هل يقلق المؤمن الحق ويخاف؟!

اليمن العربي

يمر الإنسان في حياته بأزمات يبحث لها عن مخرج، وبمواقف ومفاجآت تسبب له الحيرة فيحتاج إلى اتخاذ قرار، ويمر بحالات حزن وقلق وتوتر وخوف.  وأكثر ما يحزن عليه الإنسان فقد والأحبة وأكثر ما يثير قلقه وتوتره صحته، وأكثر ما يخاف عليه أمنه ورزقه. ولا يوجد مخلوق لم تمر به هذه المواقف مهما علا شأنه، ومهما كان جبروته. وهذه طبيعة البشر والفطرة التي فطر الله الناس عليها. 

 

وقد عدتُ إلى تأمل آيات (التوكل) في القرآن الكريم فرأيتُ عجباً.. 

رأيت أن آيات التوكل على الله ارتبطت بالإيمان في جميعها ما عدا آية واحدة ارتبطت فيها بالإسلام، وهي قوله تعالى {إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} (84) سورة يونس، أما  آية {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، فقد وردت في القرآن الكريم ثماني مرات في سور عدة مرتبطة بمعانٍ مختلفة، فقد ارتبطت بقدرة الله في قوله {وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (160) سورة آل عمران، وارتبطت بالتقوى في قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (11) سورة المائدة.

 

وارتبطت بحكمة الله في قوله تعالى {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(49) سورة الأنفال، وارتبطت بأمان الله وقدرته على عباده في قوله تعالى {وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ})10 (سورة المجادلة، وفي هذه الآية الأخيرة صكُ أمانٍ من الله للمؤمنين يؤكد أنه لا يستطيع مخلوق أن يمس مخلوقاً آخر بضر أو خير إلا بإذن الله؛ فهل بعد هذا للمؤمن أن يقلق أو يتوتر أو يخاف؟!