كورونا خلف آثارا فادحة لإيران

عرب وعالم

اليمن العربي

أثر تفشي "جائحة" فيروس كورونا المستجد في أنحاء العالم على اقتصادات الدول المختلفة وعطل حركة النمو في أنحاء الكوكب، لكن الأثر المدمر الكبير الذي خلفه "كوفيد - 19" في إيران وإيطاليا على وجه الخصوص، فجر الكثير من الأسئلة حول الأسباب التي قادت إلى هذه الكارثة، وفقا للعين. 

 

انتشار كبير مفاجئ لكورونا وحالات وفيات بالمئات في غضون بضعة أيام وشبه عجز عن مواجهة التفشي، جميعها مؤشرات حاولت عدة جهات إيجاد تفسير لها، وأحد هذه التفسيرات جاء اقتصاديا.

 

موقع مدونة "ريد ستيت" الأمريكية اليمينية نشر تقريرا تضمن أجزاء من مقال للكاتبة هيلين رالي، وهي كاتبة ولاجئة صينية ربطت بين تفشي المرض في إيطاليا والصين والعلاقات الاقتصادية القوية بين الدولتين والصين.

 

"ليست مصادفة" كما يقول التقرير أن تسجل إيران وبعدها إيطاليا أكبر عدد من الإصابات بفيروس كورونا خارج الصين، نافيا أن يكون التفسير في إطار "نظريات المؤامرة".

 

ويشير التقرير إلى أنه، وعلى خلاف باقي الدول الأوروبية، خالف رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي اتجاه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ووقع على مبادرة "الحزام والطريق" مع الصين.

 

وأوضح: "شهد الاقتصاد الإيطالي تراجعا خلال السنوات العشرين الماضية، ما ترك البلاد مع ثاني أكبر عبء دين في الاتحاد الأوروبي، بعد اليونان وفقا لما أكده ماركو أنونزياتا في مجلة فوربس".

 

وتابع: "مستويات المعيشة في إيطاليا اليوم هي نفسها تقريبا كما كانت في عام 2000، بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي. وهو ما جعل الرئيس الإيطالي يعتقد أن مبادرة الحزام والطريق ستكون الحل للأزمة الاقتصادية في إيطاليا، ولذا وافق على الانضمام".

 

وقالت رالي: "كجزء من الصفقة، فتحت إيطاليا مجموعة من القطاعات للاستثمار الصيني من البنية التحتية إلى وسائل النقل، بما في ذلك السماح للشركات الصينية المملوكة للدولة بحصة في أربعة موانئ إيطالية رئيسية. أعطت الاتفاقية الصين موطئ قدم في قلب أوروبا، لكن كونتي قلل من أهمية ذلك على أنه ليس بالأمر الذي يثير القلق على الإطلاق".

 

وبحسب المقال، كانت لومباردي وتوسكانا هما المنطقتان اللتان شهدتا أكبر قدر من الاستثمار الصيني. وبعد عام تقريبا، تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في إيطاليا في منطقة لومباردي في 21 فبراير/شباط.

 

وتابعت: "اليوم تشهد إيطاليا أسوأ تفشي لفيروس كورونا خارج الصين، وتعد لومباردي أكثر المناطق تفشيا في البلاد".

 

وأعلنت إيطاليا اليوم ارتفاع عدد الوفيات بفيروس كورونا الجديد إلى 4032 وفاة والإصابات إلى 47021 حالة.

 

إيران 

 

وفي حالة إيران أشار التقرير إلى أنه قبل وقت طويل من ظهور فيروس كورونا، كان الاقتصاد الإيراني يعاني من انتكاسات خطيرة.

 

وأضاف: "عندما أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار في يونيو/حزيران 2019، كانت العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018 أحدثت شللا لاقتصادها. وبعد سن جولة جديدة من العقوبات العام الماضي ضد المرشد الإيراني علي خامنئي وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين، دخل الاقتصاد الإيراني مستوى مرحلة تكسير العظام".

