"جريمة الملالي الكبرى".. كتاب يكشف أسرار مذبحة 1988

ثقافة وفن

اليمن العربي

قدمت مريم رجوي، زعيمة المعارضة الإيرانية، في مؤتمر بمقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورج، كتاباً جديداً يتضمن أسماء ومواصفات أكثر من 5 آلاف من 30 ألفاً من السجناء السياسيين الذين أعدمهم النظام في مجزرة عام 1988. 

 

وتعتبر مذبحة 1988 التي ارتكبها نظام الملالي في صفوف المعارضة الإيرانية، نقطة دائمة للبحث لكثرة أعداد الضحايا، ما كان محل بحث متواصل من قبل الكتاب والباحثين. 

 

تفاصيل جديدة 

 

 "جريمة الملالي الكبرى" كتاب جديد يحوي الكثير من المعلومات والتفاصيل حول مذبحة الملالي الإرهابية، حيث يحتوي الكتاب على تفاصيل أكثر من 5 آلاف و15 ضحية من بين 30 ألف سجين سياسي تم ذبحهم من قبل نظام الملالي في إيران عام 1988. 

 

ويوفر تفاصيل حول 35 لجنة للموت، كانت مسؤولة عن إرسال السجناء إلى حبل المشنقة في 110 مدن مختلفة التي يشغل أعضاؤها الرئيسيون مناصب عليا حالياً في نظام الملالي.

 

ويكشف الكتاب عن وجود العشرات من المقابر الجماعية التي تم تحديد العديد منها مؤخراً في 36 مدينة في جميع أنحاء البلاد.

 

المقاومة الداخلية

 

وتولت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وشبكتها داخل البلاد، الكشف عن التفاصيل الجديدة حول مذبحة الملالي، في وقت بذل النظام كل الإجراءات للحفاظ على سرية تفاصيلها، إذ يعاقب أي شخص يتحدث عنها علانية. 

 

وعانى الكثيرون من السجن أو التعذيب أو القيود الاجتماعية من أجل الحصول على هذه المعلومات بما في ذلك عضو منظمة مجاهدي خلق الراحل طيب حياتي.

 

إحصائيات دموية 

 

وتكشف المعلومات التي حصلت عليها المقاومة في الداخل عن 5،015 ضحية من بينها 570 امرأة و4،445 رجلاً من بين ما يقدر بنحو 30،000 ضحية، غالبيتهم العظمى من الناشطين في مجاهدي خلق. 

 

ومن أصل 2،770 ضحية كان هناك نحو 42 منهم تحت سن 18 عاماً، وعلى الأرجح تم القبض عليهم خلال المجزرة. 

 

وكان معظم الضحايا بين 20 و30 سنة، وسن الخمسين عند إعدامهم، فيما ينتمي الضحايا إلى 140 مدينة مختلفة تغطي جميع محافظات إيران البالغ عددها 31 مقاطعة، فيما تضمنت البلوشيين والعرب والأكراد والأذريين والتركمان والبختياريين واللور والقشقائيين والتاليشيين.

 

وحصلت المقاومة الإيرانية في الداخل على تلك المعلومات عبر مصادر رئيسية تشمل شهادة السجناء السياسيين السابقين، الذين شهد بعضهم عمليات القتل المروعة في عام 1988، بالإضافة إلى أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية داخل إيران، الذين اتصلوا بأسر الضحايا أو السجناء السياسيين السابقين، في وقت تعرضوا فيه لجميع المخاطر، لكنهم استطاعوا عن جدارة إنتاج تقارير موثقة. 

 

وبناءً على المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها منظمة مجاهدي خلق من داخل النظام بين عامي 1988 و1989، كشف المجاهدون والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن أخبار وتقارير غير معروفة للعالم الخارجي فيما يتعلق بالمجزرة. 

 

وكتب حينها زعيم المقاومة مسعود رجوي، في برقية بتاريخ 25 أغسطس/آب 1988 إلى الأمين العام للأمم المتحدة حينها، خافيير بيريز دي كويار: "بناءً على التقارير ذات الصلة التي حصلنا عليها قبل بضعة أسابيع، أكدت أن خميني أصدر مرسوماً مكتوباً بخط يده، أمر فيه بإعدام السجناء السياسيين في منظمة مجاهدي خلق". 

 

وتزامن مع إصدار المرسوم تنفيذ عمليات اعتقال سياسية واسعة النطاق في مدن مختلفة، حيث بدأت عمليات إعدام جماعية للسجناء السياسيين الذين أتموا بالفعل فترة سجنهم آنذاك. 

 

البرقية كانت المرة الأولى التي تنشر فيها أخبار فتوى الخميني في إيران وخارجها.

