بالأرقام.. النفط يتنفس الصعداء بعد انهيار تاريخي وأوروبا تودع العزلة

اقتصاد

اليمن العربي

في مؤشر على تراجع حدة وباء كوفيد-19، بدأت عدة دول أوروبية لا سيما ألمانيا بتخفيف تدريجي لتدابير العزل بعدما شلت الاقتصادات وتسببت بانهيار تاريخي لأسعار النفط إلى ما دون الصفر.

 

وعاودت أسعار النفط الثلاثاء الارتفاع في الأسواق الآسيوية إلى ما فوق الصفر بقليل بعد انهيار تاريخي نتيجة لانخفاض شديد في الطلب واقتراب سعة تخزين المنشآت الأمريكية من الامتلاء، وفقا للعين.  

 

وسجل سعر برميل بسعة 159 لتراً من الخام تسليم مايو/أيار المقبل في نيويورك 37,63 دولاراً تحت الصفر عند الإغلاق أمس الإثنين، بعد انحدار لم يسبق له مثيل، أي أنّ المتعاملين دفعوا للمشترين كي يخلّصوهم من سلعة فاضت الخزّانات بها وندر الطلب عليها بسبب وباء كوفيد-19.

 

وعند بدء التداولات بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو/أيار المقبل 0,56 سنتاً للبرميل، علماً بأنّ العقود الآجلة لشهر مايو/أيار المقبل تنقضي اليوم الثلاثاء.

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن مساء أمس الإثنين أنّ الولايات المتّحدة ستستغلّ الانهيار التاريخي الحاصل لأسعار الخام لشراء 75 مليون برميل لملء مخزونها الاستراتيجي من النفط.

 

وقال ترامب خلال مؤتمره الصحفي اليومي في البيت الأبيض بشأن تطوّرات وباء كوفيد-19: "نحن نملأ احتياطاتنا النفطية الوطنية... كما تعلمون الاحتياطيات الاستراتيجية، ونحن نتطلّع إلى وضع ما يصل إلى 75 مليون برميل في الاحتياطيات نفسها".

 

واعتبر الرئيس الأمريكي أن "المشكلة في هذا الوقت في العالم أن أحداً لا يقود سيارات"، مضيفاً "المصانع مغلقة والمتاجر مغلقة". 

 

وكان ترامب قد أعلن في 13 مارس/آذار الماضي عزمه على ملء المخزون الاحتياطي الاستراتيجي إلى الحدّ الأقصى.

 

وفي 17 أبريل/نيسان الجاري بلغ احتياطي الولايات المتّحدة من النفط 635 مليون برميل، علماً بأنّ السعة القصوى المسموح بها حالياً هي 713,5 مليون برميل.

 

وهذه الكميّات الضخمة من النفط مخزّنة في 4 مواقع تحت الأرض تمتدّ على طول سواحل خليج تكساس ولويزيانا، في جنوب البلاد، وتبلغ سعتها التخزينية القصوى 727 مليون برميل.

 

ويرمي هذا الاحتياطي الأمريكي من الذهب الأسود إلى سدّ أي عجز قد ينجم عن حالات طارئة، كما حدث في 1991 أثناء عملية "عاصفة الصحراء" بعد غزو العراق للكويت، أو في 2005 بعد الإعصار كاترينا المدمّر، أو في 2011 عندما اندلعت انتفاضة شعبية في ليبيا.

 

ونظراً إلى أن مهلة عقود مايو/أيار المقبل تنقضي الثلاثاء، تعيّن على المتعاملين العثور على مشترين في أقرب وقت ممكن.

 

وأتى هذا التدهور غير المسبوق نتيجة لتداعيات فيروس كورونا المستجد الذي دمّر الاقتصاد العالمي عبر إجبار مليارات الأشخاص على ملازمة منازلهم لوقف التفشي.

 

وكانت أوبك قد أعلنت الأسبوع الماضي التوصّل لاتفاق بين المنظمة وشركائها لخفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً اعتباراً من أيار/مايو، لكن ذلك لم يكن كافياً.

 

وعلى صعيد تدابير العزل، بدأت ألمانيا التي تعتبر أن الوباء على أراضيها بات "تحت السيطرة" بتخفيف الإجراءات، في عملية حساسة بالنسبة للقارة الأوروبية المغلقة منذ أسابيع، ودفعت الثمن الأعلى للفيروس حتى الآن مع تسجيل ثلثي حصيلة الوفيات في العالم البالغة 168 ألفاً بحلول الإثنين.

 

سمحت السلطات الألمانية بإعادة فتح المتاجر التي تقل مساحتها عن 800 متر مربع، مثل المحلات الغذائية والمكتبات ومرائب السيارات ومحلات الألبسة وباعة الزهور.

 

وأعربت مانويلا فيشر صاحبة متجر ثياب في ليبزيج الألمانية عن "سعادتها التي لا توصف" بسبب إعادة فتح متجرها.

 

لكن تبقى المقرات الثقافية والحانات والمطاعم والصالات الرياضية مغلقة، فضلاً عن منع الحفلات الموسيقية والمنافسات الرياضية التي عادة ما تشهد تجمعاً كبيراً للناس، حتى أواخر أغسطس/آب القادم.

