يوميات في عدن..جولة في التاريخ

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تشعر عندما تسكن في حي كريتر بالمدينة العتيقة في عدن، بأنك تستوطن التاريخ، فكريتر هي المدينة القديمة التي تمثل تراث عدن، حيث اقتصرت المدينة في الماضي حتى دخلها الانجليز وباقي الأحياء حديثة النشأة عليه.

فوهة البركان

وتعني كريتر فوهة البركان والتي تعني بالإنجليزية كوارتر، ثم حرفها العدنيون الي كريتر، وسميت بهذا الاسم لان المدينة بنيت في القديم على بركان قديم وخامد، ويعتقد أبناء المدينة أنه سيكون من علامات يوم القيامة ثوران هذا البركان.

تأتي الجولة الأولى مع التاريخ على بعد خطوات قليلة من الفندق الخاص بنا، حيث المكتبة العامة لعدن.

مكتبة عدن شاهدة على التاريخ

ولا يغرق توقيت انشاء المكتبة بعيدا في التاريخ حيث أنشئت عام ١٩٨٠ في عصر دولة اليمن الشعبية الديمقراطية وقبل الوحدة اليمنية بعشر سنوات، ولكن ارففها تضم تاريخ عريق وتراث أعرق، حيث حوت على كتب مكتبة الجيش البريطاني والعديد من مجموعات الكتب النفيسة بالمدينة اهديت لها فور انشائها.

وكما كانت كتب المكتبة شاهدة على تاريخ المدينة، أيضا الإهمال والتدمير بها يشهد علي ما رأته من حروب وتغييرات سياسية، فبدأ اهمالها مع دخول الوحدة اليمنية حيز التنفيذ في عام 1994،حتي وصلت للحرب الحوثية الأخيرة في عام 2015 وطالها النهب والتدمير، حتي جاء الهلال الأحمر الإماراتي ليرمم المبنى الذي ما لبث أن أصابته رصاصات الحرب الأخيرة بين الشرعية والانتقالي ولا تزال أثار رصاصاته تترك بصماتها عليها، كما لم ينسى إهمال حكومة الشرعية المكتبة من قسطها بعدم وجود مخصصات مالية لها لإدارة انشطتها.

اقسام المكتبة

 وتتفقد المكتبة وأقسامها المختلفة لنجد شتان ما بين الكتب النفيسة والتي قلما تجود بها المكتبات، ولكنها متناثرة على الأرض ويتراكم عليها التراب، وفقدت ترتيبها القديم بسبب السلب والنهب الذي تعرضت له عقب دخول الحوثي للمدينة.

إلى الصهاريج

وصلت خطواتنا داخل الشوارع العتيقة لحي كريتر حتي وصلنا لأقدم بقعة في المدينة إنها الصهاريج التي بناها ملوك سبأ واكملها الحميريون بعدهم منذ أكثر من ٣٥ قرن ٠ 

خالد الرباطي

تواجه علي أبواب الصهاريج عدد من الرجال حينما سالناهم عن معلومات عن الصهاريج أشاروا لنا إلي أحدهم وهو شخص تبدو اثار السن علي ملامحه، تشعر وكأنه قديم قدم تلك الصهاريج بدأ يسهب حول تاريخ المكان وآثاره ،وبعد فترة من الحديث عندما سئل عن وظيفته أنه مدير عام الصهاريج خالد عبدالله الرباطي لم تكن يدل علي ذلك شئ سواء هيئته أو ملابسه حيث كان يجلس علي كرسي بسيط في مقدمة هذا الصرح العظيم بلا مكتب او تكليفات زائفة . 

لا يعتبر خالد الرباطي مجرد مدير لاثار الصهاريج لأنه يعد من أقدم رؤساء المواقع الأثرية في الوطن العربي حيث تقلد منصبه منذ عام ١٩٨٢ حتي اليوم وهي ليست بالفترة الهينة في تاريخ عدن فقد عاصر دولتين واربع فترات زمنية مختلفة بدأت بدولة اليمن الديمقراطية الشعبية وصولا إلى عصر الوحدة ومرورا بحرب ١٩٩٤ ليري بام عينيه نهاية حقبة علي عبد صالح، في عام ٢٠١١ وتولي هادي للسلطة إلي أن جاءت حرب ٢٠١٥ لتشهد ميلاد جديد للمقاومة الجنوبية والآن المجلس الانتقالي الجنوبي يحاول جاهداً إعادة دولة الجنوب مرة أخرى بعد أن أصبح شريك رسمياً في الحكومة بعد توقيعه علي اتفاق الرياض ورغم كل تلك الاحداث يستمر الرجل في عطاءه كمدير الصهاريج.

