مبدأ سيادة القانون ودوره في عمل شركة توزيع المنتجات النفطية  

اليمن العربي

يعد مبدأ سيادة القانون، من المبادئ المهمة في حياة الدول الديمقراطية، القائمة على مبدأ الشرعية والمشروعية والتزامها في أن تأتي تصرفاتها وأعمالها مطابقة لنصوص الدستور والقانون والقرارات واللوائح النافذة داخل الدولة، بالإضافة إلى الالتزام بالضوابط والتعليمات النافذة التي ترسم وتبين آلية تطبيق القانون على ما تمارسه من أعمال داخل أجهزتها ومرافقها العامة، لاسيما تلك التي تكون على تماس ومساس مباشر بحياة الأفراد اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها أو التأخير في تقديمها، كون ذلك يشل حياتهم وحياة الدولة، ويؤدي إلى تعطيل المرافق العامة داخل الدولة واختفاء مظاهر حياة الرفاهية والأضواء في الشوارع والميادين العامة، ولعل تلك المهمة البالغة الصعوبة تقع مسؤولية مواجهتها وتجعلها دوما متأهبة في احتواء ما يمكن من أزمات هي شركة توزيع المنتجات النفطية، وهي أحدى الشركات العامة الرائدة التابعة لوزارة النفط، التي تؤدي عملها من خلال حركة حول الأرض وأشبه بمدار خطوط الطول والعرض الذي ينظم ملاحة حركة الطائرات، فهي منتشرة بأسطولها العملاق على مستوى الجمهورية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، لتلبية احتياجات المواطنين من جميع المنتجات النفطية، التي لا يمكن الاستغناء عنها، ولا نبالغ في القول إذا قلنا أن تلك الشركة تعيش في استنفار دائم قد يشابه ما تقدمه الأجهزة الأمنية في مواجهة العدو، حيث لها السبق والحضور في كل الأزمات والمناسبات وعمليات التحرير والأعمار التي شهدتها البلاد، فهي جهة مساندة للقوات الأمنية، ودوائر أمانة بغداد، ووزارة الأعمار والإسكان ومحافظات العراق وغالبية دوائر الدولة إن لم تكن جميعها، بالإضافة إلى تجهيز القطاع الخاص من الشركات والمعامل والمصانع المتخصصة في الصناعات التي تتطلب من الشركة الحاجة لخدماتها، غير أن ما تقدم يعد جانب مهم؛ ولكن إذا ذكرنا الدور الأهم والمتعلق بتكوين مصدر النور لحياة المواطنين واستمرار البهجة للمحافظة، هو نقل وتوفير الوقود لمحطات تجهيز الطاقة الكهربائية، والتي تعتمد وزارة الكهرباء كل الاعتماد على الشركة لنقل الوقود لتجهيز الطاقة الكهربائية، حيث تلبي الشركة تلك الاحتياجات على مدار الساعة ودون توقف، لا بل أن الانتقال من فصل إلى أخر يتم الاستعداد والتخطيط  له قبل موسم كامل لمواجهة ما قد يحدث من أزمات لاحتوائها ومواجهتها بغية استمرار ساعات التجهيز للمواطنين حيث تلجأ الشركة وبالإضافة إلى حركة أسطولها  إلى الاستعانة بالقطاع الخاص، لمنع حدوث أزمة وإشراكهم في هذه الخدمة لضمان وصول أكبر كميات من المنتجات للمستودعات ومن ثم إلى محطات الطاقة الكهربائية، ويتم ذلك عبر عقود مبرمة مع شركات القطاع الخاص تنظمها وتراقبها وتشرف على تنفيذها هيأتها القانونية؛ ولعل السؤال الذي يطرح في هذا الشأن هو: عن  دور الشركة في احتواء الأزمة وإدارتها لاستمرار مهمتها في نقل وتوصيل وقود الطاقة من المحاور العديدة المتعاقد عليها إلى محطات الطاقة الكهربائية بانسيابية عالية ودون توقف؟ أن الإجابة على السؤال تبدأ عند تطبيق مبدأ سيادة القانون على عقود النقل المبرمة مع القطاع الخاص وذلك لأهميتها وخصوصيتها، غير أن تطبيق المبدأ بذاته لن يغني عن الجهود المصاحبة لآلية التطبيق والتعامل الصارم على أنفاذ ذلك المبدأ، والذي بدونه يظل حبرا على ورق، وأكبر دليل على التزام تطبيق مبدأ سيادة القانون على تلك العقود والتزام الشركات بتطبيق بنود العقد وتنفيذه بمهنية، هو حجم الكميات العالية المجهزة خلال الشهر الواحد، وعدد ساعات التجهيز المصرح بها من قبل وزارة الكهرباء والذي يعود الفضل الأكبر فيه إلى  نجاح العقود المبرمة لتحقيق ذلك.