 

كما من المحظور أيضاً التجمع لأكثر من شخصين، ويفرض الحفاظ على مسافة 1,5 متر في الأماكن العامة بين شخص وآخر، مع "التوصية بشدة" بارتداء القناع.

 

غير أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت من أن "الوضع لا يزال هشاً"، مضيفةً "لا زلنا في مستهل الوباء وبعيدين أيضاً عن الخروج من السجن".

 

واعتبرت أنه "سيكون من المؤسف جداً أن نشهد انتكاسة".

 

تراقب أوروبا عن كثب استراتيجية ألمانيا التي تعد أكبر اقتصاد في القارة، للخروج من الأزمة. وتستعد بعض دول القارة المعزولة منذ نحو شهر لخوض تحدي رفع تدابير الإغلاق؛ لأن تفشي الوباء بات على ما يبدو قيد الاحتواء.

 

وفي مؤشر على أن القارة دخلت حال طوارئ اقتصادية، توقع مصرف إسبانيا تدهوراً "لم يسبق له مثيل بالتاريخ الحديث" لنمو رابع اقتصاد في منطقة اليورو، يتراوح بين 6,6% و13,6%.

 

وفي المملكة المتحدة، أفلست آلاف الشركات بين مطلع مارس/آذار الماضي ومنتصف أبريل/نيسان الجاري، وفق دراسة نشرت أمس الإثنين.

 

في صربيا، خففت بعض القيود اعتباراً من اليوم الثلاثاء. وبات بإمكان من تفوق أعمارهم الخامسة والستين الخروج للتنزه 3 مرات بالأسبوع على مقربة من المنزل.

 

وفتحت النرويج بدورها أمس الإثنين دور الحضانة كأول خطوة باتجاه الإلغاء التدرجي للقيود التي أقرت منتصف مارس/آذار الماضي.

 

وتقول النرويجية سيلجيه سكيفجل عن ابنها الذي أرسلته إلى الحضانة "كان متحمساً جداً لدرجة أننا اضطررنا للخروج باكراً من المنزل لنأتي إلى هنا ويتمكن من رؤية الأطفال الآخرين".

 

أما في الدنمارك، فقد أعطيت المتاجر الصغيرة أمس الإثنين الإذن في فتح أبوابها شرط تطبيق تدابير النظافة والتباعد.

 

تستعد كذلك فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، الدول الثلاث الأكثر تضرراً من الوباء في القارة، إلى اتخاذ أولى تدابير رفع العزل خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

 

وإيطاليا أكثر الدول تضرراً من الوباء بتسجيلها حتى الآن 24114 وفاة، تليها إسبانيا مع 20852 وفاة، ثم فرنسا مع 20265 وفاة، فالمملكة المتحدة مع 16509 وفيات، وفق آخر حصيلة أعدت استناداً لمصادر رسمية.

 

يأتي ذلك فيما بدأت مؤشرات مشجعة تظهر في بعض البلدان، فقد انخفض عدد المرضى أمس الإثنين للمرة الأولى في إيطاليا فيما صنفه مدير عام الدفاع المدني أنجيلو بوريلي بـ"المعطى الإيجابي". وفي المملكة المتحدة، سجلت 449 وفاة، الحصيلة اليومية الأدنى في البلاد منذ 6 أبريل/نيسان الجاري.

 

واتخذت فرنسا أمس الإثنين خطوتها الأولى في اتجاه تخفيف القيود، حيث سمحت من جديد لكن تحت شروط بزيارات نزلاء دور الرعاية للمسنين.

 

وتبدأ إيطاليا في 3 مايو/أيار المقبل باتخاذ أولى تدابير تخفيف العزل. لكن الشركات بدأت تفتح أبوابها بشكل جزئي ووسط كثير من الحذر.

 

وتغلق إسبانيا غدا الأربعاء مشرحة ميدانية أنشأت داخل حلبة تزلج في مدريد لاستيعاب وفيات كوفيد-19.

 

- "ضد العزل"

في المملكة المتحدة في المقابل، مدد العزل الذي فرض في 23 مارس/آذار الماضي لثلاثة أسابيع إضافية على الأقل من الخميس، ولا تنوي الحكومة رفعه بعد.

 

تبقى الولايات المتحدة أيضاً بغالبيتها تحت العزل وهي البلد الذي يسجل أكبر عدد وفيات في العالم، رغم أن الرئيس دونالد ترامب كشف عن خطة لإعادة فتح اقتصاد القوة الأكبر في العالم.

 

وأودى الوباء أمس الإثنين فقط بحياة 1433 شخصاً خلال 24 ساعة في الولايات المتحدة، لكن العديد من الأمريكيين لا يزالون يتظاهرون "ضد العزل" كما في تكساس وعشرات الولايات الأخرى خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفي هاريسبورج في بنسلفانيا أمس الإثنين.

 

وقال النائب الجمهوري آرون برنستين من أمام مبنى الكونجرس "الحالة الجديدة" التي يتطلبها الفيروس "لا تعني أن علينا التضحية بحرياتنا من أجل أمن بلدنا"، فيما صدح الحشد عبارات "يو إس إي"، تماماً كما خلال اللقاءات الانتخابية لترامب، المعلقة حالياً بسبب الوباء.

 

وأعلن ترامب مساء أمس الإثنين "تعليق مؤقت" للهجرة إلى الولايات المتحدة من أجل "حماية وظائف" الأمريكيين.