قبة التدين ومشهد يفصله ٣٥ قرن

تبدأ جولتنا داخل الصهاريج بمشهد الفارق الزمني فيه ٣٥ قرن ولكن يؤدي نفس الوظيفة لفتاة  لا يبدو منها سوي عينيها خلف نقابها تلتقط صورة لها وهي علي درج،ولا تعلم أن المبني ذى القبة الذي ينتهي إليه هذا الدرج لايقل تدينا عنها،انه مكان عبادة اجدادها الأولين تمثل تلك القبة جانب هام في حياة الصهاريج فعلي الرغم من أن الصهاريج هي مكان لتجمع الماء لا يرتبط سوي بحياة الناس ومعيشتهم إلا أن هذه القبة تمثل بعدا روحياً آخر لأنها كانت مكان عبادة المؤسسين إلي النجوم يهرعون إليه عندما تجدب السماء عن المطر طالبين الرحمة والرزق الوفير من الههم، حيث كانت احدي المحاريب تتجه نحو شروق الشمس والمحراب الآخر إلي موكب الزهرة.

جنان مائية

تتجاوز تلك القبة لتجد خلفها جنة من جنان الله المائية أنه الصهاريج الأكبر القائم حالياً حيث تتكون جدرانه من مدرجات تتخللها سلالم يحتضنها الجبل في منظر مهيب لجبلين يربط بينهم جسر صغيرةهو في حقيقة الأمر سد مغمور بالمياه 

تعبر العديد من الجسور الإنجليزية وتقابلك لوحة مكتوب عليها اسم وتاريخ الصهاريج بالإنجليزية والتي تعود لعصر الإحتلال الانجليزي تمثل الصهاريج برك مائية كبيرة يتجمع الماء بداخلها، سميت بهذا الاسم لأنها تجمع كميات رهيبة من الماء مثل صهاريج البترول وأكثر ما يميزها تلك الاحجار المتراصة بشكل عجيب والتي تقوم بحماية الصهاريج.  تأتي لقناة جافة من المياة وفوقها جسور، تشعر وكانك انتقلت الي لندن أو امستردام حيث تغلب النكهة الأوروبية على تلك الجسور.

تعبر سلم اخير تصل عبره لصفحة مائية تكاد تقترب من قمة الجبل وتحتضنها صخوره، ولكن تلك المرة السلم المؤدي إلى صفحة الماء مغلق حفاظا على حياة الزائرين وايذانا بنهاية رحلتنا داخل الصهاريج.

الصهاريج وأبناء عدن

تري على جانبي الصهاريج عدد كبير من الزوار، خاصة السيدات الجنوبيات، حين تسأل أحدهن توضح لك أنها من عدن أو أبين، وعدد كبير من الاسر منها القادمة من الشمال المسيطر عليه الحوثي، وقبل أن تصل باب الصهاريج تجد حديقة للأطفال، تحرص فيها الكثير من العدنيات أن يصطحبن أطفالهن إليها، حيث لا تزال الصهاريج بعد القصف التي تعرضت له عن من أخر المتنفسات لسكانها.

بناء داخل حرم الصهاريج

ترنوا ببصرك الي أعلى على جانبي الصهاريج لترى العديد من المنازل على سفح الجبل، تعتقد في البداية أنها من الأبنية القديمة للمدينة، لتصطدم أنها حتى ولاية الرئيس هادي على البلاد كانت غير موجودة، وأنها احد ثمار البناء العشوائي في البلاد

لا يعترف بها الجميع، حيث يعتبرها الرباطي احد ثمار إهمال المكان، بينما توجه جاكلين البطاني مؤسسة مبادرة هويتي لإحياء التراث سهام الاتهام نحو النازحين بعد الحرب، على حين يغسل نجيب السعدي رئيس وحدة النازحين يديه من تبعيتهم له.