تعديل قانون حراس الأسواق والأحياء يشعل غضب المعارضة التركية

عرب وعالم

اليمن العربي

أشعل مشروع تقدم به نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في يناير/كانون الثانٍي الماضي إلى لجنة المحليات في البرلمان، من أجل تعديل قانون "حراس الأسواق والأحياء الليليين"، غضب المعارضة التركية .

 

وأقترح نظام أردوغان تعديلات من 18 مادة قانونية، ويهدف إلى منح هؤلاء الحراس صلاحيات توازي التي يتمتع بها عناصر الشرطة في البلاد.. وهؤلاء الحراس في الأساس أنصار الحزب الحاكم في المدن والبلديات.

 

وتناقش لجنة المحليات مشروع القانون منذ الشهر الماضي، حيث وافقت على 9 مواد وأثار هذا القانون اللغط في البرلمان وبين النخب السياسية ووسائل الإعلام.

 

وسعى المقترح إلى زيادة صلاحيات هؤلاء الحراس، بحيث يصبح بوسعهم طلب هويات الأشخاص وتفتيشهم واحتجازهم، وإيقاف السيارات للتفتيش، واستخدام السلاح إن لزم الأمر، وهي صلاحيات تضطلع بها الشرطة.

 

تجدر الإشارة إلى أن الحراس الليليين موجودين في تركيا بموجب قانون تم إقراره في 24 أبريل/نيسان 1914، ويعرف باسم "قانون حراس الأسواق والأحياء"، تم تعديله في 14 يوليو/تموز 1966.

 

وكان من حق هؤلاء الحراس تنظيم دوريات حراسة في الأحياء واستدعاء الشرطة عند الحاجة ومساعدتها، لكن دون حمل السلاح، وآخر تعيين بموجب هذا القانون قد تم في العام 1974، وفي العام 2008 تم دمج أكثر من 8 آلاف من المعينين بموجبه ضمن القوات الأمنية بالبلاد.

 

غير أن حكومة العدالة والتنمية، وبموجب مرسوم رئاسي صدر عام 2017، أعادت إحياء مثل هذه التعيينات التي أوقفت عام 1974، وذلك في إطار زعمها بأنها ترغب في دعم قوات الشرطة للحفاظ على الأمن العام في الأحياء السكنية.

 

ويبلغ عدد الحراس الليليين في تركيا حاليًا 21 ألفًا و292، وذلك بحسب بيانات مذكورة على الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية التركية بتاريخ 24 يوليو 2019.

 

ومن المنتظر أن يتم نقل مقترح تعديل القانون إلى الجمعية العامة للبرلمان، عقب إقراره من قبل لجنة الشؤون الداخلية.

 

ومما يثير المخاوف في مشروع القانون الجديد، أن الحراس مدنيون تتولى تعيينهم وزارة الداخلية التركية، وتختارهم من بين الموالين للحزب الحاكم حصرا.

 

ومن بين المعارضين لهذه الخطوة، حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، الذي حذّر نوابه بالبرلمان من ذلك، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيزيد من خطوة ظهور كيانات موازية للقوات الرسمية".

 

وأوضح الحزب في بيان سابق أن تلك التعديلات "تتضمن مخاطر تكوين هيكل مسلح لا يعتبر نفسه مقيدًا بقانون، تابع مباشرة للسلطة التنفيذية".

 

وأضاف الحزب "كما أن هؤلاء الحراس المسلحين الذين سيتم استخدامهم حسب رغبات السلطة التنفيذية، سيدينون بالولاء ليس للقانون، وإنما للنظام الذي سيكون بالنسبة لهم صاحب العمل الذي يقومون به، لا سيما في مثل هذه الفترات التي تشهد ارتفاعا كبيرا في معدلات البطالة".

 

واعتبر الحزب أن منح هؤلاء الحراس مثل هذه الصلاحيات التي تتضمن التعرض للأفراد في ساعات الليل، وتفتيشهم بشكل أو بآخر، أمر يخالف الدستور لا سيما في ظل وجود قوات نظامية تابعة للدولة منوط بها هذا الدور".

