أكبر عفو رئاسي في تاريخ الجزائر بالإفراج عن 10 آلاف سجين

أخبار محلية

اليمن العربي

أصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الخميس، عفوا رئاسيا عن أكثر من آلاف سجين، واستثنى جميع الجرائم المرتبطة بالفساد والإرهاب.

 

ووصل عدد المفرج عنهم بعفو رئاسي في خلال أسبوع واحد فقط نحو 10 آلاف سجين، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر.

 

وذكر بيان عن الرئاسة الجزائرية، أن تبون وقع مرسوماً رئاسياً "تضمن إجراءات عفو لفائدة مجموعة ثانية من الأشخاص المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا".

 

وبلغ عدد المعفى عنهم 6294 شخصاً، على أن تساوي ما بقي من عقوباتهم 18 شهراً أو تقل عنها.

 

وتعد المرة الثانية في ظرف أسبوع التي يصدر فيها الرئيس الجزائري مرسوم عفو شامل عن المساجين، بعد مرسوم الثلاثاء الماضي، الذي شمل المحبوسين وغير المحبوسين، والمحكوم عليهم نهائياً والذين يساوي ما تبقى من عقوباتهم أو يقل عن 6 أشهر.

 

وبلغ عددهم 3471 محبوسا، ليبلغ العدد الإجمالي للمفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي 9765 شخصا، في وقت لم تكشف الرئاسة الجزائرية عن طبيعة التهم والجرائم والجنح التي توبع بها المفرج عنهم.

 

استثناء 11 نوعا من الجرائم

في سياق متصل، استثنى المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الجزائري القضايا 11 نوعاً من الجرائم المحكوم عليهم في قضايا ارتكاب جرائم الإرهاب، والخيانة، والتجسس، والتقتيل، والمتاجرة بالمخدرات، والهروب، وقتل الأصول، والتسميم، وجنح وجنايات الفعل المخل بالحياء مع أو يغير عنف على قاصر، والاغتصاب.

 

إضافة إلى جرائم التبديد العمدي واختلاس الأموال العامة، وعموماً كل جرائم الفساد المنصوص عليها في قانون مكافحة الفساد وما تعلق منها بتبييض الأموال وتزوير النقود والتهريب والمخالفات المتعلقة بالتشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال.

 

دلالات سياسية وقانونية

قرار الرئاسة الجزائرية قوبل بارتياح شعبي واسع كونه شمل عائلات كثيرة، إلا أنه أثار استغراب متابعين لعدد المسجونين المعفى عنهم وتوقيت إقراره، خاصة أن للجزائر تقاليد سابقة في العفو الرئاسي الذي يرتبط دائماً بذكرى عيد الاستقلال السنوية المصادفة لـ5 يوليو/تموز، أو عشية بعض الأعياد الدينية مثل عيد الفطر.

 

وربط العفو الرئاسي برغبة السلطات الجزائرية في "تخفيف الضغط عن السجون" التي باتت مكتظة، خاصة بعد إعلانها ما يسمى بـ"الحرب على الفساد" منذ العام الماضي على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

 

وفي تصريحات صحفية، قدم الدكتور عامر رخيلة الخبير القانوني والدستوري قراءة تفصيلية سياسية وقانونية لمضمون المرسومين الرئاسيين اللذين أعلنا عن أكبر عفو في تاريخ البلاد.

 

وأوضح بأنهما يحملان دلالات عدة، مشيراً إلى "أن الثابت قانونيا أن لرئيس الجزائر صلاحية دستورية حصرية فيما يخص العفو عن المساجين الذين ارتكبوا مخالفات في حق المجتمع وتمت إدانتهم بأحكام نهائية".

 

وأعطى العضو السابق في المجلس الدستوري الجزائري تفسيراً قانونياً للعدد الكبير المفرج عنهم وكذا عدم اتباع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون العرف المعمول به بإصدار العفو الرئاسي في عيد الاستقلال.

 

وكشف عن أن ارتفاع عدد المفرج عنهم يعود إلى تأجيل السلطات الجزائرية العام الماضي إصدار العفو الرئاسي الذي يصدر بشكل سنوي، "كون الرئيس المؤقت السابق عبدالقادر بن صالح لا يملك هذا الحق الدستوري"، ولذلك تم "عفو 2019 مع عفو 2020".

 

أما السبب الثاني الذي قدمه الدكتور رخيلة، فيتعلق بـ"عرف آخر" معمول به في الجزائر، وقال: "في الجزائر كلما انتخب رئيس جديد للجمهورية أو أعيد انتخابه يعلن إجراءات كرحمة من الرئيس للمواطنين الذين شملتهم أحكام قضائية نافذة".

 

"مرسوما" عفو

غير أنه أشار في المقابل إلى "تأخر" تبون في إصدار مرسوم العفو الرئاسي مقارنة مع فترة إدائه اليمين الدستورية في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ليأتي بعدها "مرسومين للعفو" بدل عفو واحد في ظرف أسبوع وهي سابقة في تاريخ الجزائر.

 

ويرى أن "الغاية السياسية من هذه الخطوة هي محاولة لتهدئة الشارع، كما لا أنسى أن مئات الآلاف من الجزائريين كانوا ينتظرون الإفراج عن أهاليهم إلى درجة فقدانها الأمل في صدور مراسيم العفو".

 

إلغاء أحكام الإعدام

وعن الاستثناءات من العفو الرئاسي، فقد أشار الخبير القانوني إلى أنهما "استثنيا المتاجرة بالمخدرات وأفرج عن مستهلكيها، كما استثنى قضايا الإرهاب التي لها مراسيم خاصة بها، إضافة إلى الجرائم الخطرة الأخرى".

 

وكشف عن أن المرسومين ألغيا للمرة الأولى أحكام الإعدام وتعويضها بالمؤبد، وقال: "إن هناك كثيرا من الأحكام الصادرة بالإعدام ضد مئات الأشخاص منذ تسعينيات القرن الماضي، وتم تعويضها هذه المرة بالمؤبد".

 

وتطرق الدكتور عامر رخيلة إلى نقطة أخرى شملها العفو الرئاسي الذي اشترط أن يشمل كل شخص "ليس له سوابق قضائية"، مشيراً إلى أن لذلك "مغزى خاصا به".

 

وأوضح أن كل ذلك مرتبط بمقاربة الجزائر لمحاربة الجريمة المنظمة، وقال: "إن هناك شباباً لا يتعظون من سجنهم الأول، فيعودون إليه بجنح أو جرائم جديدة مباشرة بعد خروجهم منه، كما أن فترات الأحكام النهائية التي حددها المرسومان محدودة من 6 أشهر إلى 18 شهراً".

 

كسب القاعدة الشعبية

في سياق متصل، يعد مرسوما العفو الرئاسي في نظر الخبير القانوني "ضماناً من الرئيس تبون للقاعدة الشعبية"، وأشار إلى أنهما يحملان دلالات "سياسية واجتماعية تساعد الرئيس على كسب قاعدة شعبية".

 

وأرجع ذلك إلى أن الرئيس الجزائري ليس لديه انتماء حزبي، أو حزب سياسي يدعمه كما حدث مع الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وتبون لا يملك قاعدة سياسية كما كانت أحزاب الموالاة مع بوتفليقة.

 

وقال: "إن الرئيس يبحث عن التجاوب الشعبي مع سياساته، والأكيد أن إطلاق سراح الآلاف سيجلب له رضا الجزائريين بشكل أو بآخر".