بفرض التطرف وإغلال النساء.. الإرهابية تتجه لـ"حوثنة" اليمن

أخبار محلية

اليمن العربي

قيود متطرفة تفرضها ميليشيا الحوثي بمناطق سيطرتها في اليمن، بإجراءات متجددة تسعى من خلالها إلى تحويل المجتمع إلى بؤر متشددة تسهل عمليات توجيهها والتأثير عليها.

 

عناصر مسلحة تقتحم المقاهي وتغلقها، وتداهم محلات الحلاقة وتفرض قصات شعر على هواها، وتفرض نوعا معينا من اللباس، وتصادر حرية الأشخاص حتى الأشد خصوصية منها.

 

حوادث قديمة جديدة، لكن نسق تواترها بدا أكبر بالفترة الأخيرة، وفق مراقبين، في إطار حملات متكررة لفرض قواعد اجتماعية صارمة في مناطق سيطرة الانقلابيين، تزيد من المعاناة اليومية لليمنيين الذين يعيشون في ظل حرب دامية منذ أكثر من خمس سنوات.

 

"النساء لا يخرجن من بيوتهن"

 

في حادثة تداولها الإعلام الدولي على نطاق واسع، وصل مسلّحون من دون سابق إنذار، ودخلوا عنوة مقهى للنساء في العاصمة اليمنية صنعاء، ثم أمروا بإغلاقه فورا.

 

وعندما طلبت صاحبة المقهى البعض من الوقت للسماح للزبائن بلملمة أغراضهن، صاح أحد المسلحين بوجهها: "فليجلسن في بيوتهن. لماذا خرجن؟"، وفق تدوينة لها عبر "فيسبوك".

 

بدا واضحا من خلال المحلات والأحداث المسجلة، أن الميليشيا الانقلابية تستهدف النساء بشكل رئيسي، لإجبارهن على ملازمة منازلهن، والتقيد بلباس متطرف، كما تستهدف جميع ما ترى أنه يخالف رؤيتها المتطرفة للمجتمع.

 

ففي الأشهر الأخيرة، أغلقت عناصر من الميليشيا الانقلابية مطاعم يختلط فيها الرجال والنساء، بينما بدأ التدقيق بقصات الشعر لدى الشبان، فيما قصدت عناصر أخرى المدارس والجامعات، واندست بين الطلبة للتأكد من التزامهم بملابس معيّنة.

 

تصرفات "صادمة"

 

وفي حديث للإعلام فرنسي، حذرت ندوة الدوسري، الخبيرة والباحثة في شؤون القبائل اليمنية، من أنّ الوضع في مناطق سيطرة الحوثيين "يزداد تشددا"، متحدّثة عن مضايقات تستهدف النساء.

 

وقالت الدوسري إنّ هذه الحوادث "مثيرة للصدمة في المجتمع اليمني، حيث أن انتقاد ملابس الأشخاص وتصرفاتهم شيء، والقيام بمضايقتهم على خلفية ذلك شيء آخر"، معتبرة أن "هذا يتنافى مع قيمنا القبلية".

 

مضايقات وقيود تعتبر غريبة عن المجتمع اليمني الذي لطالما اتسم بهامش واسع من الحرية رغم أنه محافظ، حيث كانت تقام مناسبات موسيقية مختلطة وفعاليات ترفيهية.

 

أما الباحث اليمني عادل الأحمدي، فاعتبر أن الحوثي "حركة قائمة على منظومة من المفاهيم والعقائد الدينية (...) انتقلت من مربع المظلوم" إلى موقع المسيطر على مقاليد الحكم.

 

تحالفات من أجل "حوثنة" المجتمع

 

شبكة علاقات سعت ميليشيا الحوثي على مدار سنوات لإقامتها، وتحالفات أبرمتها مع قبائل نافذة شمالي اليمن، استثمرتها في فرض قيودها المجتمعية على المناطق الخاضعة لسيطرتها، سعيا نحو "حوثنة" المجتمع.

 

وبتمكنها من مفاصل تلك المناطق، نصّبت الميليشيا نفسها "حامي" للدين والعادات والقيم، وقدمت نفسها وصيا على حريات الناس، يقيدونها على أهوائهم، وبما يخدم أجندة إيران، مستفيدة من أن اليمن يعتبر ملاذا لتنظيم "القاعدة"، ومقرا رئيسيا لجماعات سياسية متشددة تبث الغلو والتطرف.

 

تشدد اجتماعي قال عدد من سكان صنعاء، في شهادات متفرقة، إنه تفاقم منذ نهاية 2019، حيث بلغ درجة تمزيق عناصر الميليشيا لقميص على جسد شاب يمني اختار ارتداءه عشية عيد الحب في 13 فبراير/ شباط الماضي، بعدما كان اليمنيون يحتفلون بهذه المناسبة بالورود والحلوى.

 

ممارسات تزيد من معاناة شعب يعاني منذ سنوات من حرب دامية فاقمت من فقره، ضمن أهداف الميليشيا لإضعافه اقتصاديا ودفعه نحو التطرف عبر اعتماد النظام الإيراني المنغلق، أملا بالوصول في النهاية إلى تشكيل مجتمعات بوليسية على النمط الإيراني، خاضع لسلطة دينية متطرفة.