مصر.. وفيوضات الوطنية

اليمن العربي

لم أجد شعبا مثل هذا الشعب ولم ازر مصرا مثلها مصر بنهرها العظيم بفيوضاته أنه النيل المعطاء .

حين تزورها من أول وهلة تجدها فاتحة ذراعيها استقبالا واستبشارا كأم رؤوم تعبت في تربيتك وفقدتك لحظة طغى حنانها لك كأشتياق الظمآن للماء في البيداء .

تتلقفك شوارعها فضلا عن أهلها كأنك تعرفها

 تندمج فيها منذ لحظة ركوب (الأتوبيس) حيث يفتح معك سائقه قلبه قبل ( بوؤه ) يقول عن مصر أكثر مما يقوله النيل والاهرامات والأزهر الشريف والسيدة زينب وقلعة محمد علي باشا  و..و... وهلما جرا ..!!

الاندماج العجيب بين المكان والإنسان في مصر تأخذ عمقها التاريخي وهي موغلة في القدم والأرض لانها تنتج خيراتها من عجينتها هذه الممزوجة بماء نهرها المبارك المتجدد.

حيث تتحدث مع اي مصري باختلاف الديانة والمكان بمصر تجده منفتح عليك بكل أريحية ومايميزه هو وطنيته التي لايمكن لأحد أن يرتقي إليه فيها يغض الطرف عن كل سوآتها مهما كانت منغصة لحياته عندما يكون الحديث مع الآخر إذ إن عزته بوطنه هي (ترمومتر) شعوره الفياض بوطنه .

ان التاريخ الاثني وعلم الانثربولوجيا يؤكدان بما لايدع مجالا للشك أن مصر وانسانها شكل مختلف عن غيرها ولهذا كانت القصص القرآنية تحكي في سيرها هذه المكانة للإنسان والتصاقه بها ( أم الدنيا ) الذي قال عنها الرب جل جلاله في القرآن ( ادخلوا مصرا فإن لكم ماسألتم ).

لقد ظلت مصر بهذا النموذج الوطني المتميز وعلى عهد قريب في الزمن المعاصر عصر الثورات العربية التي كانت مصر عبدالناصر الملهم لها  قائدها القوي التي تشرب العرب بجميع اقطارهم معاني العروبة والقومية والوطنية الذي فاض بها نيلها العظيم وتشربها الجميع وقدمت  مصر التضحيات الجسام من شعبها وثرواتها على حساب تقدمها ورغد عيشها وهي تهبها دون منة ولا حساب فازاحت من على كاهل هذه الشعوب ويلات التخلف والاستعمار .

لقد ظلت مصر تحافظ على ذات منهجها وديمومة تعاملها مع البلدان العربية رغم جحود بعض أنظمتها التي كافآتها بغير مااكتسبت وهي فاتحة ذراعيها لكل عربي دون تميز وشروط تحسسه انه في عز داره ووطنه الكبير مصر . بمثل ماتعرضت له هذه الدول العربية في ماعرف ب ( بثورة الربيع العربي  )هي ذاتها وقعت ولكنها بفضل وطنية شعبها واصالته خرجت مصر منه بأقل الكلف والخسائر وظلت كما هي الحضن الدافيء لكل عربي متشرد لفظته الصراعات في وطنه لتتلقاه مصر بكل (حنية ) ودون قيود ليكون فيها مصريا تحتضنه كوطن .

ان مصر اليوم ستظل كما هي بالأمس مصر العروبة والوطنية ولن تهزها زوابع السياسة القذرة في سوق النخاسة الآتية من خارجها والتي لا يمكن لجينات المصري تقبلها نتيجة التحصين الوطني الشامل .أما نحن العرب علينا المحافظة على هذا الوطن والحضن الدافيء المتبقي لنا من الزمن الجميل ..فتحية لمصر أم الدنيا وحفظهاالله من زوابع وعاتيات الدهر ..وعاشت مصر منتصرة حرة لكل العرب .