دعم تركيا للإخوان يعمق عزلتها

عرب وعالم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حذر عضو سابق بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، من مغبة انجرار الرئيس رجب طيب أردوغان خلف سياسات تنظيم الإخوان الإرهابي الراديكالية، مشدداً على التركيز عوضاً عن ذلك ببناء صداقات مع الدول المجاورة.

وقال هالوك أوزدالغا، الذي عمل سابقًا لسنوات عديدة في كل من حزب اليسار الديمقراطي، وحزب الشعب الجمهوري، في تقرير لصحيفة أحوال تركية، إنه "عرف على مدى سنوات أن السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ما هي إلا ترويجاً لموقف الإخوان بدلاً من المصالح الوطنية، وتم الحفاظ على هذا الموقف الأيديولوجي بعناد، على الرغم من تكلفة المواجهة مع الدول المجاورة".

بناء عداوات وأضاف أوزدالغا الذي شغل منصبي رئيس لجنة البيئة، ونائب رئيس اللجنة البرلمانية بين تركيا والاتحاد الأوروبي "أصبحت مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تعادي تركيا بسبب سياسة أنقرة المؤيدة للإخوان.

وكذلك مواقف أيديولوجية مماثلة أضرت بالعلاقات مع إسرائيل. والآن تحركت هذه الدول لتتماشى مع اليونان وقبرص اليونانية لمواجهة أنقرة بسبب تحركات أردوغان في البحر الأبيض المتوسط". وذكر "يمكن وصف الإسلام السياسي بأنه أيديولوجية تهدف إلى الاستيلاء على الدولة ثم إعادة تشكيل الدولة والمجتمع وفقاً لصورتها الخاصة عن الدين.. لكن هل حزب العدالة والتنمية ينتمي إلى الإخوان فعلاً؟".

ويشرح البرلماني التركي السابق "منذ نهاية الستينيات، تُرجمت الأعمال الرئيسية لمؤلفي كتب الإخوان إلى اللغة التركية. من بين هؤلاء الكتاب الزعيم القيادي في الحركة حسن البنا، وكذلك المؤلفين سيد قطب ومحمد قطب".

قدرات فكرية محدودة وتابع "كان لنصوص الإخوان تأثيراً كبيراً على رواد حزب العدالة والتنمية. لكن لا هؤلاء الرواد ولا الإسلاميون الحاليون في حزب العدالة والتنمية استطاعوا تقديم أي مساهمة فكرية حقيقية في أيديولوجية الإخوان. لم يكن لديهم مثل هذه القدرة قط"، بحسب تعبيره.

ويتابع "وبغض النظر عن المساهمات الفكرية، فإن دوائر حزب العدالة والتنمية ليست على معرفة جيدة بالخطاب الحالي الذي تستخدمه جماعة الإخوان، حيث كشفت التصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية خلال زيارة إلى القاهرة عام 2011، عن نقص الوعي بالمعنى المنسوب إلى بعض المصطلحات الرئيسية مثل العلمانية أو الدولة المدنية".

الحارس الرئيسي لكن، بحسب أوزدالغا، حزب العدالة والتنمية أخذ الآن دور الحارس الرئيسي لجماعة الإخوان. حيث بات يُنظر إليه دولياً على أنه الرائد للإخوان.

ويشير الكاتب إلى أن حزب العدالة والتنمية ليس حزباً ينتمي إلى الإخوان. لم يستوعب أيديولوجية الإخوان. إنه مجرد "المتمني" الذي يحاول تقليد الإخوان. ومع ذلك، فإنه يغذي حلم تحقيق التفوق السياسي في العالم الإسلامي عن طريق الإخوان.

إخوان مصر وقال أوزدالغا: "لم يتمكن الإخوان من القيام بالأنشطة السياسية والقانونية منذ عهد عبدالناصر، إلا بعد الإطاحة بحسني مبارك عام 2011، حيث فاز المرشح الرئاسي للإخوان محمد مرسي في انتخابات عام 2012 وظل في منصبه حوالي 12 شهراً فقط إلى أن أطيح به وتم انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 2013.