 

وتابع: "بعبارة أخرى، أحدثت العقوبات التأثير المطلوب".

 

وفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية "بلغ إجمالي عائدات صادرات النفط الإيرانية 55 مليار دولار في عام 2017"، العام الذي سبق انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني. وفي أبريل 2018، قبل شهر من خروج ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، بلغ متوسط صادرات النفط الإيرانية 2.5 مليون برميل في اليوم.

 

وأفادت رويترز قبل أيام بأن صادرات إيران من النفط الخام في يونيو/حزيران تراجعت إلى 300 ألف برميل يوميا.

 

بالإضافة إلى الأزمة المالية الخانقة، كانت إيران ولا تزال تعاني من مشكلات أخرى، حيث أشار تقرير موقع "بيزنس إنسايدر" إلى تهاوي سعر صرف العملة الإيرانية وانتشار الاحتجاجات والإضرابات وقمع الحرية المالية لجميع الإيرانيين.

 

وبحسب وكالة أسوشيتد برس "تجاوز معدل التضخم 37٪، وفقا للإحصاءات الحكومية. وهناك أكثر من 3 ملايين شخص، أو 12٪ من المواطنين الإيرانيين في سن العمل عاطلون عن العمل. ويتضاعف هذا المعدل بين الشباب المتعلمين".

 

واجه النظام المزيد من الاحتجاجات في نوفمبر 2019 بعد الارتفاع الكبير في أسعار الوقود. وطالب المتظاهرون بإسقاط خامنئي ونظامه، وواجهت حكومة الملالي المظاهرات بقبضة حديدة أسفرت عن مقتل أكثر من 1000 إيراني.

 

اهتز النظام مرة أخرى في أوائل يناير 2020 عندما قتلت الغارات الجوية الأمريكية اللواء قاسم سليماني. وبعد أن أسقط الجيش الإيراني طائرة أوكرانية خرج الإيرانيون إلى الشوارع مرة أخرى.

 

وكتبت رالي: "في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المحلية والعزلة الدولية، سعت إيران إلى الصين كحليف ضد الولايات المتحدة، بالاعتماد على العلاقات الاقتصادية والتعاون العسكري مع بكين لصد العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة".

 

وفي عام 2019، انضمت إيران إلى مبادرة الحزام والطريق.

 

ويقول التقرير إن إيران مهمة للصين كونها تمتلك مسارا مباشرا لخط سكة حديد طموح يبلغ 2000 ميل تريد الصين بناءه الذي سيمتد من غرب الصين عبر طهران وتركيا إلى أوروبا.

 

وتابع: "اليوم، يتتبع مسؤولو الصحة الإيرانيون كيف وصل فيروس كورونا إلى مدينة قم التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة".

 

ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن شركة هندسة السكك الحديدية الصينية هي المسؤولة عن بناء خط سكة حديد عالي السرعة بقيمة 2.7 مليار دولار عبر مدينة قم. 

 

ويشتبه الأطباء الطبيون الإيرانيون في أن العمال الصينيين في قم أو رجل أعمال إيراني سافر إلى الصين من قم هو من تسبب في نقل الفيروس.

 

كانت استجابة الحكومة الإيرانية بطيئا. رفضت اتخاذ الخطوات اللازمة لاحتواء الفيروس، وهو ما تسبب في تفشيه بسرعة في جميع أنحاء البلاد. 

 

والجمعة، ارتفعت حصيلة وفيات كورونا في إيران إلى 1433 وفاة بعد تسجيل 149 حالة جديدة خلال الساعات الـ24 الأخيرة.

 

ويقول إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكية: "لقد تسبب فيروس كورونا في خسائر فادحة أكبر لإيران، لأنه كشف مدى تخبط النخبة الدينية الحاكمة وافتقارها إلى الكفاءة".  

 

ويتوقع بيرمان أن "يتسبب فيروس كورونا، فيما أخفق الغرب في تحقيقه، انهيار نظام الاستبداد الديني في إيران".