عبدالرحمن الجفري ..الماضي المتجدد؟!

اليمن العربي

على هامش الاستعداد لحضور مناسبة توقيع اتفاق الرياض .. بين حكومة الشرعية اليمنية و المجلس الانتقالي الجنوبي ، التقيت :الاخ عبدالله الجعيدي في صالة الفندق ، كما التقيت بغيره من ضيوف و ممثلي بعض المكونات ـ التي تكاثرت بين معارضة و موالاة و اخرى مفرخه ، لهذا الطرف او ذاك ، اخذت منا السلامات و المجاملات الكثير من الوقت ، لم ننفصل عن بعضنا رغم هذا الكم من المعارف و الاصدقاء من المقيمين و الوافدين ،لحضور هذه المناسبة المهمة ، و الامل ، في راب الكثير من التصدعات ، وردم الاكثر من الخنادق و الحفر امام استعادة الوأم ، بين مختلف تلك المكونات بتناقضاتها الفكرية و تطلعاتها السياسية التي غذتها الازمات و الصراعات اليمانية .. فاستضافتهم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود و ولي عهده الامير محمد بن سلمان لسببين في تقديري.. الاول علني وهو حضور مراسم التوقيع ، والثاني و هو الاهم في تقديري و لا اظنني مخطئ و هو اللقاءات المباشرة بينهم ، لكسر الحواجز في ما بين تلك التكوينات ، التاريخية و التي نشاءة خلال السنوات الاخيرة ، على قاعدة " الناس وحوش حتى تتعارف " وهي قاعدة غالبا ما يرددها الزعيم السيد : عبدالرحمن علي الجفري ، منذ عرفته عن قرب ، في مرحلة النضال داخل صفوف شباب "رابطة الجنوب العربي " وبالذات بعد احداث يناير1986في عدن .. ذكرت القاعدة للأخ الجعيدي ، فبادرني :هل شفت "أبو علي " فقلت : اتصلت قبل يومين و كان يستعد لموعد له خارج سكنه ، فقال الان الوقت ما زال مبكر .

ذهبنا الي مقر اقامته .. فكان اللقاء الذي قطع مسافة من الانقطاع السياسي ، من قبلي بالدرجة الاولى ،أعترف بذلك ، لا لأبرر تقصيري ، ولكن حتى لا تتسبب أراي و رؤاي في أي نوع من انواع التقاطعات ، تفضي الي الاضرار بجسور من الود و المحبة الشخصية ، القائمة على الاحترام ، التي دفعتني الي ان اؤثر الابتعاد للإبقاء عليها متينة و صلبة .. فالرابطة مدرستنا التي خرجت قادة الكثير من الفصائل الوطنية ، و منها قادة الجبهة القومية ـ قبل الحزب الاشتراكي ، فضلا عن رموز اليسار وفي مقدمتهم الاستاذ : عبدالله باذيب و غيرهم ، ففي الرابطة قاعدة الخلاف في الراي لا يفسد للود قضية .. قاعدة ذهبية غير قابلة للصداء ، رسخها مهندس الحركة الوطنية السيد : محمد علي الجفري ، ومفكرها السياسي الاستاذ : شيخان عبدالله الحبشي ، وعمل بها رفاقهم من الرعيل الاول ، ولم يهملها تلاميذهم من الرعيل الثاني .

ذهبنا فكان اللقاء الذي اثار د. حسين لقور و الاخ الجعيدي ، لقاء عاد بي الي ما يقارب اربعة عقود من الزمن لا اقول الجميل فحسب ، بل زمن الكبار ـ الكبار ، ففي رؤاهم و طروحاتهم ، التي عاد اليها اليوم ،من حاربهم و خونهم بالأمس ، خلال العناق قال : الجعيدي "مازحا جبته يابو علي " رددت عليه : لا احد يجيبني يا عبدالله لآخونا و استاذنا الكبير عبدالرحمن الجفري ، وإذا به وبتواضع الكبرياء يقول لا إلا هذه ، نحن تربية اساتذتنا الكبار ـ انا وانت ، وينطلق الحديث من الماضي الي الحاضر ، ولا يقطعه الا توالي الزوار ومنهم اللواء : فرج سالمين البحسني ، و بعد برهة من الوقت الشيخ عمرو بن عليً بن حبريش .

كانوا في هم الحاضر يخوضون ، ويتحدثون عن ما سيؤسس له اتفاق " الشرعية ـ الانتقالي " اما انا فقد جرتني الذكريات مع الرجل ، وسحبتني الي الماضي ، فسرحت فيه ، وتذكرت مخاطبة ـ تاريخية ،للسيد : محمد على الجفري وجهت الي الرئيس : قحطان الشعبي عشية تمرد يسار الجبهة القومية عليه ، عبر الصحافة اللبنانية من مغبة اللجوء للسلاح .. وبالتالي الصراع في مجتمع قبلي ، حتى لا تتحول هذه الانقسامات الي صراع قبلي ـ مناطقي .. وهو ما حدث لتتوالى الصراعات الدامية في عدن بين الرفاق بأدوات مناطقية و تحت شعارات ماركسية حتى 1986.. العام الذي تحولت فيه العلاقة مع الاخ و الزعيم عبدالرحمن علي الجفري ـ الي علاقة حوار رابطي و وطني لاستعادة دور الريادة ، وكل ذلك في اطار من الاخوة و الصداقة .. واظن ما يحدث اليوم يؤكد صحة طروحات تارابطة ،ويستوجب تغيير في الذهنات و التفكير السياسي بعد اتفاق الرياض و تلك القاءات والحوارات على هامشه . .

لذا اجد ان القاعدة التي يردد ها " الناس وحوش حتى تتعارف " حاضره في لقاءات الرياض لتشكل محطة انطلاقة جديدة ، لمغادرة الصراع الي التعارف ، بشرط استيعاب صوت العقل و العقلاء و منهم هذا القائد الاخ و الصديق الذي اعادني الي زمن الكبار .