للأسبوع الثالث.. استمرار الاحتجاجات في لبنان

عرب وعالم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قطع المتظاهرون في لبنان صباح الخميس مجدداً طرقاً رئيسية وفرعية في مناطق عدة، قبل أن يسارع الجيش ويفتح معظمها، بالتزامن مع دخول الحراك الشعبي غير المسبوق أسبوعه الثالث، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية كلها.

وبعد يومين من استقالة رئيس الحكومة، لا يزال المتظاهرون مصممين على البقاء في الشارع مطالبين بتسريع تشكيل حكومة جديدة يريدونها من التكنوقراط والمستقلين ومن خارج الأحزاب التقليدية، في ما بدا تأخر موعد بدء الاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد لمجلس الوزراء سبباً رئيسياً لإصرار المحتجين على مواصلة حراكهم.

وقال طارق مدهو أثناء مشاركته في قطع جسر فؤاد شهاب الرئيسي في العاصمة:"لا أريد أن أستسلم".

ورغم إصرار بعض المتظاهرين على إبقاء الطرق مغلقة، نجح الجيش اللبناني قبل ظهر الخميس في فتح معظمها، وسط انتشار أمني كثيف.

وحصل الأمر نفسه الأربعاء وعادت حركة السير إلى طبيعتها نهاراً، إلا أن المشهد تبدل مساءً بعدما اجتاح المحتجون الشوارع مجدداً، انطلاقاً من طرابلس في الشمال، وصولاً إلى مناطق أخرى في الوسط الساحلي، وفي بيروت، والجنوب، مؤكدين أن "الثورة" لا تهدف فقط إلى إسقاط الحكومة، وأنهم مستمرون في حراكهم حتى تحقيق كل مطالبهم بتغيير الطبقة السياسية، وإنقاذ الوضع الاقتصادي.

وشهدت منطقة العبدة في منطقة عكار في أقصى الشمال اللبناني، توتراً مساء الأربعاء بين المتظاهرين والجيش، الذي ألقى قنابل مسيّلة للدموع لتفريقهم. وأفيد عن وقوع جرحى، وفق وكالة الأنباء الرسمية.

وبعد نحو أسبوعين من الإغلاق، فتحت بعض المدارس والجامعات أبوابها الخميس، فيما فضلت أخرى الإبقاء على أبوابها مغلقة.

أما المصارف فأكدت الأربعاء أنها ستستأنف "العمل الطبيعي ابتداءً من يوم الجمعة" وسط تخوف المواطنين الذين يخشون انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار، بمجرد أن تفتح المصارف أبوابها مع ازدياد الطلب.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة دعا إلى حل فوري للأزمة لتجنب انهيار اقتصادي.

وفيما تتنوع مطالب المتظاهرين بين منطقة وأخرى، إلا أن غالبيتهم يرون أن المرحلة المقبلة يجب أن تتضمن، بعد تشكيل حكومة اختصاصيين، إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وإقرار قوانين لاستعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى طلبها الرئيسي: رحيل الطبقة السياسية برمتها.

وتتألف الطبقة الحاكمة في لبنان بمعظمها من زعماء كانوا جزءاً من الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد بين 1975 و1990، ولا يزال أغلبهم في الحكم منذ نحو ثلاثة عقود. ويمثّل هؤلاء عموماً طائفة أو منطقة معينة.

ويبدو أن الغموض الذي يلف المرحلة المقبلة لا يريح الشارع، وأثارت معلومات عن تأجيل بدء الرئيس الاستشارات النيابية غضب المعتصمين، مع دخول حراكهم أسبوعه الثالث.

وأفاد مصدر مواكب للمشاورات الرئاسية وكالة فرانس برس، بأن الرئيس ميشال عون حدّد موعد بدء الاستشارات النيابية يوم الاثنين المقبل "لوجود عدد من النواب خارج البلاد ولأن الحريري استقال بشكل مفاجئ دون تنسيق مع الرئيس للتفاهم على شكل الحكومة الجديدة".

وأشار إلى أن "الرئيس يأخذ بعين الاعتبار مطلب الحراك في يخصّ أن تكون الحكومة مؤلفة من اختصاصيين".

وقال المتظاهر محمد من المنية قرب طرابلس في الشمال: "أردنا إعطاء السلطة مهلة 48 ساعة لتقوم بالاستشارات النيابية لتحقيق مطلبنا بتشكيل حكومة اختصاصيين بعيدة عن المحاصصات ومستقلة، لكننا لم نشعر أن السلطة جدية في الاسراع بذلك، ولهذا بقينا في الشارع".

وعنونت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية في عددها الصادر الخميس "تأجلت الاستشارات... فقُطعت الطرقات".

وقال غدي، أحد المتظاهرين في وسط بيروت: "مطالبنا لا تتوقف عند استقالة الحكومة. لا تزال هناك مطالب كثيرة".

وأضاف "قطع الطرق ليس إلا ضغطاً شعبياً على الدولة لتسرع في تشكيل الحكومة وفي الاستشارات النيابية التي حُكي عن تأجيلها".

ووُجهت عبر على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات إلى اللبنانيين للإضراب العام، والتظاهر أمام القصر الرئاسي بعد ظهر الجمعة، وكذلك إلى التظاهر أمام منزل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التنية في بيروت بعد ظهر السبت، وذلك للمطالبة بتشكيل حكومة كفاءات مصغرة من مستقلين تعطى صلاحيات استثنائية بأسرع وقت ممكن ولتحقيق كافة مطالب المتظاهرين.

وسيتوجه عون بكلمة الى اللبنانيين مساء اليوم في الذكرى الثالثة، لوصوله إلى سدة الرئاسة.

وأعلن الحريري الثلاثاء استقالة حكومته "تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير".

وتلقى المتظاهرون في كافة المناطق اللبنانية خبر الاستقالة بالترحيب والهتافات احتفالاً بما حققه حراكهم الشعبي الذي بدأ في 17 أكتوبر (تشرين الأول) وتسبب في شلل كامل في البلاد شمل إغلاق المدارس، والجامعات، والمصارف.

وطلب عون من الحكومة "الاستمرار في تصريف الأعمال" حتى تشكيل حكومة جديدة.

واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس، أن "من الضروري، من أجل مستقبل لبنان، تشكيل حكومة بسرعة لتكون قادرة على إجراء الإصلاحات التي تحتاجها البلاد".

 ودعا المسؤولين اللبنانيين إلى "إعلاء روح الوحدة والمسؤولية، لضمان الاستقرار والأمن والمصلحة العامة للبلد".