منذ ذلك الحدث، يشير الكاتب "اتبعت حكومة حزب العدالة والتنمية سياسة قاسية مناهضة لمصر، وأصبحت بطلاً لنضال الإخوان ضد القاهرة. من الواضح أنها تعتقد أنها تساعد الإخوان بهذه الطريقة. وأصبحت الإخوان تحت رعاية كيان أجنبي لأول مرة في تاريخها، مما قد يعطي القاهرة أسباباً إضافية لتهميش الإخوان للأبد".

موقف غير مقنع ويلفت أوزدالغا -هو مؤلف لديه الكثير من الأعمال، آخرها كتاب يوضح القضايا التي تسببت في صعود السلفية الجهادية- إلى أن العداوة التي تكنها تركيا لمصر ليست مقنعة، فمصر من أكبر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم العربي.

ففي السودان مثلاً، استولى عمر البشير على السلطة من خلال انقلاب، وأطاح به انقلاب آخر بعد احتجاجات العام الماضي. حتى يومه الأخير، ظل البشير أحد أكثر أصدقاء حزب العدالة والتنمية تفضيلاً.

ويقول: "سألت مراراً أعضاء حزب العدالة والتنمية، بما في ذلك في البرلمان التركي، لماذا دعموا البشير إذا كانوا مناهضين للانقلاب. تخبطوا في كلماتهم ولم أتمكن أبداً من التوصل إلى إجابة معقولة منهم. لكن الحقيقة واضحة، البشير مؤيد للإخوان، بينما السيسي ليس كذلك".

الأزمة مع قطر وفيما يخص أزمة مقاطعة الدول الأربعة لقطر بسبب دعمها للإرهاب، قال أوزدالغا: "كان الخطأ الآخر الذي ارتكبته أنقرة هو القفز في الصراع بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر وقطر. من الأسباب المختلفة للصراع، الأول والأهم هو أن السعودية والإمارات ومصر والبحرين يعتبرون الإخوان، الذين تدعمهم قطر، تهديداً للأمن السلم العالميين.. فما علاقة الدعم الحزبي لقطر في مثل هذا النزاع بالمصالح الوطنية التركية؟".

واستنكر أوزدالغا قائلاً: "كان على تركيا، ذات الجذور التاريخية للمنطقة، أن تنفق الجهود لتخفيف حدة الصراع بدلاً من الاندفاع إلى القتال. هذا ما تدعو إليه مصالحنا الوطنية".

وتابع "يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر 780 مليار دولار و400 مليار دولار و190 مليار دولار على التوالي. أدار حزب العدالة والتنمية ظهره للبلدين اللذين كانت اقتصاداتهما أكبر بستة أضعاف من قطر، فقط من أجل الإيديولوجية الأخوانية.. فماذا استفاد؟".

وفي الشأن الليبي، قال أوزدالغا: "في ليبيا التي مزقتها الحرب، دعمت حكومة حزب العدالة والتنمية منذ البداية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المدعومة من الإخوان. منذ فترة وجيزة فقط وقعت تركيا اتفاقية بحرية مع حكومة طرابلس، والتي كانت بالتأكيد متوافقة مع مصالح أردوغان. لكن يجب علينا أن نرى الصورة الكاملة في ليبيا".

عزلة تركيا وتابع أوزدالغا "بسبب سياسات حزب العدالة والتنمية القائم على الإخوان، تواجه تركيا اليوم عزلة ذات أبعاد غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية. قد تشعر إدارة حزب العدالة والتنمية بأنها مضطرة إلى تبني مبادرات القوى الأخرى كمخرج. قد تصبح، على سبيل المثال، أداة في خدمة مصالح الولايات المتحدة أو القوى الكبرى الأخرى في المنطقة".

واختتم تقريره قائلاً: "السياسة الخارجية القائمة على الإخوان ليست مستدامة. ينبغي أن تتبنى تركيا موقفاً جديداً قائماً على أولوية مصالحها الوطنية. عليها أن تتخلى عن العداء ضد مصر وتبني علاقات ودية معها ومع بقية دول المنطقة".