من هو المناضل علي سالم الغرابي

اليمن العربي

من مواليد العام 1932م في بادية الشحر بحضرموت توفي والده سالم بن حميد الغرابي وابنه سالم لم يتجاوز الخامسة من العمر فقام برعايته صديق والده عمر بن سالم القعيطي والحقة بالمدرسة الابتدائية في الشحر وبعدها بالمدرسه الوسطى بالغيل ومن زملائه في مدرسة الوسطى المؤرخ عبدالكريم الملاحي وكان هذا في العام 1947م وبعد أن انهى الدارسة في الوسطى مع مطلع الخمسينيات من القرن الماضي ابتعث لمواصلة الدارسة الثانوية في السودان وهناك التحق بحزب البعث العربي الاشتراكي وبعد التخرج عاد الى أرض الوطن عمل بالسلك الحكومي بسكرتارية الدولة في مدينة المكلا

ساهم علي سالم الغرابي في تأسيس خلايا حزب البعث في حضرموت مع كل من الدكتور عوض عيسى بامطرف واحمد الحميري وعلي عقيل بن يحيى والدكتور فرج بن غانم كما ساهم اسهام مباشر في تأسيس النادي الثقافي بالمكلا عام 1957م كما ساهم ايضا وبفعالية في مطلع الستينيات في تأسيس النقابات في حضرموت وكذلك طلائع حرب التحرير الشعبية في حضرموت وهي (الجناح العسكري لحزب البعث )كما كان في مقدمة المؤسسين للاتحاد الوطني للقوى الشعبية عام 1966م وكان علي سالم الغرابي يمتلك الثقافة والعلم وكان صادق المشاعر مخلصا في تعامله مع الناس مستقيما في سلوكه مدافعا صلبا عن مبادئه ومعتقداته الوطنية اضافة الى تواضعه الجم وخجله ودماثة اخلاقه .

في مطلع السبعينيات رشح لعضوية مجلس الشعب الاعلى وهذا أمر لم يرق لمن استطابت لهم كراسي السلطة الذين تفننوا في حبك المؤامرات والدسائس وعاثوا في أرض حضرموت فسادا واستباحوا الدماء والحرمات في تصفية خصومهم وكل الرموز الحضرمية لتخلوا لهم الساحة ومن ضحاياهم هذه المرة المناضل علي سالم الغرابي وهذا ماحدث للمناضل علي سالم الغرابي يرويه صديقة الاستاد سالم عوض باوزير في كتابه الموسوم ب(محطات على الطريق )

 

المحاولة الغادرة لاغتياله

 

مع تعاظم نضال مختلف فصائل العمل الوطني ضد الاستعمار الأنجلوسلاطيني في جنوب اليمن كان مسار هذا النضال ينحرف احيانا في اتجاه معاكس وخطير في صورة صراعات دموية وأحقاد بين مختلف هذه الفصائل حتى راح ضحيتة ذلك عدد من الشباب المناضلين في الحركة الوطنية اليمنية . وعند استلام الجبهة القومية للسلطة في الجنوب عام 1967م كان طبيعيا ان يلجأ الفقيد علي سالم الغرابي الى أهله وعشيرته (بيت غراب )بعيدا عن الارهاب والفوضى التي سادت المنطقة بعد الاستقلال مباشرة وملاحقة بعض عناصر السلطة بمديرية الشحر .

