فضائح جديدة.. ماذا تخفي قطر بشأن كورونا وكأس العالم؟

عرب وعالم

اليمن العربي

أعلن منظمو نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقرّر إقامتها في قطر سنة 2022، الخميس، عن أول وفاة بوباء كورونا لشخص يعمل في مشاريع بناء المنشآت المخصصّة لإقامة المناسبة الرياضية.

 

وأثار هذا الإعلان التساؤلات، مجدّدا، بشأن مدى دقّة ما تعلنه السلطات القطرية بشكل رسمي، حول الوضع الصحّي داخل ورشات البناء الضخمة وفي مقرّات إقامة العمّال التي سبق أن شبّهت وسائل إعلام دولية أحدها بمعسكر اعتقال بالنظر إلى تكدّس المقيمين فيه بشكل مخالف لإجراءات السلامة والحماية من الوباء وبسبب شدّة الإجراءات الأمنية من حوله منعا لتسرب المعلومات والشكاوى من داخله.

 

وبالقياس إلى سرعة تفشي الفايروس في قطر قياسا بالعدد الصغير لسكّانها الذي لا يتجاوز 2.75 مليون ساكن غالبيتهم العظمى من الوافدين، وبالنظر إلى تواتر التحذيرات الصادرة عن منظمات حقوقية ووسائل إعلام دولية منذ ما لا يقل عن ثلاثة أشهر من مخاطر صحية حقيقية تحف بالعمال الأجانب في قطر، تبدو وفاة عامل واحد من عمّال منشآت كأس العالم أمرا مثيرا للتساؤل، خصوصا وأن لقطر سوابق في تزييف الأسباب الحقيقية لوفاة أعداد من هؤلاء العمّال خصوصا من يقضون منهم جرّاء سوء ظروف الشغل ونقص وسائل السلامة فيه، ما يرتّب على مشغليهم تبعات قانونية يمكنهم تفاديها بردّ حالات الوفاة إلى “أسباب طبيعية” مثل السكتات القلبية المفاجئة.

 

وقالت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير سابق لها إنّ المئات من العمّال الأجانب في قطر توفوا خلال السنوات الماضية بسبب سوء ظروف عملهم في منشآت مونديال 2022 ومن ضمنها إجبارهم على العمل في ظروف مناخية قاسية تتميّز بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة، لكنّ أسبابا أخرى للوفاة يتمّ تثبيتها في شهادات الوفاة من ضمنها السكتات القلبية المفاجئة.

 

وقال مصدر مقرّب من المنظمين القطريين لكأس العالم لوكالة فرانس برس إنه تم تسجيل 1102 إصابة بفايروس كورونا المستجد في أوساط العاملين في مشاريع تابعة للبطولة، بينما لا تزال 121 حالة منها نشطة.

 

وقالت اللجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولة عن تنظيم البطولة في بيان “تلقينا ببالغ الأسى في 11 من يونيو الجاري نبأ وفاة مهندس يبلغ من العمر 51 عاما ويعمل لدى شركة كونسبيل نتيجة إصابته بفايروس كورونا المستجد”.

 

وبحسب البيان فإن المهندس “عمل في مشاريع اللجنة العليا منذ أكتوبر الماضي، ولم يكن يعاني من أي مشكلات صحية”.وبينما لم تعلن اللجنة عن جنسية المهندس المتوفّى بكورونا، تساءل مصدر حقوقي إن كانت قطر تخفي العدد الحقيقي لعمال منشآت كأس العالم الموتفين بكورونا، لتجنّب المزيد من الدعاية السيئة للمناسبة الرياضية التي كثيرا ما كانت عرضة للانتقادات خصوصا عندما تثار الشكوك حول سلامة الطريقة التي تم بها إسناد امتياز تنظيمها لقطر من عوامل جانبية مثل التدخّلات السياسية ودفع الرشى المالية.

 

وأضاف المصدر الذي آثر عدم الإعلان عن هويته، مفضّلا الحذر بشأن تساؤلاته لكونها لا تزال في طور الاستنتاجات، أنّ من مصلحة قطر أيضا التملّص من تهمة عدم توفير مستلزمات الحماية من كورونا لعمال منشآت كأس العالم وتفضيلها مواصلة أعمال البناء رغم المخاطر والمحاذير، وذلك بدفع قوي من الرغبة في إنجاح المناسبة بأي ثمن.

 

ولم تتوقف مشاريع بناء ملاعب المونديال القطري وتمّ في المقابل فرض قواعد جديدة لتشجيع التباعد الاجتماعي، رغم صعوبة تطبيقها بالفعل.

 

ويشكل الأجانب 90 في المئة من عدد سكان قطر وغالبيتهم من دول نامية يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة البلد لكأس العالم.

 

لكن العمال الأجانب لم يكونوا بمنأى من انتشار فايروس كورونا الذي أصيب به عدد كبير منهم أو خسروا عملهم، بينما تعرّض كثيرون منهم لأشكال من الاضطهاد وثّقته عدة تقارير حقوقية وإعلامية متواترة.

 

ومؤخرا قالت منظمة العفو الدولية، في أحد أحدث تقاريرها بشأن قطر، إنّ عمالا وافدين يشتغلون في مشروع بناء أحد ملاعب المونديال لم يحصلوا على أجورهم لمدة تصل إلى سبعة أشهر.

 

وبشأن مدى توفّر وسائل حماية العمّال الأجانب في قطر من وباء كورونا، تعرّض تقرير سابق لصحيفة الغارديان لظروف إقامة هؤلاء العمّال قائلا إنّ السلطات القطرية حوّلت مقرّ إقامة عدد ضخم منهم داخل المنطقة الصناعية قرب العاصمة الدوحة إلى ما يشبه معسكرَ اعتقال كبيرا يضمّ مئات الآلاف من الأشخاص المعرّضين لشتى أنواع الأمراض وأحدثها فايروس كورونا الذي تصعب السيطرة عليه في المكان الذي يتشارك المقيمون فيه المطابخ والمراحيض المفتقرة لمقوّمات النظافة وشروط الصحّة والسلامة.

 

كما أورد تقرير الصحيفة نماذج عن معاناة هؤلاء العمّال الذين باتوا مجبرين على التسوّل للحصول على الغذاء، في بلد شديد الثراء بفعل ما يجنيه من عوائد الغاز الطبيعي.

 

ووصف عمّال وافدون إلى قطر في شهادات أدلوا بها للصحيفة شعورا متزايدا باليأس والإحباط والخوف. وقال كثيرون منهم إنهم فجأة أصبحوا عاطلين عن العمل، ولا توجد طريقة أخرى لكسب لقمة العيش. ولفت آخرون إلى عدم قدرتهم على العودة إلى ديارهم واضطرارهم إلى التماس الطعام من أصحاب العمل أو من المؤسسات الخيرية.