 

من جانبه اعتبر حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، أن هؤلاء الحراس قوات تابعة لحزب "العدالة والتنمية"، وذلك في بيان أصدره بوقت سابق ليعرب من خلاله عن رفضه لهذه التعديلات.

 

وأضاف الحزب قائلا: "العدالة والتنمية يسعى لتشكيل قوات خاصة به خارج القانون، تتمتع بصلاحيات كبيرة، في رغبة منه لفرض قواعده الأخلاقية التي يؤمن بها على الآخرين، حيث ستكون هذه القوات عينه التي يبصر بها في الشوارع لمراقبة المواطنين".

 

من جانبه اتهم سزائي تمللي الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي، الحكومة التركية بتنفيذ ممارسات شمولية تحت غطاء أمني.

 

 وقال تمللي - في تصريحات صحفية - إن "حكومة العدالة والتنمية تقوم بتنفيذ ممارسات شمولية تحت غطاء الأمن منذ فترة طويلة وقد بلغ عدد قوات الشرطة في تركيا رقما قياسيا هو الأعلى على مستوى العالم، وبالتالي يؤكد هذا الأمر وجود حرب غير معلنة ضد المجتمع التركي".

 

وأوضح أن سياسات العدالة والتنمية تخلق أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة في البلاد، وعوضا عن حلها بالديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، تسعى حكومة الحزب الحاكم إلى تجنيد ميليشيات مسلحة في الوظائف العامة تحت مسمى الحراس لضمان سلامتها.

 

وأكد تمللي أن مثل هذه السياسات لن تحل الأزمات التي تعاني منها تركيا، بل ستضيف مشاكل جديدة إلى أزماتها الحالية، مشددًا على أن حزب أردوغان ينوي توسيع صلاحيات الحراس الليليين لتشمل السلطات التي يتمتع بها عادة ضباط الشرطة.

 

وتابع ومع تمتعهم (الحراس) بهذه السلطات، يصبح بإمكانهم وضع الأشخاص على القائمة السوداء والضغط على المنشقين عن حزب العدالة والتنمية، وبشكل أساسي، سوف يخدم الحراس سياسات هذا الحزب الاستبدادية.

 

وأشار إلى أن وجود هؤلاء الحراس مع صلاحيات واسعة ممنوحة لهم، سيؤدي لعسكرة المجتمع وقمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، متابعا: "لذلك فإننا في حزب الشعوب الديمقراطي نعارض وجودهم، وتركيا تحتاج المزيد من الحريات والديمقراطية، لا للمزيد من قوات الشرطة أو الحراس".

 

ولفت إلى أن الجميع في تركيا باستثناء أردوغان يؤكدون عدم الحاجة لتلك القوات، لأن البلاد لا تعاني من مشاكل أمنية، بل تفتقر للديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، لكن رغم ذلك يرفض أردوغان هذه الأساسيات ويسعى للحصول على قوات إضافية.

 

كما أعرب حزب "الخير" المعارض، عن رفضه لهذه التعديلات، مشددًا على أن منح الحراس صلاحية حمل السلاح، وتوقيف المواطنين "أمر خطير" ولا داعي له، لا سيما أن قوات الأمن تقوم بهذا الأمر في الوقت الحالي.

 

كما عارض المشروع أعضاء سابقين في حزب العدالة والتنمية بالحزب، معتبرين التوجه الجديد للنظام بهذه النقطة حلقة جديدة من حلقات السياسات "المآساوية" التي دأب على اتباعها خلال السنوات الأخيرة، وأدخلت البلاد في نفق مظلم.

 

ومن بين هؤلاء النائب السابق عن الحزب الحاكم مصصطفى ينر أوغلو الذي قال في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع "تويتر"، إن "الصلاحيات الجديدة الممنوحة للحراس ستؤدي إلى انتهاكات صارمة لحقوق الإنسان، خاصة أنها منحت لأشخاص لم يتلقوا أي تدريب".