كاتب مصري : سلامة برر إستقالته بالدوافع الصحية ولكن الحقيقة أنه فشل

عرب وعالم

اليمن العربي

قال الكاتب المصري، محمد أبوالفضل أن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة برر بعد إعلان استقالته أن أهم سبب دفعه لاتخاذ هذا القرار هو شخصي وصحي، لكن تفاصيل الدوافع الحقيقية تشي بأن الرجل الذي فشل في جل الاختبارات تقريب .

 

ويرى ابو الفضل في مقال له بالعرب أن غسان سلامة لم يشذّ عن سابقيه الخمسة ممن تولوا المنصب نفسه، حيث ترك الأخير الأزمة أشدّ تعقيدا بعد أن جرّب كل الحيل والمناورات والانحيازات.

 

وقال "غادر سلامة موقعه بإرادته في الظاهر بما يوحي بالاختلاف عن سابقيه الذين دفعوا للمغادرة، غير أن الحقيقة تشير إلى عدم الاختلاف، فقد رسب المبعوث الأممي في الاختبارات التي أتيحت له، لذلك أمره أو نصحه من دعموه ليصل إلى منصبه، فرنسا وبريطانيا تحديدا، بالتخلّي عنه" .

 

ويرى ابو الفضل، أن توقيت الاستقالة يؤكد أن مرحلة أوروبية جديدة حاسمة سيبدأ تفعيلها في التعامل مع الأزمة الليبية. ولن يستطيع سلامة التكيّف معها أو امتلاك القدرة على تطبيق مفرداتها، فالتحرّكات التي قام بها وأسهمت مباشرة في تغوّل المتطرفين والجماعات الإرهابية، وأدّت إلى فتح الأبواب والنوافذ للتدخل التركي لم تعُد مجدية، أو بمعنى أدق استنزفت أهدافها وأصبحت خارج نطاق الصلاحية.

 

وبحسب الكاتب، تستلزم بعض التطوّرات طيّ الصفحة الماضية وفتح أخرى تتواءم مع رياح عاتية مقبلة لا تصلح معها الدبلوماسية الناعمة، وهو ما تبنّاه سلامة ومعاونوه، حتى مهدوا الطريق لتغوّل المتشددين في مفاصل السلطة بطرابلس، وأبقوا على الأجسام السياسية التي خرجت من رحم اتفاق الصخيرات بحجة أنها تحظى بشرعية دولية، ولو لم تحصل على شرعية محلية.

 

ويشير الكاتب أن الهندسة السياسية المبالغ فيها قادت إلى تمهيد الطريق أمام روسيا لتضع قدمها في الأزمة بعد طول انتظار. سواء تمّ ذلك بالتنسيق مع أنقرة أو بعيدا عنها، ففي الحالتين يمثّل اقتراب موسكو من جنوب البحر المتوسط تحديا متعاظما للدول الغربية.

 

كما يرى أن فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة أدارت الأزمة خلال السنوات الماضية على أساس التحكّم في مفاتيحها وأبعاد روسيا عنها. وكل المناوشات التي جرت بين باريس وروما لم تخرج عن السيطرة، قد تكون اختلفت في تفاصيل التكتيكات، لكنها حافظت على التماسك في تفاصيل الإستراتيجيات، وكلّما اشتدّ الخلاف عادوا إلى الصواب سريعا. وفرض الاقتراب الروسي التدريجي ضرورة لمّ الشمل، لأن الخطر واحد ويهدّد الجميع.

 

وأكد الكاتب أن رحيل سلامة ينذر بأن هناك قواعد سيتم ترسيمها بدقة، من الصعوبة أن تعتمد على مخلّفات المبعوث الأممي المستقيل، وتحتاج إلى وجه يستطيع تنفيذها، وهي في مجملها لن تعوّل على عنصر الوقت، بل من المرجّح أن تضرب بقوة في الأماكن الصلبة التي تعوق تسوية الأزمة بالطريقة التي ترتاح لها الدول الغربية.

 

كما يؤكد أنه من الخطأ القول إن سلامة أنهى مهمته بسلام، فالذي يقصده هو خروجه الشخصي من الأزمة بصرف النظر عن النفق الذي دخلته، وهو من صميم التصرفات التي قام بها، وخلقت مجالا لكثير من الارتباكات، وستقود إلى مرحلة قد تكون أكثر خطورة، تقضي على المسارات الثلاثة المتوازية التي صمّم عليها، كمقدمة للملتقى الوطني الجامع الذي رفض التخلّي عنه، ضاربا عرض الحائط بكل التحذيرات التي وصلته بسبب الانتقائية في اختيار المشاركين.

 

ويشير أبو الفضل إلى فكرة المسارات الثلاثة العسكرية والاقتصادية والسياسية نبعت من الأدبيات التي تسيطر على قناعات المبعوث الأممي، وفي غالبيتها تتخذ من الديمقراطية ذريعة، لكن عند تطبيقها ترتطم بحوائط تمنع تحقيقها. وهو يعلم أن البيئة الليبية تحتاج لقراءة متمعنة في ما يدور على الأرض، لا تتماشى معها بعض الشعارات الغربية التي تركّز على الشكل وتتجاهل المضمون.

 

ويختتم الكاتب مقاله بالتأكيد أنه قد يمضي المبعوث الأممي إلى حال سبيله، لكن ستظل تجربته الفاشلة شاهدا على تجربته السابقة في العراق، لأنه “شوفيني” أكثر من اللازم ولا يعترف بأخطاء ارتكبها، ويظل طوال الوقت يعتقد أن هناك مؤامرة كونية مسؤولة عن إخفاقاته، لدرجة أن كل من يوجّه انتقادات موضوعية لتصرفاته يعتقد أنه يريد النيل منه شخصيا، ولم يُمهل نفسه لحظة للمراجعة والتدقيق في ما صنعت يداه، وقد كنت أحد هؤلاء