مصر تقتل أطماع تركيا باستثمارات جديدة في شرق البحر المتوسط

اقتصاد

اليمن العربي

دعمت مصر جهودها في مواجهة "أطماع تركية" للسيطرة على ثروات الغاز والنفط في منطقة الشرق الأوسط، باستثمارات جديدة مع كبرى الشركات العالمية، في مجال اكتشافات وأبحاث الطاقة، على هامش مؤتمر ومعرض مصر الدولي للبترول والغاز (إيجبس 2020)، الذي اختتم أعماله الخميس بالقاهرة.

 

وقال مراقبون إن الفاعلية المهمة، التي نظمتها مصر على مدار الأيام الماضية، وسط زخم دولي كبير، تنعكس بصورة سلبية على التحركات التركية في شرق المتوسط وغيره، وتقف حائلا أمام أطماعها.

 

وافتتح الرئيس المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، أعمال الدورة الرابعة من "إيجبس 2020"، التي اختتمت الخميس، تحت شعار "شمال أفريقيا والبحر المتوسط: تلبية احتياجات الغد من الطاقة".

 

ويعد المؤتمر نافذة مهمة لمصر لإلقاء الضوء على ما تحقق من نتائج وتطورات غير مسبوقة في مجال صناعة البترول والغاز، وإحدى الأدوات الفاعلة للمساهمة في جذب مزيد من الاستثمارات العالمية إلى مصر في قطاع البترول والغاز، كما أشار وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا.

 

وأظهرت أعمال التنقيب في منطقة شرق المتوسط، خلال الثلاث سنوات الماضية، العثور على احتياطات ضخمة للغاز، بينها حقل "ظهر" المصري، ونتج عن تلك الاكتشافات تعاون وثيق بين مصر واليونان وقبرص، أثار قلق تركيا، التي سعت في المقابل، عبر مذكرتي تفاهم مع حكومة "الوفاق" الليبية في طرابلس، لإيجاد موطن قدم لها في المعادلة.

 

وأعلن الملا، خلال المؤتمر، فوز 4 من كبرى الشركات العالمية في مجال الطاقة في مزايدات بمجالي البحث والاستكشاف عن البترول والغاز في مصر؛ وهي بي بي وإيني وإكسون موبيل، وكذلك زيادة استثمارات شركة شل وعودتها بقوة للبحث والاستكشاف بحصولها على 5 مناطق.

 

وتتنوع أنشطة البحث والاستكشاف بين الصحراء الشرقية وخليج السويس والصحراء الغربية والبحر المتوسط ودلتا النيل.

 

كما وقّعت مصر اتفاق تعاون مع شركة بكتل الأمريكية، في مشروع مجمع التكرير والبتروكيماويات بمحور قناة السويس، لزيادة وجذب الاستثمارات بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، وإقامة مشروعات تحقق التنمية المستدامة. فضلا عن مذكرات تعاون مع شركات عالمية أخرى بينها "شلمبرجير"، للتعاون في مجال التحول الرقمي بسوق فرص البحث والاستكشاف عن الغاز بشرق المتوسط.

 

وبدا لافتا في المؤتمر، مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من عدة هيئات أمريكية. ويقول السفير الأمريكي في القاهرة جوناثان كوهين، إن الحضور "يُبرز أهمية الشراكة التجارية المتنامية بين البلدين"، وإن وزارتي الخارجية والطاقة الأمريكيتين ووكالة التجارة والتنمية تعتزم مواصلة بناء جسور قوية مع مصر "لمساعدة مصر على تحقيق طموحها في أن تكون دولة رائدة إقليميا في إنتاج الطاقة وتوزيعها".

 

نسخة فريدة من إيجبس 2020

 

وشهدت نسخة هذا العام مشاركة كبيرة من أكثر من 450 شركة عارضة من 14 دولة، منها ألمانيا والهند لأول مرة، و30 ألف مشارك بزيادة 20% على العام الماضي، وما يزيد على 270 متحدثا بالمؤتمر، لمناقشة 869 ورقة بحثية.

 

ويرى مصطفى صلاح، الباحث المتخصص في الشأن التركي، بالمركز العربي للبحوث والدراسات، أن هناك توجهات إقليمية ودولية تجاه الاستثمار في منطقة غاز شرق المتوسط، لما تحتويه هذه المنطقة من ثروات نفطية يمكن أن تسهم في حل مشكلة الطاقة في كثير من الدول، سواء داخل المنطقة أو الاتفاقيات الخاصة بالتصدير لهذه الثروة.

 

وأفرزت الاكتشافات الحديثة التي ظهرت في منطقة شرق المتوسط كثيرا من التحديات، في ظل توترات تعصف بالمنطقة بعدما تدخلت تركيا بصورة غير مشروعة متجاوزة كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين الدول في المنطقة، كما يشير صلاح.

 

ويؤكد الخبير السياسي أن "هناك تنسيقا من جانب كثير من الدول مثل مصر واليونان وقبرص نحو تعزيز وتنسيق التعاون لتحقيق الاستفادة المشروعة من هذه الثروات ومواجهة العمليات غير المشروعة للتنقيب عن الغاز، خصوصا من جانب تركيا التي حاولت فرض نفسها كلاعب إقليمي من خلال التعاون مع حكومة الوفاق الليبية لزيادة نفوذها، وهو ما قوبل برفض تلك الدول لعدم مشروعية هذا التعاون".

 

ويعتبر صلاح أن هذه المؤتمرات بمثابة "آلية جماعية لتحقيق الاستقرار فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي ومواجهة التحديات التي تقف حائلا أمام تحركات هذه الدول، ومن المحتمل أن تنعكس هذه المؤتمرات بصورة سلبية على التحركات التركية هناك وبالإيجاب على مستقبل العلاقات بين الدول الواقعة في شرق المتوسط وكذلك الأطراف المعنية بالاستقرار داخلها".

 

بدوره، وصف طلعت السويدي، رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب المصري (البرلمان)، "إيجبس 2020"، بأنه "أكبر دعاية لجذب الاستثمارات العالمية للعمل داخل مصر في قطاع البترول والغاز"، مشيرا إلى أن العالم أجمع انبهر بالتنظيم الرائع للمؤتمر، الذي أكد أن مصر تستحق أن تكون مركزا إقليميا عالميا للطاقة.

 

 الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي

 

وتأمل مصر في استغلال موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية المتطورة كي تصبح مركزا رئيسيا لتجارة وتوزيع الغاز، وأعلنت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي نهاية عام 2018، بل وتحولت إلى مصدر له.

 

ووفقا للنائب البرلماني محمد فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة، فإن مصر أصبحت واحدة من أهم الدول على مستوى منطقة الشرق الأوسط بأسرها وأفريقيا في مجالات صناعات البترول والغاز، مؤكدا أن المؤتمر سلط الضوء على الإنجازات المصرية في هذا القطاع خلال السنوات الأربع الأخيرة.

 

وتشير تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إلى أن حوض شرق المتوسط يحتوي على غاز طبيعي بقيمة 700 مليار دولار.

 

وتسعى تركيا، عبر مناوشات سياسية وعسكرية أيضا، إلى عرقلة جهود قبرص واليونان وإسرائيل ومصر للتوسع في عمليات التنقيب في شرق البحر المتوسط.