 إما عن دور الشركة في جائحة كورونا العالمية

  فقد كان للشركة الدور البارز والريادي من بين الشركات النفطية، حيث سبقت الجميع للتعامل مع تلك الأزمة من خلال رجالها وقيادتها في مساعدة خلية الأزمة في القيام بالتعفير والتطهير لمناطق بغداد والمحافظات، وتوزيع الكمامات والقفازات على المواطنين واستنفار ما تملكه من جهود رجالها وآلياتها ووضعها تحت تصرف خلية الأزمة والتواصل المستمر في إيصال مواد التعقيم والتعفير إلى المستشفيات، فضلا عن الدور التوعوي والإرشادي الذي قامت به من حملات لتوعية الموطنين على الالتزام بإرشادات منظمة الصحة العالمية و قرارات خلية الأزمة لأجل النجاح في السيطرة على عدم ازدياد أعداد الحالات، بالإضافة إلى المساهمة المباشرة في دعم وزارة الصحة ماديا عن طريق التبرع بمبالغ مالية كبيرة مخصصة لخلية الأزمة، لشحت الموارد المالية الكافية لوزارة الصحة لتجهيز كافة المستلزمات المطلوبة لمواجهة الجائحة. ولا ننسى بذلك   الدور الإنساني الذي قامت به ومن خلال جهود رجالها الذاتية خلال فترة الحظر الطويلة فقد حرصت على إيصال وتقديم السلات الغذائية إلى المواطنين داخل بغداد وخارجه إلى محافظات العراق وكانت حريصة كل الحرص في ذلك بأن لا يصل أثر الأزمة إلى قوت المواطن البسيط الذي يعتاش من كسب يومه، مما مضت على الاستمرار في ذلك حتى بعد انتهاء فترة الحظر الكلي بتلبية حاجات المواطنين ومؤسسات الدولة التي تعاني نقصا من المواد الأساسية لمكافحة الجائحة. وفي ظلال التعامل مع الأزمة والخدمات المقدمة من قبلها؛ تراقب وعن كثب أعمال الشركة ونشاطاتها الأساسية، فهي تراقب عمل منافذ توزيع المنتجات النفطية من البنزين والنفط والغاز واحتياجات المواطنين منها، وراهنت بانتصارها على الأزمة بعدم حدوث أي شحه أو نقص أو أزمة تؤدي إلى حدوث إرباك أخر للحكومة يشل الحياة العامة، فلاحظنا توفر المنتجات النفطية في منافذ التوزيع والتوجيه بزيادتها، وإعلام المواطنين بتوفر المنتوج، وبينت الشركة  بأنه لا داعي للخوف والقلق من ذلك ووجهت مجهزي الوقود على الاستعداد للعمل على مدار أربع وعشرين ساعة لمنع حدوث طارئ والجميع يشهد بذلك فلن تحدث وبحمد الله من بداية الجائحة إلى اليوم إي أزمة تذكر والجميع يرى منافذ التوزيع تعمل بانسيابية عالية وتأهب عالي وإدارة نوعية مع التزام بالإرشادات الصحية  لغرض تلبية احتياجات المواطنين. كما سُخرت كل طاقات الشركة من اجل نقل أكبر كمية من المنتجات النفطية للحيلولة دون امتلاء الخزانات الذي قد يؤدي إلى إيقاف المصافي حيث حرصت على استدامة عملها من خلال استغلال كافة الفراغات في المستودعات للاستفادة منها في توفير خزين واحتياطي من المنتجات النفطية. أما عن مدى تأثير الجائحة على عقود الشركة المبرمة لغرض إيصال الوقود لوزارة الكهرباء وتقييم التنفيذ؟

    بالرغم من الإرباك الذي ولدته الجائحة على البلد؛ راعت الشركة متابعة تنفيذ التزاماتها من أجل توفير الطاقة الكهربائية للمواطن، ولعل ذلك الجهد أستدعى مواصلة العمل المستمر خلال مدة الحظر ولساعات متأخرة  ومتابعة ذلك من خلال إلزام شركات القطاع الخاص على تحقيق أعلى نسب تنفيذ في عقودهم المبرمة مع الشركة؛ التي عملت على تحقيق ذلك  ونجاحه  بفضل بنود العقد التي جعلت من شركات القطاع الخاص أن تعمل لرفع قدرتها من التجهيز على محاور وزارة الكهرباء المنتشرة على كافة أنحاء الجمهورية بغية عدم انقطاع التيار الكهربائي ورفع ساعات التجهيز من الطاقة الكهربائية لمواجهة حرارة الصيف. ولعل ما ذكر من تنفيذ عالي وبمسؤولية  وعلى عدة جبهات يؤكد لنا إستراتيجية الشركة في الانتصار على الأزمات، وإذا بحثنا عنه سنجده يكمن في مبدأ سيادة القانون المتبع والمعمول به من المسئولين عن تطبيق القانون وتنفيذه  بصورة تعكس ادارة واحتواء الأزمة وقيادتها إلى بر الأمان في سبيل تحقيق المصلحة العامة وتنفيذ متطلبات المواطنين والقائمة على مبدأ المساواة أمام القانون عن طريق الانتفاع العام من خدمات الشركة ولا يتحقق ذلك إلا باحترام المبادئ الدستورية الدالة على ذلك وتطبيق التشريعات الوطنية واحترام القرارات والضوابط والتعليمات التي لها قوة القانون والصادرة من السلطة التنفيذية.  وفي الختام نثمن دور الشركة و جهود رجالها ومن يعمل خالص النية لله وللمواطن العراقي المظلوم في سبيل رفع المعاناة عنه والنهوض بالواقع الخدمي والدعوة من وزارات الدولة ومؤسساتها أن تحذو حذو هذه الشركة في أن تعيش الاستعداد وتتهيأ لكل طارئ وأزمة جديدة عن طريق مضاعفة جهودها وتبني إستراتيجية خاصة للتعامل مع ذلك. ولن يتوقف نشاط الشركة عند جائحة كورونا بل سيكون لها دور أكبر بعد وزال ذلك الوباء الفتاك وعندها سنستكمل عرض الجهود والانجازات، مشابه تماما لدورها في معارك التحرير المشرفة التي قادتها أجهزتنا الأمنية البطلة والحشد الشعبي، إذ كان للشركة دور مكمل للجهود الأمنية ساعد على عودة السكان لمناطقهم وتوفير مستلزمات الحياة الأساسية لهم.