامح في القول والسلوك، وأخيرا مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل.

 

وفي كلمته، قال  إدريس ديبي إتنو، رئيس جمهورية تشاد، إن "الأزمات والصراعات الدرامية اليومية وارتفاع نسبة العنف والكراهية تقوض تطور بلداننا وتهدد قيمنا"، مضيفا "كل النزاعات تقوض الجهود التي نبذلها للسلام والأمن في العالم"

 

وأكد أن "أكثر الضحايا من المدنيين بما يحطم آمال الشعوب في مستقبل أفضل"، داعيا إلى ضرورة فض النزاعات في المنطقة وذلك بمعية القيادات الدينية ".

 

وأوضح الرئيس التشادي أن المقاربة الشاملة والشمولية للموضوع وحدها كفيلة لحشد الجهود وتحقيق الهدف المنشود، منوها بالدور البارز الذي تلعبه القيادات الدينية لإحلال السلام والاستقرار ونبذ العنف والكراهية.

 

واعتبر  قائلا "إن كل الكتب السماوية تعلمنا القيم التي تجعلنا نعيش حياة منسجمة"، مشيدا بأهمية تنظيم هذا المؤتمر من قبل الإيسيسكو الذي يستهدف التوصل إلى رؤية شاملة في مواجهة الأزمات.

 

وقال إن "الضمير العالمي وضمير القيادات الدينية يجب أن يكون في مقدمة من يسعون لتغيير العقليات"، مضيفا "نسعى للسلم مع الديانات السماوية الأخرى.. وتشاد تنظم كل عام يوماً وطنياً للصلاة والتعايش السلمي".

 

وأوضح إدريس ديبي أن "جائحة كورونا شكلت تحدياً لكل المجتمعات وهددت أنظمتنا الصحية والاقتصادية في كل الأمم"، معتبرا أن "مواجهة الجائحة يتطلب عملاً كثيرا لنسهم في حماية عالمنا، وأن للقيادات الدينية أهمية كبيرة في هذا الإطار لدورهم في نشر التوعية بالإجراءات الاحترازية لمواجهة "كوفيد- 19".

 

بدوره، قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى ترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية، مضيفا "معاني الأخوة والسلام أصبحت استثناء من قاعدة كلية تحكم مناطق عديدة من العالم على الأنانية والكراهية والصراع".

 

وأشار أن أصابع الاتهام باتت توجه إلى الأديان، التي جاءت لترسيخ السلام بين الناس والتأكيد على حرمة دم الإنسان وتوفير بيئة أخلاقية يعيش فيها الجميع، معتبرا أن علاقات الناس في القرآن هي علاقات تآخ وتعارف، ولا مكان في الإسلام لعلاقات الصراع والهيمنة الثقافية والاقتصادية بين الشعوب.

 

وأوضح الدكتور أحمد الطيب أن المجتمعات تعاني من خلل أخلاقي وديني على الرغم من الجهود الدولية للحفاظ على الأخلاق، مؤكدا أن "جائحة كورونا أصابت الجميع وكشفت عن أزمات كثيرة، خاصة على صعيد الأخلاق، فتسابق كثيرون على استغلال حاجات الناس".

 

وقال إن "وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقعناها مع قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي عام 2019، أكبر دليل على قدرة القيادات الدينية على التأثير وتحقيق القدوة في التضامن الأخلاقي العالمي".

 

 

وصرح الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، بأن هناك دور كبير للقيادات الدينية في مواجهة الأزمات، خاصة عند الحوادث الطارئة ذات الصلة بمواد الشريعة، وهي التي تتطلب حسماً علميا راسخاً، سواء في فقه النص الشرعي أو الاستطلاع البحثي مع مراعاة التصور التام للواقعة مع خطاب إسلامي مستنير يؤطر المادة العلمية بجمال وجلال الشريعة الإسلامية

وأكد أن "الأمة الإسلامية بل الإنسانية أجمع بحاجة إلى أفق العالم المستنير " مضيفا أن "جائحة كورونا جاءت على الجميع، والحلول يشترك فيها الجميع أيضاً، والاسهام الإسلامي مهم للغاية".

 

وقال إن "قيام القيادات الدينية بالتصدي للمستجدات فريضة دينية وأخلاقية وإنسانية، على أن تسهم في اختصاصها ولا تتعداه، لأنها تحترم الاختصاص".

 

واعتبر  الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية قائلا إن البقاء للأصلح ولا بقاء للفساد والمفسدين، والمعيار الأخلاقي ثابت ولا يقبل الكيل بمكيالين، والقيم الإنسانية لا تقبل ازدواج المعايير ولا ظلم الإنسان لأخيه الإنسان"، مضيفا أن جميع الشرائع السماوية اتفقت على القيم الإنسانية السامية من العدل والتسامح والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وصدق الحديث وبر الوالدين وحرمة مال اليتيم ومراعاة حق الجوار على مستوى الأفراد والقبائل والجماعات والدول.

