رحلة 50 عاما.. "دافوس" قرية ملهمة في الأدب والاقتصاد

اقتصاد

اليمن العربي

قبل 108 سنوات خاصة عام 1912 كانت قرية دافوس الصغيرة في سويسرا ملهمة لواحد من أبرز الكتاب الألمان في القرن العشرين، قبل أن تتحول منذ سبعينيات القرن الماضي إلى عاصمة الفعاليات والاحتفالات الاقتصادية حول العالم.

 

ففي 1912، تواجد "توماس مان" وهو واحد من أشهر الكتاب الألمان والعالمين في ذلك الوقت في قرية دافوس، وألهمته على كتابة روايته الأشهر الجبل السحري "The Magic Mountain" التي تعتبر على نطاق واسع واحدة من أكثر الأعمال المؤثرة في الأدب الألماني بالقرن العشرين.

 

وتحولت الرواية في ذلك القرن، ولا تزال، إلى محفز للحياة والعمل كما هي دافوس بالضبط التي وصفها في كتابه بأنها قبلة قادرة على تغيير نظرة الإنسان للحياة، بسبب بيئتها الممزوجة بالسهل الممتنع، فالبرد القارص والجبال العالية، تجعل منها محفزة لمقاومة تغيرات الحياة.

 

من تلك الرواية، اختار مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب قرية دافوس لتكون عاصمة الحدث الاقتصادي الذي انطلق في 1971، الذي اقتصر في بداياته على الاقتصاديين الأوروبيين تحت مسمى "منتدى الإدارة الأوربية"، للتعلم من النموذج الأمريكي في الإدارة والاقتصاد.

 

وفي 1974 بدأت دعوة قادة الدول، على خلفية الأحداث في الشرق الأوسط وأزمة النفط التي وقعت إبان حرب أكتوبر بين العرب وإسرائيل، بينما في عام 1987 تمت تسمية المنتدى بالمنتدى الاقتصادي العالمي على اسم المنظمة غير الربحية التي تنظم المنتدى سنويا.

 

وفي جهد خاص لـ"شواب"، قام بتحويل الفعالية الاقتصادية إلى جسم منظم تحت عنوان المنتدى الاقتصاد العالمي "دافوس"، ليكون منظمة دولية غير ربحية مستقلة، تحاول تطوير العالم عن طريق تشجيع الأعمال والسياسات وكل القادة المجتمعيين لتشكيل "الرؤية العالمية". 

 

ويتم تمويل دافوس من قبل نحو ألف شركة من أكبر الشركات في العالم التي تدفع رسوم اشتراك كبيرة لتكون عضوا بالمنتدى، وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز عام 2011 أن كل شركة تدفع نحو 71000 دولار، لا تشمل الإقامة والسفر، لتستطيع التسجيل والحضور.

 

وتتحول القرية الصغيرة في يناير/كانون الثاني من كل عام إلى ما أشبه بالثكنة العسكرية من جهة وخلية نحل لتجهيز البنى التحتية والفوقية للفعالية التي تستمر بين ثلاثة إلى أربعة أيام.

 

وبطبيعة الحال، ترتفع في هذا الشهر وتيرة الطائرات التي تهبط في مطارات سويسرا خلال أسبوع دافوس لتصل إلى ضعف الأيام العادية، عدا سيل الطائرات الخاصة التي يمتلكها الكثير من حضور المنتدى.

 

كذلك أصبحت القرية مقصدا للسياحة العالمية، لزيارة مكان انعقاد المنتدى وأبرز الفنادق والمنتجعات التي تكون مقرا لرؤساء قادة العالم، إذ أظهر تقرير سويسري في 2018 أن نسبة الإشغال في دافوس تبلغ بالمتوسط 90% سنويا.

 

ولا يخلو انعقاد المنتدى من انتقادات، منها ما قاله ناعوم تشومسكي إن المنتدى يهمّش بوضوح الفقراء وغير ذوي المناصب والنفوذ والمال من مناقشة الشؤون الدولية، ويقتصر على مجموعة تمتلك رؤية مشتركة بشكل ما، نظرا لطبيعة مناصبها ومواقعها.