النفوذ الإيراني يفشل في رأب صدع مليشيات الحشد العراقية

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف مسؤول أمني عراقي النقاب عن فشل الاجتماع المشترك بين مليشيات الحشد الشعبي وضباط من فيلق القدس الإيراني في رأب الصدع بين صفوف الحشد، بعدما رفضت المرجعية الشيعية في النجف العدول عن قرارها بانتقال مليشيات تابعة لها من الحشد إلى القوات العراقية.

 

وأعلنت أربع مليشيات تابعة للمرجع الشيعي على السيستاني، المنضوية ضمن هيئة مليشيات الحشد، وهي فرقتا العباس والإمام علي، ولواءا علي الأكبر وأنصار المرجعية، في ٢٣ أبريل/نيسان الماضي، الانتقال إلى القوات المسلحة العراقية، وفق أمر صادر عن القائد العام للقوات المسلحة في ١٩ أبريل/نيسان الماضي.

 

وقال مسؤول أمني عراقي وفقا لـ"العين الإخبارية": "لم يتمكن وفد فيلق القدس وهيئة الحشد الذي ترأسه زعيم منظمة بدر هادي العامري، من إقناع المرجعية الشيعية في النجف بالرجوع عن قرار انتقال الفصائل التابعة لها من الحشد إلى القوات المسلحة العراقية، رغم تقديم تنازلات عديدة في مقدمتها استحداث منصب نائب ثانٍ لرئيس هيئة الحشد ومنحه للفصائل المنشقة".

 

وتابع المسؤول، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أن "السيستاني رفض مقابلة العامري، وكلف ممثليه عبدالمهدي الكربلائي وأحمد الصافي النجفي بمقابلته".

 

وأشار إلى أن العامري طلب من عبدالمهدي الكربلائي أن تمنحه المرجعية فرصة للحشد الشعبي كي يرتب أوضاعها، ومعالجة المشاكل التي تواجهها إثر مقتل نائب رئيس الحشد أبومهدي المهندس وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، لكن الكربلائي أبلغه أن السيستاني منزعج من تصرفات الحشد، لذلك لن يتراجع عن قرار نقل الفصائل التابعة للمرجعية للقيادة العامة للقوات المسلحة.

 

وبحسب المسؤول العراقي، رافق العامري خلال مباحثاته مع السيستاني عدد من ضباط فيلق القدس ترأسهم القيادي في فيلق القدس الإرهابي ماجد الشرهاني الطرفي، وهو ضابط إيراني من الأحواز، ويعمل حالياً مساعداً لقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني لشؤون العراق.

 

وتشكلت مليشيات الحشد الشعبي عام ٢٠١٤ بفتوى من السيستاني، بأوامر من الإرهابي قاسم سليماني بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، الذي سيطر في حينها على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية. 

 

وبحسب مسؤولين أمنيين عراقيين وقوات التحالف الدولي ومنظمات دولية، تورطت هذه المليشيات التابعة لإيران بتنفيذ عمليات إبادة جماعية ضد سكان المناطق المحررة من داعش وغالبيتهم من السنة.

 

ووفقاً لإحصائيات عراقية رسمية يبلغ عدد مسلحي مليشيات الحشد الشعبي نحو ٢٠٠ ألف مسلح، موزعين على نحو ٧٠ مليشية، أربع مليشيات تابعة رسمياً للمرجعية الشيعية، فضلاً عن ١٠ أخرى تدين بالولاء للسيستاني، و١٤ تعرف بالحشد العشائري غالبيتهم من العرب السنة، ومليشيات سرايا السلام التابعة للتيار الصدري. 

 

والمليشيات الأخرى المتبقية من العدد الكلي غالبيتها تتلقى الأوامر بشكل مباشر من الحرس الثوري، منها سبع مليشيات رئيسية هي كتائب حزب الله العراق، وبدر وعصائب أهل الحق، والنجباء وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي وسرايا الخراساني.

 

ورغم اندلاع الصراعات الداخلية بين مليشيات الحشد على تقاسم الأموال والنفوذ منذ انتهاء معارك تحرير الموصل في تموز/يوليو ٢٠١٧، فإن هذه الصراعات ظلت مخفية عن الأنظار تحت سطوة سليماني والمهندس اللذين كانا يتحكمان بهذه المليشيات، لكنها مع مقتلهما أصبحت ظاهرة للعيان.

 

إضعاف النفوذ الإيراني

وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي حامد الفلاحي إلى أن الانقسامات في صفوف المليشيات ناجمة عن تداعيات مقتل سليماني والمهندس بجانب الضربات الأمريكية التي استهدفت مواقع هذه المليشيات.

 

وأضاف الفلاحي وفقا لـ"العين الإخبارية" "انفكاك المليشيات التابعة للمرجعية سيكون له تداعيات سياسية، وأمنية كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي، فداخلياً انشقاق المليشيات إلى قسمين تنذر بحرب بينها، فيما إذا استخدمت إحداها القوة ضد الأخرى، أما خارجياً فإنها ستضعف النفوذ الإيراني بشكل كبير سياسياً وعسكرياً".

 

وأوضح أن هذه المليشيات تتصارع على النفوذ والمصالح، وليست هناك خلافات عقائدية وفكرية، والخلافات الحالية على مسائل إدارية ومالية تفاقمت منذ تشكيلها عام ٢٠١٤ حتى طفت على السطح مع تنصيب نائب جديد لرئيس هيئة الحشد خلفاً للمهندس.

 

واعتبر الفلاحي دمج المليشيات مع القوات المسلحة العراقية أمراً صعباً لوجود إشكاليات كبيرة من الناحية التنظيمية والعقائدية، موضحاً أن "العقيدة العسكرية التي تشكلت بموجبها المليشيات طائفية وبالتالي محاولة دمج هذه المليشيات في القوات المسلحة المؤسسة يمكن أن ينعكس على أداء الجيش والقوات الأمنية". لكنه أكد أن دمج المليشيات في المؤسسة العسكرية كأفراد، أي انضمام عناصرها كأشخاص تنطبق عليهم مواصفات المنتسب الذي يقبل في القوات الأمنية سيكون ناجحاً، مشيراً إلى ضرورة إحالة الآخرين الذين لا تنطبق عليهم الشروط من عناصر المليشيات للتقاعد أو إحالتهم لوظائف مدنية.