صحيفة دولية : الدوحة دخلت في أزمة إقتصادية طويلة

اقتصاد

تميم
تميم

قالت صحيفة العرب اللندنية، أن الانكماش الحاد الذي سجله الاقتصاد القطري في الربع الثاني، بمجرد تراجع وتيرة البناء، يؤكد أن الدوحة دخلت في أزمة اقتصادية طويلة بعد أن وضعت جميع رهاناتها على منشآت استضافة كاس العالم لكرة القدم، التي ستتحوّل إلى عبء ثقيل بعد استخدامها لمرة واحدة.

 

وأظهرت إحصاءات حكومية قطرية أن اقتصاد البلاد انكمش في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 3.9 بالمئة بالأسعار الجارية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بسبب تراجع النشاط الاقتصادي وخاصة في قطاع البناء والتشييد.

 

وبحسب الصحيفة، فقد حاول جهاز التخطيط والإحصاء، التخفيف من صدمة البيانات بالتركيز على بيانات الانكماش بالأسعار الثابتة، التي أظهرت انكماش الاقتصاد في الربع الثاني بنسبة 1.4 بالمئة بمقارنة سنوية.

 

وتشير بيانات الأسعار الجارية أن الناتج المحلي الإجمالي بلغ في نهاية يونيو الماضي نحو 46.4 مليار دولار فقط، رغم رصد ما يصل إلى 200 مليار دولار لاستضافة بطولة كأس العام لكرة القدم.

 

وقالت الصحيفة، أن ذلك الانكماش الحاد عن مشكلة أكبر، من المرجح أن تمتد لفترة طويلة ويصعب الإفلات منها، بعد أن راهنت الدوحة على بناء منشآت كثيرة، ستتحوّل إلى عبء باهظ بعد استخدامها لمرة واحدة في استضافة بطولة كأس العام لكرة القدم في عام 2022.

 

وتؤكد بيانات جهاز التخطيط والإحصاء، التي يرى محللون أنها قد لا تكشف عن عمق الأزمة بسبب ترجيح تخفيف قسوتها من قبل الدوحة، أن اقتصاد البلاد سيدخل في مرحلة انكماش طويلة مع قرب إكمال أعمال البناء في الملاعب والبنية التحتية.

 

وكشف أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش أيضا بنسبة 0.9 بالمئة عند المقارنة بالربع الأول من العام الحالي، الأمر الذي يؤكد عمق الأزمة، في ظل تأكيد البيانات انكماش قطاع التصنيع بنسبة 7.4 بالمئة وقطاع التشييد بنسبة 3.5 بالمئة، إضافة إلى انكماش 5 قطاعات أخرى.

وأدخلت المقاطعة التي فرضتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين، الاقتصاد القطري في أزمة عميقة، وأجبرت الدوحة على بيع الكثير من أصولها الخارجية لمعالجة أزمة السيولة الناتجة عن انحدار الثقة بمستقبل الاقتصاد القطري.

 

وبحسب الصحيفة، يرى محللون أن المنشآت الباذخة التي تبنيها الدوحة ستكون فائضة عن الحاجة بعد انقضاء بطولة كأس العالم، وستكلّف الخزينة مبالغ كبيرة لصيانتها دون أيّ أفق لاستخدامها بطريقة مستدامة.

 

وقالت الصحيفة أنه ذلك ظهر جليّا في بعض المشاريع مثل مترو الدوحة، الذي سينتظر المشروع طويلا من أجل استخدامه لمرة واحدة خلال بطولة كاس العالم، ليتحوّل بعدها إلى عبء على السلطات البلدية في ظل قلة عدد السكان وغياب ثقافة المواصلات العامة.

 

وتبدو الجدوى الوحيدة للمشروع هي تسهيل استضافة البطولة، حيث تتوقّع قطر استضافة نحو مليون زائر، لكنّ تشغيله سيتحوّل إلى عبء على الحكومة، مثلما هو الحال مع الكثير من المشاريع والفنادق بعد انتهاء البطولة.

 

وتشير البيانات الرسمية إلى تراجع حاد في أسعار العقارات والإيجارات بنسب تصل إلى 20 بالمئة في الأعوام الثلاثة الأخيرة. ويرجّح العديد من المحللين انهيارها بعد انقضاء استضافة البطولة.

 

وحذّرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في مايو الماضي، من أن البنوك القطرية تواجه ضغوطا متزايدة من الانكشاف المرتفع على سوق العقارات المتباطئة التي تضررت بسبب فائض المعروض المرتبط باستعدادات إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022.

 

وقالت وكالة فيتش إن الأصول العقارية المتدهورة تشكّل الآن “خطرا رئيسا” في ظل معاناة البنوك القطرية من مشكلات السيولة الناتجة عن المقاطعة، التي أدّت إلى خروج ودائع تصل قيمتها نحو 30 مليار دولار من النظام المصرفي القطري.

 

ويرجّح محللون أن تشهد سوق العقارات المزيد من التراجع مع تزايد وتيرة طرح مجموعة من المشروعات المرتبطة ببطولة كأس العالم، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.

 

واتخذت الحكومة القطرية إجراءات كثيرة تتضمّن تقديم الكثير من الحوافز وتحرير قطاع العقارات وإتاحة مناطق جديدة للمشترين الأجانب في محاولة لتعزيز الطلب، لكنها لم تتمكّن من تخفيف أزمة القطاع.

 

وقالت وكالة التصنيف الائتماني إن “انكشاف البنوك القطرية المركّز على سوق العقارات المحلية المتداعية يشكّل خطرا متزايدا على جودة الأصول” مستقبلا.

 

وذكرت أن البنوك الأكثر انكشافا هي بنك الدوحة والبنك التجاري القطري وبنك قطر الدولي.

 

وأدّى تخبّط السياسات إلى تصاعد الاتهامات داخل الدوحة بتبديد الأموال على مشاريع استعراضية وأجندات خارجية، مقابل حجب التمويل عن الخدمات والقطاعات الحيوية التي تخدم المواطنين.

 

وأقرّت تقارير حكومية داخلية إلى أن الاقتصاد القطري يعيش وضعا معقّدا بسبب تفشّي الفساد وهدر المال العام في مشاريع بناء غير مجدية على المدى الطويل، وفي المحافل الخارجية لتلميع صورة القيادة بدل أن يتم استثماره في خدمة المواطنين.

 

واتهم مسؤولون قطريون في الأسبوع الماضي وزير المالية شريف العمادي بأنه يدفع بسخاء لأطراف خارجية مثل جماعات الإسلام السياسي، في وقت يتعمد فيه تعطيل مشاريع حيوية، خاصة بالتعليم والتوظيف على وجه التحديد.

 

وكشفت الأوساط أن بعض المسؤولين يتذمرون من تجاهل وزارة المالية لمطالب كثيرة لمؤسسات قطرية بشأن التمويل، إذ لم توفّر الوزارة المبالغ المخصّصة لبعض الوزارات والقطاعات الخدمية.