ليبيا تنتصر بعد عقد من الإرهاب الدموي

عرب وعالم

اليمن العربي

مرّت ليبيا لنحو عقد من الزمان بمآسٍ وآلام كثيرة لا يتمنى أحد عودتها وتكرارها من جديد؛ فعلى مدار الأعوام الماضية خلال العقد الثاني من الألفية الثانية، عانى الليبيون من العنف القائم، على عمليات الخطف والإخفاء القسري والاغتيالات والهجمات الدامية على المراكز الأمنية والمؤسسات القضائية والعسكرية، وحتى البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية، والمدنيين.

وقد ارتكبت الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها من بينها “داعش” خلال العقد الماضي، انتهاكات جسيمة وجرائم إنسانية مع امتداد وجودها وسيطرتها على أراضٍ داخل ليبيا، حيث حافظت التنظيمات الإرهابية خلال تلك السنوات على حضورها في درنة وفي بنغازي شرق البلاد، وفي منطقة طرابلس في الغرب، والجنوب، وكذلك سرت وضواحيها.

وفرض داعش حالة من الترهيب، خلال الفترة التي سيطر عليها على عدة مناطق ليبية، تميزت بأعمال الجلد العلني وبتر الأطراف والإعدام بالرصاص والذبح وقطع الرؤوس، وقد أظهرت العديد من التسجيلات المرئية على وسائل التواصل الاجتماعي ارتكاب “داعش” لتلك الأفعال الإجرامية الدامية.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، نشر “داعش” في 15 فبراير2015 مقطع فيديو يظهر فيه عناصره وهم يذبحون رؤوس 21 شخصا، أغلبهم أقباط مصريين في سرت.

وبعد خمسة أيام من نفس الشهر، تبنى الفرع الليبي لتنظيم الدولة، الذي يسمي نفسه “ولاية برقة”، الهجمات التي هزت القبة شرقي ليبيا، يوم الجمعة 20 فبراير 2015. وأسفرت ثلاث هجمات عن مقتل 40 شخصا على الأقل، وأصيب أكثر من 75 آخرين، إثر انفجار 3 سيارات مفخخة.

إن جرائم “داعش” من القتل المستمر والخطف والإخفاء القسري والتفجيرات وغيرها من الأعمال القذّرة، هي جرائم إنسانية يرفضها الليبيون.

وعلى الرغم من سعي “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية، لإخضاع المدنيين تحـت سيطرته والهيمنة على كل جوانب حياتهم من خلال الرعب والتلقين الأيديولوجي وتوفير الخدمات لمن يطيعهم، غير أنه لم يستطع ذلك، حيث أثبت الليبيين أن بلادهم لم تكن ولن تكون لقمة سائغة، وأنها عصية على الخضوع له ولغيره من التنظيمات المؤدلجة وأنها قادرة بسواعد أبنائها على الخلاص منها.

ولإدراك الليبيين، أن المواجهة هي السبيل الوحيد للخلاص من الإرهابيين وتوحيد دولتهم وفرض الاستقرار وهيبة الدولة، فقد تكاتفوا لأجل معركة الخلاص من تلك التنظيمات.

وقد كافح الليبيين من أجل طرد الإرهابيين من بلادهم، على الرغم من أن الأمر لم يكن سهلا، ولأن لا شيء يعدل استقلال دولتهم واستقرارها وفرض سيادتها على كامل ترابها الوطني، فقد قدم الليبيين أرواح أبنائهم الغالية لأجل ذلك.

وإذا ما سألت أي مواطن ليبي عادي، ماذا تريد، سيجيبك على الفور، “نريد الأمن والآمان والاستقرار ودولة قوية تلبي طموحاتنا”.

ونتيجة للتعاون الكبير الذي أبداه الليبيين في المناطق التي خضعت لسنوات للتنظيمات الإرهابية، فقد نجح الجيش الوطني من تطهير مدن مثل بنغازي ودرنة من سطوة الإرهاب وإرجاع المدينتين الهامتين في شرق البلاد إلى حضن الدولة.

يعيش الليبيون الآن، بفضل تضحياتهم الجسيمة بعد أن انتصروا على أعتى القوى الظلامية بإراداتهم الصلبة وعزيمتهم الراسخة في الحفاظ على الوطن وكرامته، عقدًا جديدًا من الألفية الثانية، وقد تجاوزا مرحلة زمنية من أصعب المراحل التي مرت بها بلادهم في تاريخها الحديث.

لكن الوضع بتجلياته الراهنة يشير إلى أن هناك من يريد أن يحرم الليبيين من انتصاراتهم، ويحاول من جديد إنعاش التطرف والإرهاب في بلادهم، حيث بات من الواضح وصول دفعات من الإرهابيين إلى غرب ليبيا قادمين في رحلات جوية عبر تركيا من سوريا إلى طرابلس، الأمر الذي سيتطلب وقفة جادة من جميع الليبيين للحيلولة دون انتشارهم وطردهم من جديد من حيث أتوا أو تدميرهم كما فعلوا في السابق.