فورين بوليسي: تدخل تركيا قد يبطئ استعادة إدلب لكنه لن يمنعها

عرب وعالم

اليمن العربي

حذر تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية من أن التدخل التركي في سوريا سيؤدي إلى إبطاء استعادة الجيش السوري لبقية البلاد وإن يكن لن يمنعه تماماً، كما يزيد من زعزعة الاستقرار في بلاد مزقتها الحرب.

 

ولفت تقرير "فورين بوليسي"، الذي أعده الصحافي كريم شاهين، إلى أن محافظة إدلب تُعد واحدة من آخر المناطق الباقية خارج سيطرة الحكومة السورية، بالإضافة إلى أجزاء من غرب حلب (وهي منطقة كبيرة تتاخم الحدود الشمالية وتخضع لسيطرة الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا) وكذلك المناطق الكردية. وتخضع إدلب لسيطرة هيئة تحرير الشام، ذراع سابق لتنظيم القاعدة الإرهابي.

 

ووفق التقرير، حالت نيران المدفعية التركية التي تدعم مواقع دفاع الجماعات المسلحة في مدينة سراقب بريف إدلب من استعادة الجيش السوري للمدينة لفترة وجيزة فقط، وفي نهاية المطاف نجح الجيش السوري في التقدم نحو الأراضي الاستراتيجية عند تقاطع الطرق الرئيسية الحاسمة التي تربط غرب سوريا مع بقية أنحاء البلاد، وتمت استعادة المدينة.

 

 

 

مصالح مشتركة

 

وضاعف التدخل التركي من زعزعة الاستقرار في سوريا التي تشهد بالفعل صراعات متشابكة، ولكن يستبعد تقرير المجلة الأمريكية وقوع صدامات مباشرة بين أنقرة وموسكو لعدة أسباب، أهمها وجود الكثير من المصالح المشتركة، بما في ذلك خطوط أنابيب الطاقة والمفاعل النووي الذي تقوم روسيا ببنائه في تركيا، وغياب الحلفاء الغربيين بعد أشهر من التوترات مع الناتو بلغت ذروتها عند شراء تركيا لصفقة الأسلحة الروسية. بيد أن التوغل التركي قد يقود على الأمد القصير إلى تعليق مؤقت للمعارك في إدلب.

 

وأورد التقرير أن إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل في إدلب كانت دائماً بعيدة المنال، وخاصة مع انشغال الجماعات المسلحة السورية المدعومة من تركيا بالسعي وراء المصالح الاستراتيجية لداعميها بدلاً من مصالح الثورة، أو محاربة الميليشيات الكردية أو إرسالهم إلى أماكن أبعد في ليبيا. وتطمح أنقرة من خلال تدخلها العسكري إلى تعزيز قبضتها الجيوسياسية وإبطاء تقدم الجيش السوري في استعادة بقية البلاد.

 

 

 

انهيار الليرة السورية

 

غير أن التدخل التركي يكشف حقيقة أخرى أعمق وهي أن الأزمة في سوريا لم تنته بعد، ولم ينتصر أحد في الحرب، والخاسر الأكبر هو الشعب السوري الذي يعاني أشد المعاناة بسبب الانهيار الاقتصادي؛ حيث انهارت الليرة السورية ووصل سعر صرفها مقابل الدولار الواحد إلى 1200 ليرة بعدما كان 47 ليرة مقابل الدولار الواحد في بداية الانتفاضة عام 2011.

 

ولفت التقرير إلى أن أزمة سوريا قد تفاقمت الآن بسبب الاحتجاجات والانهيار الاقتصادي ونقص الدولار في لبنان المجاور، حيث يودع الكثير من السوريين الأثرياء مدخراتهم، وباتت العائلات العادية الآن غير قادرة على شراء الوقود لتدفئة منازلها في فصل الشتاء القاسي.

 

 

 

إخفاق الانتفاضة

 

وعلى رغم استعادة الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسيا، للجزء الأكبر من سوريا، إلا أن البلاد لاتزال تعاني من المصاعب الاقتصادية، وتظل العقوبات المفروضة من الحكومة الأمريكية والاتحاد الأوروبي سارية، وعلاوة على ذلك أقر الكونغرس الأمريكي مؤخراً مجموعة جديدة من العقوبات المشددة على سوريا. وثمة حاجة لمليارات الدولارات من المساعدات لإعادة إعمار سوريا وإنهاء عملية الإصلاح السياسي التي تتقدم بشكل بطيء.

 

ورأى تقرير "فورين بوليسي" أن الانتفاضة التي اندلعت ضد الرئيس الأسد في عام 2011 قد أخفقت تماماً، وكل ما تغير هو أن السوريين العاديين باتوا أكثر فقراً وتزايدت معاناتهم وتعرضوا لصدمات شديدة، وأصبحوا يرتجفون في منازلهم من دون تدفئة بينما تحلق الصواريخ الإسرائيلية في سماء المنطقة، فضلاً عن شعور الكثيرين منهم بخيبة أمل متزايدة بشأن مستقبلهم وبلادهم.