كاتب: المستنقع السوري الليبي بدأ يستنزف أردوغان أكثر

عرب وعالم

اليمن العربي

قال الكاتب عبدالحميد توفيق، "المستنقع السوري بدأ يستنزف أردوغان أكثر، عمليته العسكرية في إدلب تحت عنوان درع الربيع ليست مثل سابقاتها، كدرع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام من حيث الواقع على الأرض".

 

وأضاف الكاتب في مقال نشره موقع "العين الإخبارية" تابعه "اليمن العربي" - "ومن حيث مستجدات المواقف مع شركاء الأمس في آستانة وتحديدا روسيا، وكذلك من حيث المواقف السياسية الأوروبية والأطلسية، ولا يغيب عامل قد يكون الأكثر تأثيراً على مستقبله السياسي لاحقاً؛ وهو تغير المزاج الداخلي لدى الرأي العام التركي عموما وفي أوساط المعارضة، إذ سجل هذا التغير صعودا واضحا مناهضا لنهج وسياسة الرئيس التركي وحملته العدوانية على إدلب ومحيطها. أفرد ورقة اللاجئين على الطاولة أمام الأوروبيين مرة أخرى بتبنٍّ صريح وكامل تجهيزاً ونقلا ودعما لوجستيا.

 

وشدد قائلا "على أكثر من جبهة يخوض أردوغان حروبه متعددة التصنيفات؛ منها العسكرية كما الحال في إدلب السورية وطرابلس الليبية، ومنها السياسية - العسكرية مع شريك الأمس موسكو بعد تملصه من التزاماته بشأن اتفاقات وتفاهمات آستانة وسوتشي، ومع حلفائه الأوروبيين بعد أن رفضوا الانصياع لابتزازه، ومنها الاقتصادية في المياه الإقليمية والدولية طمعا في الاستئثار بالمخزون النفطي والغاز.

 

وتابع "جميع الجبهات محرضها وحاملها واحد تتمثل ببواعث ودوافع النزعة التوسعية. في عملياته العسكرية السابقة ساق حججا وذرائع حول التهديد الكردي لأمنه القومي، فاحتل مناطق من الشمال السوري وشرد مئات الآلاف من سكانها الأصليين ونفذ عمليات تغيير ديموغرافي وصل بعضها إلى حدود عمليات تطهير عرقي في بعض القرى والبلدات ذات الأغلبية الكردية من السكان. اليوم يجد العثماني الجديد نفسه في مواجهة مكشوفة مع الحقائق التي لطالما تلطى خلفها، عمليته العسكرية على إدلب كانت كفيلة بفضح زيف ادعاءاته السابقة جميعها، ولم يعد قادراً على تسويق مبررات لعدوانه واحتلاله.

 

وقال "استدار من الناتو والغرب إلى روسيا عبر الساحة السورية، أنشأ علاقات اقتصادية وسياسية مع روسيا استثمرها في تمرير كثير من مشاريعه الاحتلالية في سوريا تحت يافطة التفاهم مع موسكو، أعطى لموسكو كثيراً مما تسعى إليه وأسهم عبر آستانة في إنهاء وجود المعارضة السورية المسلحة في كثير من مناطق البلاد وقبض أثمان ذلك من خلال اتفاقات ثنائية، تاجر بورقة اللاجئين ضد الغرب، توهم أنه قادر على اللعب مطولا على التناقضات بين الغرب وروسيا، واشنطن أكثر اللاعبين إدراكاً لمأزقه المستقبلي بسبب نهجه وسياسته، وواشنطن تدرك منذ البداية أيضاً حجم المستنقع الذي انزلق إليه أردوغان في سوريا رغم أن تقاربه وتفاهماته مع موسكو أثارت تحفظات واشنطن، وإن بدرجة بسيطة لكنها لا تخشى من قطيعة تركية للناتو وللغرب ولأمريكا لمصلحة روسيا.

 

وبحسب الكاتب "اليوم وأمام التشعبات والتعقيدات التي وضع أردوغان نفسه وبلاده فيها؛ هل عودته لأحضان الناتو ستجعله في الموقع ذاته الذي كان يشغله؟ وما الثمن المطلوب تسديده من قبل تركيا؟ هل يستطيع استعادة دوره وتوازنه السياسي والحزبي داخليا؟ هل يستطيع إعادة التوازن لعلاقته ببوتين وموسكو؟ أي خيارات بقيت لديه بشأن إدلب؟ هل يستطيع الصمود في حال طالت المواجهة مع روسيا بالنيابة عبر دمشق؟

 

تورط أمام الغرب تهديداً وابتزازاً ولا بد من تنازلات لاستعادتهم واستعادة العلاقات المتوازنة معهم، لأنه في حالة ضعف متدرج وكذلك الحال مع روسيا وحتى مع واشنطن ولو نسبيا. الجميع أقوى منه وهو الأضعف جراء سياسته وتقلباته وألاعيبه. الجميع سيفرض عليه شروطاً ولا بد من تقديم تنازلات، وفي جميع الملفات بما فيها السوري. موسكو تراهن وتعمل على سحب أوراق الملف السوري منه تدريجيا منذ بداية العلاقة ونجحت حتى الآن في معظم الساحات.

 

حيال هذا المشهد ترتسم أسئلة كثيرة حول مآلات سياسة أردوغان وانعكاساتها على تركيا وعلاقاتها التي تضررت مع الغالبية العظمى من عواصم العالم، ما التنازلات المطلوبة منه أمام واشنطن وأمام الغرب والناتو وأمام موسكو وأين؟ مطالب روسيا في سوريا تتوزع بدءاً من إنهاء وجود المسلحين إلى مناطق النفوذ والمنطقة الآمنة والأكراد، ومطالب أمريكا والغرب والناتو من أردوغان تتوزع بداية من تجاهل مصالح روسيا الاقتصادية والسياسية والعسكرية بما فيها صفقة صواريخ إس 400 إلى السيل التركي إلى المفاعل النووي المزمع.

 

واختتم "في جميع الأحوال، أدخل أردوغان نفسه وحزبه وبلاده مستنقعاً يستنزفه شخصياً ويستنزف تركيا مستقبلاً، فهو بات نهباً لصراع مديد في سوريا ومع سوريا وحلفائها بكل ما يستتبع ذلك من متاعب له ولجيشه ولمرتزقته من المسلحين السوريين ومن تقليص لخياراته بعد أن وسع دائرة أطماعه من سوريا إلى ليبيا إلى الصومال إلى مياه المتوسط وانعكاس كل ذلك على وضعه الداخلي في ظل تنامي السخط في أوساط الرأي العام التركي ضد سياساته التسلطية عموما ونهج حكمه الفردي واستئثاره بكثير من القرارات المتعلقة بمستقبل بلاده خارجيا ودوليا، والأهم تنامي دور التيارات والأحزاب السياسية المناهضة لحكمه وبروز شخصيات على رأس أحزاب معارضة بعضها انشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، وبعضها متمرس في غمار معارضة العدالة والتنمية وسلطة حكم أردوغان، وجميع تلك الشخصيات تحوز مصداقية شعبية ووطنية لدى الرأي العام التركي ومتمرسة في إدارة ملفات داخلية وتملك رؤى استراتيجية واضحة لملفات تركيا الداخلية والخارجية.. من الواضح أن أوهام أردوغان باتت تحاصره، وأحلامه بدأت تتبخر