وقال جمعة "ينبغي التمييز بكل وضوح بين الدين، الذي هو حق، وبين أطماع بعض الدول والجماعات، التي تتاجر بالدين لأغراض سياسية تتنافى مع صحيح الدين، معتبرا أن "الأمم، التي لا تبنى على الأخلاق والقيم، تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها، والتاريخ خير شاهد".

 

من جهته، أكد الدكتور علي النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة أن "اختيار موضوع المؤتمر مهم جداُ فالعالم اليوم يمر بأزمة تستهدف الإنسان والبشرية ولا تحترم حدود ولا جنسيات ولا أعراق، قائلا إن "المواجهة يجب أن تكون شاملة ومن الجميع ولا بد من تضافر جهود العالم لمواجهة مثل هذه الأزمات".

وأوضح "كل الشعوب عادت إلى الأديان.. إلى المنابع الرئيسية لتستلهم منها الحلول وتتطلع إلى القيادات الدينية كرموز ترشدها وتوجهها"، مضيفا "لا يمكن لأحد أن يلغي دور القيادات الدينية وعلى الأخيرة تحمل مسؤولياتها وتجعل الأديان جسور محبة وعمل مشترك لخدمة الإنسانية البشرية".

 

وقال النعيمي إن "كل الأديان فيها قيم نبيلة وتجمع قيم مشتركة وعلى القيادات السعي لإبرازها لنواجه الأزمات مع بعض كفريق واحد، مشيرا إلى ضرورة إدراك  القيادات الدينية مسؤولياتها الحقيقية وحدود هذه المسؤوليات.

 

واعتبر أن الجائحة أزمة على الجميع، لكن حجم التحدي اختلف من دولة لأخرى ولذلك على القيادات أن تحترم أبعاد الزمان والمكان في حال توجيه الناس في التعامل مع هذه الأزمة وأنه يجب احترام التخصص، واحترام دور الأطباء والخبراء وتوظيف التوجيهات الشرعية والفتاوى بما يحقق مقاصد الشرعية.

 

وأشار أيضا إلى ضرورة احترام القيادات الدينية للقرارات السياسية التي تصدرها مختلف الدول في التعاطي مع الأزمة، والالتزام بالإطار السياسي في كل دولة، لأن مواجهة الأزمة ينبع من قرار سيادي تملكه قيادات تلك الدول وتحرص على حياة الناس وسلامتهم

 

 

كما اعتبر الدكتور سلطان الرميثي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين أن الأزمات تعد اختبارا حقيقيا يظهر معدن المجتمعات وثقافتها ووعيها، وجائحة كورونا تفرض أسئلة مهمة، مضيفا "نشهد حراكا في الوسط العلمي والأكاديمي والتشريعي ليتماشى مع عالم ما بعد كورونا .. وهناك جهود يجب أن تبذل لبناء المحتوى للعمل الفكري والديني بعد الخروج من الأزمة ".

 

وأكد أن الوباء أعاد مكانة أكبر للتقنيات ويجب على القيادات الدينية الالتفات لتسخير التقنيات للعمل الديني ، داعيا القيادات الدينية إلى ضرورة الاستثمار بوعي الإنسان وتطويره ليتولى مسؤوليته تجاه الآخر وتجاه مجتمعه كحارس للقيم الأخلاقية .

 

وأوضح الرميثي أن "هناك حاجة لإعادة ترتيب سلم الأولويات، فالعالم أجمع على أولوية الصحة، وضرورة أن يكون العمل السياسي والاقتصادي والديني مسخراً لصحة الإنسان ورفاهيته"، قائلا إن "جائحة كورونا فرصة حقيقية لإعادة الدعوة للتضامن العالمي في مواجهة المخاطر التي تحيط بالبشرية".

 

 

من جهته، صرح القاضي محمد عبد السلام، الأمين العام للجنة الدولية العليا للأخوة الإنسانية، قائلا: "نأمل أن تنجح الجهود العلمية في التوصل لحل بوجه فيروس كورونا، الذي لا يتوقف عن الفتك بالبشرية"، مضيفا "وباء كورونا يكشف مواطن الخلل، الذي أصاب الإنسانية وجعلها تبدو ضعيفة عاجزة عن مواجهة أزماتها".

 

وقال إن القيم الدينية في مقدمة عوامل النهوض والتقدم الإنساني بما تمتلكه من قدرة على توجيه سلوك الأفراد والمجتمعات نحو تحقيق التضامن والأخوة الإنسانية ونشر قيم السلام والمواطنة والعيش المشترك.

 

وأشار إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية دليل واضح على تأثير القيادات الدينية في توجيه حركة الشعوب نحو التسامح والإخاء الإنساني، حيث أثبتت الوثيقة أن الأديان لا تحمل بين طيات تعاليمها إلا الخير والسلام لكل الناس.