وهناك وبين أبناء عشيرته نصب المناضل علي الغرابي رئيسا لقبيلة ال غراب وأخد يزاول نشاطه في التوعية وخدمة أبناء تلك القبيلة وجرت محاولات كثيرة للقبض عليه حيا أو ميتا غير أن جميعها لم تفلح الأمر الذي حدا بالسلطة بتلك المديرية الى أتباع اسلوب المناورة والغدر وذلك بتقديم دعوة الى كبار رجالات ال غراب للحضور الى قرية (حلفون)للتشاور حول افتتاح مدرسة ابتدائية ووحده صحية بهذه القرية كان هؤلاء يطالبون بها منذ فترة وكان موعد القاء هو مساء يوم 28فبراير1972م وبحسن نية مقرونه بالحدر لبى هؤلاء الدعوة يتقدمهم رئيس القبيلة علي الغرابي وهم مجهزون بكامل أسلحتهم وأثناء الحديث حول الموضوع داهمهم شخص مسلح وطلب من الفقيد علي الغرابي تسليم نفسه والا اطلق عليه النار وهنا تقافز اعوانه من رجال ومشائخ قبيلته وجعلوا من أجسادهم جدار يحمي شخص رئيسهم علي فانهالت عليهم رصاصات الغدر والخيانة موديه بحياة اثنى عشر قتيلا منهم في الوقت نفسه عمل علي الغرابي وهو الذكي بالفطرة في ركل مصدر الاضاءة (التريك)برجله داخل البيت والذي مكنه من الهرب الى الخراج في تلك اليله الظلمة والحزينة وأذيع حينها عبر وسائل الاعلام بوفاة علي الغرابي في هذه الحادثة غير أن الحقيقة أنه فر مع بعض من اصحابه الى المنطقة المحاذية للأراضي السعودية مصابا برصاصة في قدمة كم أن بعض الرصاصات الطائشة أصابت عددا من المفاوضين التابعين للسلطة فقتل منهم من قتل وأصيب منهم من أصيب وأثارت هذه الحادثة المروعة رجالات قبيلة بيت غراب الذين تمكنوا فيما بعد من قتل واصابة بعض عناصر السلطة بالمنطقة الشرقية من مديرية الشحر وذلك مادفع بالحكومة الى تجهيز فرقتين من الجيش بكامل أسلحتها من الدبابات والمدافع الثقيلة والرشاشات ولم تتوقف هذه الحملة المسعورة ضد قبيلة بيت غراب الابعد استسلامها واستشهاد العديد منهم .

وهكذا قضى علي سالم الغرابي سبع سنوات عصيبة من الجوع والتشرد بين الجبال من فبراير 1972م الى يناير 1979م وحاول بعض مرافقيه تهريبه خارج البلاد عبر احدى المؤاني المنطقة الشرقية كما تقدمت اليه عروض من العناصر المناوئة للحكومة في الخارج للجوء اليها غير انه رفض وبعناد شديد كل تلك المحاولات والاغراءات متمسكا بالبقاء على جبال وتراب وطنه وبلده وبين عشيرته دون أن يحيد عن مبادئه وايمانه بأهداف الوطنية والقومية وقيل انه كان يترد خلال تلك الفترة خفيه على مدينة الشحر لزيارة اهله وذويه كما أن تواصله كان متقطعا بين حين وأخر عبر أحد اصدقائه .

ومع توقيع اتفاق فصائل العمل الوطني عمل الاستاد انيس حسن يحيى شخصيا في يناير من العام 1979م ومن منطلق انساني على عودة الفقيد علي سالم الغرابي واستئناف نشاطه الوطني ولكن بعد أن بلغ الجهد والعناء والمرض حدا بالفقيد جعله غير قادر على القيام بأي نشاط .

وبمدينة المكلا كان لقاؤنا الأخير بعد العودة من رحلة العذاب حيث بدأت معالم شخصيته قد تغيرت تمام وغادر الى الخارج للعلاج دون أن يحصل على الشفاء وأدخل الى مستشفى البريقة بعدن حيث توفي رحمه الله بعد حين في مايوم من العام 1984م .

وفي عهد الوحدة أعاد له بعض من رفاقه وبرعاية السلطة المحلية بالمحافظة بعض الاعتبار باقامة مهرجان جماهيري بمدينة الشحر تناول مناقب الفقيد علي سالم الغرابي وصفاته الحميدة غير أن هذا المهرجان لم يعطي الفقيد حقة وقدم له ترس تسلمه ابن الفقيد .الى هنا انتهاء حديث الاستاد سالم عوض باوزير عن صديقة علي سالم الغرابي .

اختلفت الروايات خول ما حدث للمناضل علي سالم الغرابي ومن يقف خلفها فهناك من يقول أن ما تعرض له علي الغرابي كان بسبب ميوله السياسية البعثية والعداء السائد في تلك الفترة بين الاحزاب البعثية وبين الاحزاب القومية والبعض الأخر يقول أنها تصفيت حسابات شخصية وأخرون يقولون أنه صراع أشخاص على زعامة حضرموت

وفي اعتقادي الشخصي أن من كان يقف وراء ما حدث للمناضل الغرابي من تنكيل ومحاولة اغتياله الفاشلة هي نفس الجهة التي كانت وراء تصفيت الكثير من الرموز الحضرمية لتخلوا لها الساحة ومن تلك الرموز على سبيل المثال وليس الحصر الوزير عبدالرحمن بازرقان والمعلم هادي زيدان والشخصية الاجتماعية حسين الذيباني في مدينة الشحر وكل من القائد صالح بن سميدع والنائب بدر الكسادي في مدينة المكلا والقائمة تطول ولا يتسع المقال لذكرهم جميعا رحم الله المناضل علي سالم الغرابي وكل شهداء حضرموت .