 

ترقية قادة المجزرة 

 

وبالرغم من ثبوت إجرام العديد من قادة نظام طهران المشاركين في المذبحة تمت ترقية المسؤولين عن ارتكابها إلى صفوف ومراتب عليا. 

 

ويعتبر إبراهيم رئيسي، عضو لجنة الموت في طهران، الذي تم تعيينه مؤخراً كرئيس للسلطة القضائية، أحد الأمثلة البغيضة الإرهابية التي قامت بتصفية السجناء السياسيين، بالإضافة إلى وزير العدل علي رضا أوايي الذي كان عضوًا رئيسياً أيضاً في لجنة الموت في مقاطعة خوزستان الجنوبية، ومصطفى بور محمدي، وهو عضو سابق في لجنة الموت في طهران.

 

ويتولى نحو 63٪ من الأعضاء السابقين في لجنة الموت مناصب عليا في الحكومة أو القضاء، بالإضافة إلى مكافأتهم على جرائمهم. 

 

وعلى مدار 30 عاماً مضت، باستثناء فترة قصيرة مدتها 4 سنوات، تم اختيار منصب وزير العدل من بين مرتكبي مذبحة 1988، حيث تولى محمد إسماعيل شوشتاري بين (1989-2005)، ومرتضى بختياري بين (2009-2013)، ومصطفى بور محمدي بين عامي (2013-2017)، وعلي رضا أوايي من عام 2017.

 

وحاول النظام إدارة المجزرة في سرية تامة، حيث قطعت جميع الاتصالات بين الأسرى والعالم الخارجي آنذاك، فيما لا يزال هناك حظر على نشر أسماء الذين أعدموا وإبقاء مواقع المقابر الجماعية للضحايا سراً للتستر على الفظائع التي ارتكبت في حق الضحايا، ولمنع أي نوع من التجمعات للأقارب أو المقابر من أن تصبح رموزاً للمقاومة ونقاط تجمع لحركات الاحتجاج. 

 

مراحل ارتكاب المذبحة 

 

وارتكبت المذبحة على مراحل 5، جاءت أولها في عمليات الإعدام الواسعة النطاق التي نفذت بحق منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في سجن إيفين بطهران، وسجن جوهردشت في ضواحي مدينة كرج على بعد 40 كم من العاصمة طهران. 

 

وغطت الموجة الثانية عمليات الإعدام التي حدثت في وقت واحد في السجون في 100 مدينة أخرى على الأقل، بينما كانت الموجة الثالثة هي إعدام السجناء السياسيين السابقين المرتبطين بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذين لم يكونوا في السجن في ذلك الوقت، ولكن تم إلقاء القبض عليهم مرة أخرى وتم إعدامهم على الفور. 

 

وتمثلت الموجة الرابعة في إعدام السجناء الماركسيين الذين قُتلوا بناءً على فتوى أخرى قام بها الخميني أو أي شخص آخر، ولا تزال المعلومات غير قادرة على الوصول إليها، وخلالها تم استدعاء السجناء الماركسيين لإجراء مقابلات مع نهاية أغسطس/آب 1988 بشأن معتقداتهم الدينية. 

 

كما غطت الموجة الخامسة عمليات الإعدام التي استهدفت مؤيدي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، الذين لم يقضوا عقوبة السجن ولكن تم اعتقالهم بسبب جهودهم لمساعدة الحركة، وأعدموا بعد بضعة أيام من السجن، بناء على أوامر من محاكم شكلية بدون وجود محامين. 

 

 نية مبيتة 

 

وتشير التقارير والأدلة إلى أن عمليات القتل استمرت حتى الأشهر الأولى من عام 1989، كما أن الكثير من الأدلة والشهادات من قبل أولئك الذين كانوا في السجن في عامي 1987 و1988 لا تترك مجالاً للشك في أن المذبحة تم التخطيط لها من قبل. 

 

وفي نقاش (تم تسجيل شريط صوتي له في صيف عام 2016) مع 4 من المسؤولين عن المذبحة، قال خليفة الخميني، المعين في ذلك الوقت، حسين علي منتظري: "اعتاد أحمد آغا (ابن الخميني) أن يقول، قبل 3 أو 4 سنوات، إن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بما في ذلك أولئك الذين قرأوا فقط صحيفتهم أو جرائدهم أو بياناتهم، يجب إعدامهم جميعاً".

 

يذكر أنه في عامي 2016 و2017، تمكن مؤيدو منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في إيران من الحصول على معلومات جديدة عن المقابر المخفاة، بما في ذلك معلومات تحديد المقابر الجماعية في 36 مدينة، باستثناء المقابر الجماعية الرئيسية في خفارانوبهشت زهرا.