فتيات من صعيد مصر يحطمن شعار "التحطيب للرجال فقط"

منوعات

اليمن العربي

اتفقت 4 فتيات على كسر "تابوه" الموروث الشعبي بأن لعبة التحطيب "للرجال فقط"، يتفاخر فيها بقوته أمام الآخرين، وفي الاحتفالات والأفراح الشعبية، متحدين العادات والتقاليد التي تحكمهن داخل محافظاتهن المنيا وأسيوط وسوهاج والأقصر، ونجحن في تغيير ذلك النمط بفريق يضم عددا من الفتيات يشاركن به في البطولات المحلية والعالمية أيضاً.

 

انطلق أول فريق للتحطيب يضم الفتيات والشباب من داخل جمعية الصعيد للتربية والتنمية، والتي تعمل على تغيير أفكار المجتمع انطلاقاً من مبدأ المساواة الذي تعتنقه.

 

والتحطيب هو فن من الفنون القتالية المصرية، المستمدة من الأصول الفرعونية القديمة، ويستخدم فيه العصي الخشبية في المبارزة، حيث صور الفراعنة هذه الرياضة على جدران معابدهم، وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود.

 

وتقول نيرة طلعت، البالغة من العمر 23 عاماً، ابنة قرية بني عبيد بالمنيا: "إنها بعد حضورها لعرض تحطيب تابع لجمعية الصعيد بالمنيا، أعجبت بالفكرة، وقررت الانضمام للفريق".

 

وأضافت: "أنا أحب كل ما هو مختلف وصعب، فاتجهت فوراً إلى مديرة المركز للانضمام للفريق، وكان هناك ترحيب كبير، خاصة أنني أول فتاة من المنيا تشارك في التحطيب".

 

وأشارت "نيرة" إلى أن رياضة التحطيب ليست سهلة، ولكنها تحتاج للتدريب كثيراً، وتقوية الجسم، للتحكم في العصا والدفاع عن النفس.

 

وبدأت معاناة "نيرة" لإقناع الأهل بانضمامها لفريق التحطيب، حيث نظرتهم إليه بأنه رقص فلكلوري للرجال فقط، وأضافت: "بعد محاولات سمحوا لي بالانضمام والتجربة، وبعد ذلك اقتنعوا بأنها رياضة للدفاع عن النفس وليست رقص".

 

وتفخر "نيرة" بانضمامها للفريق، خاصة بعد المشاركة في المهرجان الدولي للدفاع عن النفس في كوريا الشمالية قائلة: "فخورة بأني تحديت الأفكار المتوارثة والخاطئة عن التحطيب، حتى أصبحنا نشارك عالمياً في مهرجانات دولية باسم مصر".

 

ومن محافظة سوهاج، قررت مريم نبيل، البالغة من العمر 25 عاماً، السير وراء شغفها الذي قوبل بالرفض سابقاً خلال دراستها بكلية التربية الرياضية، ومحاولتها الانضمام لفريق التحطيب بالكلية، ونجحت بالفعل في الالتحاق بفريق التحطيب بجمعية الصعيد، وكذلك إعداد ماجستير في رياضة التحطيب، لتوثيق تلك الرياضة وعدم تشويهها باعتبارها رياضة وليست للرقص والاحتفال فقط، وأنها أيضاً ليست للرجال فقط.

 

وأوضحت "مريم" أنها لاقت تشجيعا من أهلها على تلك الرياضة، لثقتهم في أنشطة جمعية الصعيد، ولكن على مستوى الأصدقاء فكانت دائماً ما يزعجها عبارات استهتار من نوعية "دي لعبة أولاد، أوعي تضربينا"، مشيرة إلى أنها دائماً توضح وتدعو المنتقد لحضور التدريبات، ليتسنى له معرفة أن التحطيب ليس مجرد عروض فنية، ولكنه رياضة تتطلب لياقة بدنية.

 

وتطور الوضع أمام "مريم" حاليا، فتقابل العديد من الشباب والفتيات الذين يرغبن في الانضمام للفريق الذي تقوده بمحافظتها، والذي يتراوح عدده بين 20 و30 فتاة وشاب، بعد الوصول للمستوى العالمي.

 

ومن محافظة الأقصر، تحدثت إيفون أسعد، البالغة من العمر 28 عاماً، عن أن رياضة التحطيب هي رياضة دفاع عن النفس، وليست فولكلورا شعبيا صريحا، مؤكدة: "بعد أبحاث توصلنا إلى أن الفراعنة كانوا يصنعون من معجون وورق بردي وبعض المواد عصا تساعدهم على النزاع في ساحات القتال، وهي نفس العصا التي نستخدمها حالياً، ولكنها مصنوعة من الخيزران، لها طول ووزن مناسب، وتستطيع التحكم فيها".

 

وتعرضت "إيفون"، المنضمة لفريق التحطيب منذ عام 2016، لبعض الانتقادات، ولكنها واجهتها جميعاً، بداية من أهلها، وحتى المحيطين بها، بشرح ماهية تلك الرياضة، قائلة: "الناس كانت معتقدة أن التحطيب فن للرقص، ولكن بعد أن رأوا تلك الرياضة على أرض الواقع من خلال البطولات، أدركوا أنها رياضة مثل أي رياضة أخرى، لها قيم ومبادئ وأخلاقيات".

 

أما رانيا مدحت، البالغة من العمر 24 عاماً، والتي تنتمي إلى مركز صدفا بمحافظة أسيوط، والتي تخرجت في كلية التربية الرياضية، فترى انضمامها لفريق التحطيب تحديا تستطيع أن تنجح فيه، فهي تعتبرها رياضة إنسانية وأخلاقية بالمقام الأول.

 

وتطورت الفتيات الـ4 من خلال التدريبات المكثفة، التي تُجرى في محافظاتهن وأخرى بالقاهرة، حيث يقمن بإعداد صف آخر من الفرق داخل محافظاتهن، حتى أصبحن مسؤولات عن تدريب أعداد تتراوح بين 8 و10 أعضاء مكونين من شباب وفتيات تحقيقاً لمبدأ المساواة بين النوع.

 

وتطمح الفتيات إلى معرفة المجتمع بالتحطيب كرياضة، ووصول الفريق للعالمية كأول فريق تحطيب من الصعيد.

 

ومن جانبه، يقول مينا جيد، المسؤول الإعلامي عن جمعية الصعيد للتربية والتنمية: "إن فريق التحطيب يعمل على إحياء التراث، حيث إن الجمعية شاركت في تسجيل ملف التحطيب في اليونسكو، تحت بند تراث إنساني لا مادي"، مشيراً إلى أن الفريق شارك مؤخراً في ألعاب الدفاع عن النفس بكوريا الجنوبية، وتم اعتماد مصر عضوا له حق التصويت لفنون الدفاع عن النفس الوراثية.