نظام طهران يستغل احتجاجات أمريكا لـ"غسل يديه" من دماء معارضيه

عرب وعالم

اليمن العربي

أتاحت الاحتجاجات الدائرة في أنحاء متفرقة داخل الولايات المتحدة والمواجهات بين الشرطة والمتظاهرين فرصة لمسؤولي النظام الإيراني للتستر على الواقع الحالي للقمع في البلاد.

 

الأمر اللافت كان نشر وكالة تسنيم الإخبارية المقربة من مليشيا الحرس الثوري الإيراني تقريرا لمنظمة "مراسلون بلا حدود" يدين الهجوم على الصحفيين خلال الاحتجاجات الأمريكية، رغم تجاهل الوكالة نفسها مرارا الاعتداءات على الصحفيين وقمع حرية التعبير في الداخل.

 

واعتبرت إذاعة زمانة الناطقة بالفارسية من هولندا في تقرير لها، أن المسؤولين الإيرانيين يحاولون غسل أيديهم من دماء الأبرياء عبر استغلال الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل جورج فلويد الأمريكي من أصل أفريقي الذي قضى اختناقا أثناء قيام شرطي أبيض باعتقاله.

 

وفي أحدث ردود الأفعال، اتهم رئيس القضاء الإيراني إبراهيم رئيسي الحكومة الأمريكية بانتهاك حقوق مواطنيها، داعيا إلى محاسبتها من جانب المجتمع الدولي.

 

وزعم رئيسي أن الأحداث الجارية خلال الاحتجاجات الأخيرة في أمريكا تعد تأكيدا لشرعية الهتافات ضد الولايات المتحدة وأفعال قادة إيران، حسب قوله.

 

ولفت التقرير إلى أن هذه الإدعاءات التي أثارها رئيسي تأتي في حين أن المؤسسات القضائية والأمنية الإيرانية تعاملت قبل 8 أشهر فقط بعنف مفرط مع آلاف المحتجين داخل أكثر من 100 مدينة في عموم البلاد.

 

وتطرق إلى أن النظام الإيراني تورط في قتل مئات المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اعتراضا على غلاء أسعار البنزين وتفشي الفساد في كل أركان النظام.

 

ووصف المرشد الإيراني علي خامنئي المحتجين بـ "الأشرار" في الأيام الأولي مما عرفت بمظاهرات البنزين، في الوقت الذي أعطى أوامر صريحة لقوات الأمن بقمع الاحتجاجات السلمية للمواطنين، وفق التقرير.

 

يأتي هذا في الوقت الذي اعترف فيه للمرة الأولى رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني مجتبي ذو النوري، الإثنين، أن أعداد القتلى في احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بلغت 230 شخصا، بينما وصلت أعداد المصابين إلى ألفين.

 

وتحدثت منظمات حقوقية ووسائل إعلام دولية عن مقتل ما يتراوح بين 300 إلى 1500 شخصا برصاص عناصر قوات الأمن الإيرانية.

 

يشار إلى أن المسؤولين الإيرانيين تكتموا لعدة أشهر على أعداد ضحايا ومعتقلي احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

 

واعتقلت السلطات مئات من النشطاء الإعلاميين والصحفيين والطلاب، وعاقبت عددا من منهم بالسجن المشدد والإعدام بسبب إبلاغهم بالاحتجاجات عبر الشبكات الاجتماعية.

 

في المقابل، أظهرت لقطات من الاحتجاجات في الولايات المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية أن العديد من الصحفيين موجودين في كل مكان لتغطية الأحداث بحرية.

 

واستطرد التقرير أن السلطات الأمريكية لم تقطع الإنترنت لمدة 10 أيام كاملة على غرار إيران في احتجاجات أواخر العام الماضي.

 

وعلق صحفيون ونشطاء حقوق الإنسان، وكذلك العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على تصريحات المسؤولين الإيرانيين عن الاحتجاجات في أمريكا.

 

وكتب محمد جواد أكبرين، ناشط سياسي وصحفي إيراني يعيش في فرنسا، منشورا عبر موقع "تيلجرام"، قائلا: "أنتم ترون صور الاحتجاجات في الولايات المتحدة على شاشة التلفزيون الأمريكي، أليس كذلك؟ هذا يعني أن وسائل الإعلام هناك حرة في الوقوف بجانب الناس وليس عليها أن تكيل المديح للبيت الأبيض".

 

واستطرد أكبرين للمقارنة بين تعامل أمريكا وإيران مع الاحتجاجات، أن "الشرطة الأمريكية ارتكبت جريمة والأمريكيون يطالبون بحقوقهم في بلد يمنح قانونه المحكمة سلطة أكثر من الرئيس، والمحكمة قوية لدرجة أنها تستطيع حتى الحكم ضده".

 

واختتم الصحفي الإيراني "تخيلوا لو أن هذه المظاهرات أمام البيت الأبيض في شارع باستور وأمام بيت المرشد ما الذي كان سيحدث؟، لهذا السبب لست قلقا بشأن أمريكا وما يحدث هناك".

 

تصريحات رئيسي حول الاحتجاجات الأمريكية كان لها النصيب الأكبر من التعليقات الغاضبة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في إيران.

 

وقال حساب باسم يوتاب: "من يهدم حقوق الإنسان في البلاد يدافع عن حقوق الإنسان في أمريكا".

 

وأردف حساب باسم شيراز "هذه هي الفرصة الأفضل للإيرانيين للنزول إلى الشوارع ضد النظام الفاسد لكي يحصل على مقارنة دولية تظهر الأكثر سحقا لحقوق الإنسان".

 

وعلق حساب آخر يسمي سعيد: "يا للوقاحة.. أطلقوا الرصاص على الشعب وأجبروا عائلات الضحايا على دفع أثمان الرصاص بل لم يسمحوا لهم بتشييع جثامين أبنائهم ويتحدثون حاليا عن أمريكا".

 

وقال حساب يدعي ساسان "بعد أسبوع من الاحتجاجات في الولايات المتحدة لم يطلقوا رصاصة واحدة على الناس لكن إيران شهدت خلال أسبوع واحد مقتل 1500 شخص برئ".

 

ومر أكثر من أسبوع على اندلاع أعمال الشغب في مدن أمريكية مختلفة احتجاجاً على مقتل جورج فلويد، وهو مواطن أمريكي من أصل أفريقي.

 

وأدت الاحتجاجات حتى الآن إلى إغلاق مرافق الخدمة مثل محطات الوقود، والمحلات التجارية في بعض المدن، كما أفادت تقارير إخبارية بنهب بعض مراكز التسوق بواسطة متظاهرين