محللون سياسيون: فشل تمرير حكومة علاوي كشف ارتباك إيران

عرب وعالم

اليمن العربي

كشف فشل رئيس الوزراء العراقي المعتذر عن الاستمرار في التكليف محمد علاوي في تمرير حكومته، عمق المشاكل بين أطراف النفوذ الإيراني في العراق والمشاكل التي تعاني منها طهران ومليشياتها في المنطقة بعد مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإرهابي والانهيار الاقتصادي الذي تشهده طهران. 

 

وبدأ الرئيس العراقي برهم صالح، الإثنين، مشاوراته مع عدد من قادة الكتل السياسية لاختيار رئيس وزراء جديد. وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أن "الرئيس اجتمع على حدة مع كل من رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس تحالف الفتح هادي العامري ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي".

 

وبحسب البيان، أكد صالح خلال اجتماعاته مع قادة هذه الأطراف ضرورة الإسراع في التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية من أجل تسمية رئيس مجلس وزراء يحظى بقبول وطني وشعبي، مع الالتزام بالفترة الدستورية المحددة من أجل تشكيل حكومة قادرة على التصدي لمهامها في ضوء التحديات التي تواجه العراق.

 

في غضون ذلك، كشف مسؤول في رئاسة الجمهورية وفقا لـ"العين الإخبارية" أن "الكتل السياسية بدأت في التشاور لترشيح نعيم سهيل المستشار في رئاسة الجمهورية السياسي المقرب من ائتلاف دولة القانون ومن مقتدى الصدر وإيران"، متوقعا تكليف رئيس الجمهورية للسهيل قريبا بتشكيل الحكومة.

من جانبه، اعتبر السياسي العراقي المستقل مثال الآلوسي وفقا لـ"العين الإخبارية"، "ما مر على العراق منذ تكليف علاوي ولحين إعلان فشله وانسحابه جزءا واضحا من حالة الارتباك الكبيرة في طهران وشبكتها من الأحزاب والمليشيات في العراق ولبنان".

 

وتابع الآلوسي: "فشل علاوي يمثل فشلا إيرانيا وارتباكا وتخبطا في طهران ولدى الأحزاب الإسلامية ومليشياتها، ويبدو الأمر جليا في هروب قيادات الخط الأول من المليشيات إلى جحور سرية في العراق أو لبنان أو إيران، حيث تبينت هشاشة المليشيات في فوضى وضعف السيطرة أو التواصل فيما بينها بل إلى حد الصراع".

 

وأشار إلى أن بعض هذه المليشيات يتراجع بأوامر إيرانية لصالح الآخر، في محاولات يائسة لإعادة الهيمنة الإيرانية على مسرح العملية السياسية المرتبكة والمتأرجحة، مبينا أن انسحاب علاوي أوضح تذبذب الموقف لدى أبرز شخصيات المليشيات التي تسعى إلى إعادة جسور من الود بينها وبين واشنطن وضمان عدم استهدافها قانونيا وجسديا.

 

ولفت إلى أن فشل علاوي جاء تكملة لفشل زعيم ائتلاف سائرون مقتدى الصدر في ضرب وتفكيك الانتفاضة الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي والتحرر من النفوذ الإيراني، وجاء مكملا لفشل لغة التهديد، لإجبار الوضع بقبول علاوي لضمان استمرار النهج لحكومة عادل عبدالمهدي التي لم تتحرك أو تبدي حتى رغبة في إيقاف مسلسل الاغتيالات والقنص والاعتقالات تجاه المعارضين والأحرار والمتظاهرين المنتفضين.

 

ووفقا للعين حصلت على معلومات من سياسيين عراقيين مطلعين على سير المفاوضات بين أطراف النفوذ الإيراني في بغداد خلال الأسابيع الماضية لتمرير حكومة علاوي، كشفت أن الإرهابي محمد كوثراني مسؤول الملف العراقي في مليشيا حزب الله اللبنانية الذي يتولى إدارة النفوذ والمليشيات الايرانية في العراق منذ مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أمريكية قرب مطار بغداد الدولي في ٣ يناير/كانون الثاني ٢٠٢٠، فشل في رأب الصدع بين قادة المليشيات والأحزاب التابعة لإيران وتمرير حكومة محمد علاوي المقرب من حزب الله والحرس الثوري، الأمر الذي تسبب في إفشال تشكيلته الوزارية وبالتالي انسحابه من التكليف.

 

ووصف المحلل السياسي علي البيدر المرحلة الحالية في العراق حرجة جدا، معتبرا أنه لا توجد شخصية مناسبة تحظى بإجماع سياسي وشعبي، فضلا على امتلاكها لكاريزما المواجهة والحضور المميز.

 

وقال البيدر في تصريحات وفقاً لـ"العين الإخبارية": "لذلك الوقت مناسب جدا لرئيس الجمهورية بعد أن يتكفل بإدارة منصب رئيس الوزراء أن يتخذ قرارا شجاعا ويتقدم بطلب حل البرلمان وفق المادة ٦٤/أولا، وفي حال وافق مجلس النواب على هذا الطلب سيكون على صالح الدعوة بموجب نفس المادة (ثانيا) إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل هذا على المستوى السياسي".

 

وتنص المادة ٦٤ من الدستور العراقي في البند الأول، أن يُحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.

 

والبند الثاني، يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية.

 

أما على المستوى الشعبي، فأشار البيدر إلى أن قرار علاوي فتح الباب أمام المتظاهرين لتعزيز مطالبهم التي وصلت في ذروتها إلى الدعوة لتعديل الدستور وقوانين الانتخابات والأحزاب السياسية والمجيء بمفوضية انتخابات وطنية ونزيهة، مبينا: "حاليا سيكون هناك موقف شعبي أكثر تأييدا للمتظاهرين، وهو ما يعزز زخم المظاهرات التي ستواصل ضغطها على الطبقة السياسية لتحقيق مطالبها بعد حالة من الركود التي شهدتها خلال الشهر الماضي الذي كان المتظاهرون ينتظرون خلاله مرحلة إصلاحية عبر اختيار وزراء مستقلين، لكن اتضح أنها إحدى محاولات الالتفاف على مطالباتهم".

 

وتزامنا مع اعتذار محمد علاوي، دعا رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي إلى تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت.

 

وهدد عبدالمهدي في بيان باتخاذ إجراءات دستورية حال فشل تشكيل حكومة منها حل البرلمان.

 

وقال عبد المهدي: "أعلنت في ١٩ فبراير/شباط ٢٠٢٠ أن المهلة الدستورية المحددة بـ٣٠ يوماً لنيل ثقة مجلس النواب بالحكومة الجديدة ومنهاجها الوزاري تنتهي في ٢ مارس/آذار، وذكرت أنه بانتهاء هذه المدة لن أجد أمامي سوى اللجوء إلى الحلول المنصوص عليها في الدستور أو النظام الداخلي لمجلس الوزراء".

 

وأكد أن من ضمن هذه الإجراءات حال تعثر تشكيل الحكومة هو حل البرلمان بعد تنظيم قانون الانتخابات، قائلا: "سأدعو مجلس النواب إلى عقد جلسة استثنائية لحسم قانون الانتخابات بشكل نهائي". 

 

واقترح أيضا تكليف أحد نواب رئيس الوزراء أو أحد الوزراء مسؤولية إدارة جلسات مجلس الوزراء وتصريف الأمور اليومية، وذلك بموجب المادة ٣ من النظام الداخلي لمجلس الوزراء.