الرئيس التركي يوصد أبواب الإعلام بوجه المعارضة التركية

عرب وعالم

اليمن العربي

شنت معارضتان تركيتان هجوما عنيفا على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، بسبب التضييق الذي تمارسه حكومة العدالة والتنمية على المعارضة، وصلت لحد معاقبة المحطات التلفزيونية التي تستضيفهما لكشف حقائق الأوضاع الداخلية للأتراك.

 

وفي هذا السياق، قالت جانان قفطانجي أوغلو، رئيسة فرع حزب الشعب الجمهوري بمدينة إسطنبول، إن نظام أردوغان سيرحل عن سدة الحكم في أول انتخابات تشريعية، متهمة إياه بالسعي الدؤوب لاصطناع أجندات سياسية تشتت الرأي العام عن إخفاقاته في مختلف المجالات.

 

جاء ذلك في بيان نشرته قفطانجي أوغلو على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تعليقا على قرار صدر من السلطات التركية بفرض عقوبات على محطة تلفزيونية محلية استضافتها في أحد البرامج.

 

وفي وقت سابق استضافت قناة "خلق تي في" المحلية قفطانجي أوغلو، وخلال تصريحاتها قالت إن النظام الحاكم في البلاد سيرحل.

 

وقالت المعارضة التركية خلال تلك المقابلة "في الواقع هناك حقيقة، وهي أنه خلال الانتخابات المقبلة، سواء أكانت باكرة أم بشكل آخر، فإن شعبنا أصبح حقا واعيا ومدركا لما يحدث، دعني أخبرك إنني أرى تغييرا قريبا في السلطة، حتى أخبرك بما هو أكبر، أرى تغييرا ليس في السلطة فحسب بل تغييرا في النظام أجمع".

 

وتابعت "عملنا ليس سهلا، ولكنه يحتاج فقط للفهم وللإدارة، مع تغيير السلطة وتغيير النظام مرة أخرى، أرى أنه يمكننا علاج جروحنا هذه، وأضرارنا هذه".

 

وعلى إثر ذلك فرض المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي (حكومي) عقوبة نصت على توقيع أقصى غرامة مالية على القناة المذكورة، ووقف إذاعة البرنامج الذي استضافها 5 حلقات.

 

وقال المجلس إن تلك التصريحات "تتجاهل الإرادة الوطنية، وتستهدف الحكومة المنتخبة من قبل الشعب، وتقول إنها تحكم بأساليب غير ديمقراطية، وتستهدف نظام الإدارة الجديد، الذي تم تطبيقه بأصوات الشعب".

 

والجمعة، نشرت قفطانجي أوغلو بيانا، انتقدت فيه المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، مشددة على أن "السلطة لا تستطيع أن تقدم حلولا للبطالة أو القلق بشأن سبل العيش، أو حتى توفر 3-5 أقنعة للفرد خلال أيام وباء كورونا".

 

وأضافت "لن نكون مشغولين بهذه الأجندات الاصطناعية التي تفتعلها الحكومة، وأكرر: لا يهم أكان ذلك آجلا أم عاجلا، لكنهم سيذهبون في أقرب انتخابات لأنهم عاجزون عن الإدارة".

 

وتابعت "في الديمقراطيات.. تكتسب السلطة شرعيتها الاجتماعية من خلال وجود المعارضة، لكن النظام الحاكم أزعجته تصريحاتي، وبالتالي فإن المعارضة في عرف النظام ليس من حقها انتقاد السلطة على شاشات التلفاز".

 

في سياق متصل، أعربت زعيمة حزب "الخير" التركي المعارض ميرال أكشينار عن استنكارها عقوبة مماثلة طالت قناة "خبر ترك" المحلية، لاستضافتها في برنامج حواري خلال الأيام الماضية.

 

وقرر المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي معاقبة قناة "خبر ترك" بغرامة باهظة، بتهمة انتهاك الضيفة ميرال أكشينار الحقوق، وذلك بموجب القانون رقم 6112.

 

وفي تغريدة نشرتها على حسابها الشخصي بـ"تويتر" الجمعة، اتهمت أكشينار الرئيس أردوغان بـ"التسلط والعدوانية".

 

وأضافت مخاطبة أردوغان "هل تحظر الآراء لأنك محظور يا سيد أردوغان؟ ألا ترى أن عقوبتك وحظرك قناة (خبر ترك) لمجرد أنها استضافتني على شاشتها يقطع سبل العيش ويغلق البيوت المفتوحة؟".

 

واستطردت قائلة "ولكن أتظن أن صندوق الاقتراع لن يقول الكلمة الأخيرة؟"، في إشارة منها إلى انهيار شعبية الرئيس قبل الانتخابات المقبلة.

 

واحتلت تركيا المرتبة الـ154 من بين 180 دولة في التصنيف الأخير لحرية الإعلام الصادر في أبريل/نيسان الماضي، عن منظمة "مراسلون بلا حدود".

 

وفي 2018، أحكم أردوغان قبضته على جميع مفاصل القرار ببلاده، عقب تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية نقلت البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي، في خطوة أراد من خلالها الرئيس التركي تصفية جميع معارضيه ومنتقديه.

 

وطيلة تلك الفترة عملت سلطات أردوغان على تكميم أفواه الصحفيين، معلقة شماعة قراراتها على محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في يوليو/تموز 2016.

 

ومنذ ذلك التاريخ، وإلى جانب التضييق على المراسلين والصحفيين الأجانب، أغلق أردوغان أكثر من 175 وسيلة إعلام، ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف، ورفع معدل البطالة بالقطاع إلى أقصاها، وفق معهد الإحصاء التركي.

 

وفي وقت سابق قالت نقابة الصحفيين في تركيا، بمناسبة يوم الصحفيين المقتولين، الذي يوافق 6 أبريل/نيسان من كل عام "إن الصحافة في بلادنا تمر باختبار أكثر صعوبة من أي وقت مضى”.

 

ومؤخرا مرر البرلمان التركي قانون تعديل الأحكام، وقانون الإفراج عن السجناء المعروف باسم قانون "العفو العام" الذي يعفي عن عدد كبير من المسجونين في السجون التركية، فيما عدا الصحفيين وأصحاب الرأي والسياسيين.

 

وفي الوقت الذي تفرض فيه حكومة حزب العدالة والتنمية سيطرتها على وسائل الإعلام المختلفة، مع اختفاء الإعلام المعارض، والزج بالصحفيين في السجون، تحولت منصات التواصل الاجتماعي لساحة ينفس فيها الأتراك عما يغضبهم ويوجهون انتقادات للحكومة والرئيس، رغم تعرضهم للمساءلة القضائية.

 

وفي تقريرها السنوي لتقييم جهود تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قالت المفوضية الأوروبية آنذاك "إن حرية التعبير تواجه قيودا، والحكومة أثرت سلبا على الأسواق المالية"، حسب عدد من وسائل الإعلام التركية.

 

وشدد التقرير على أن تركيا تراجعت كثيرا عن مكتسبات الاتحاد الأوروبي، في مجالات مثل الحقوق الأساسية والحريات والعدالة والشؤون الداخلية والاقتصاد.