ما لا تعرفه عن سد مأرب القديم (تقرير)

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

استطاع اليمنيون القدامى التنبؤ بفن العمارة والتخطيط الأثري الذي سيحبه ويتناسب طرديا مع جميع الأذواق في القرون القادمة.

 

واعتبر سد مارب منذ القدم صرحا عظيما، جعل منه انجازا يفتخر به أبناء الدولة السبئية - آنا ذاك - واليمن بشكل عام.

 

سد مأرب القديم، يقع في محافظة مأرب شمالي البلاد، ويعتبر أحد أهم السدود اليمنية القديمة التاريخية.

 

وتقول الأساطيرإنه يعود بناء سد مأرب القديم إلى ماقبل الألف الأول قبل الميلاد ، وهو السد الباقي من عدد من السدود التي بناها السبئيون بالإضافة  إلى سد جفينة وسد الخانق وسد أضرعة وسد مرخة وسد شاحك ،  وكان يروي ما يقارب “98,000 كم مربع”. ويعده الباحثون معجزةَ تاريخ شبه الجزيرة العربية.

 

أما سد مأرب القديم فيعد آية الحضارة السبئية، ويقع في منطقة وادي دنا حيث تندفع السيول المتجمعة من الأمطار الموسمية المتساقطة على المرتفعات الشرقية بين جبلي البلق الشمالي والأوسط، والهدف من بنائه السيطرة على مياه السيل الجارفة وتوزيعها في أرض مأرب حتى أصبحت ـ كما يقولون ـ أخصب اليمن وأكثرها جناناً.

 

وكان سدُ “مأْرِبٍ” أقوى السدود التي بناها الملوك وأنفعَها، وأول من بناهُ “سبأ” وسلَّط إليه سبعينَ واديًا تَفِدُ إليهِ مياهُها، وماتَ ولم يُكْمِلْ بناءَه فأكملتْهُ الملوكُ بعدَه وكان ءاخرَ من أتمَّه “بلقِيسُ” قبل أن تقابل سيدَنا “سليمان” عليه السلامُ، ولإتمامِ السدِ خبرٌ يقولُ إنه لما ملكتْ “بلقيس” اقتتلَ قومُها على ماءِ واديهم، إذ لم يكن السدُّ قد انتهى بعدُ، فتركَتْ مُلْكَهَا وسكنت قصرَها، وطلبوا منها أن ترجع فأبتْ فقالوا: “إما أن ترجعي أو نقتُلَكِ!” فقالت لهم: “أنتم لا عقولَ لكم، ولا تُطيعونني”، فقالوا: “نُطيعُكِ”.

فرَجَعَت إلى واديهم وعكفت على إنهاءِ السدِ، وجلبتِ الصخورَ والزِفْتَ الأسودَ، ومكَّنتِ السدَّ بين جبلينِ عظيمين وجعلت لهُ ثلاثةَ أبوابٍ بعضُها فوقَ بعضٍ وبنتْ تحتَهُ بِرْكةً ضخمةُ، وجعلت فيها اثني عشرَ مخرجًا على عددِ أنهارِهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء، وإذا استغنَوْا عنه سدُّوها، فإذا جاءهمُ المطرُ اجتمعَ إليهم ماءُ أوديةِ “اليمن” فاحتُبِسَ السيلُ من وراءِ السدِ الضخمِ.

 

ثم لما كانتِ الحاجةُ تشتدُ تأمرُ فيُفتَحُ البابُ الأعلى وتجري المياه إلى البِركةِ، فكانوا يُسْقَوْنَ من البابِ الأعلى ثم من الثاني الأوسط ثم من الثالث الأسفلِ، فلا ينفدُ الماءُ حتى يأتي الماءُ من السنةِ المقبلةِ، فكانت تَقْسِمُه بينهم على ذلك.

 

وصارت رمالُ الصحراءِ بُسُطًا هندسيةً خضراءَ، تجري بينها القنواتُ الملتويةُ، وتصدحُ بين أغصانِها البلابلُ المغرِدةُ، وتمتلىءُ أشجارُها بالأثمارِ النَّضرَةِ والأزهارِ الملونةِ.

 

سد "عرمن" وذكرت النقوش اليمنية القديمة سد مأرب باسم “عرمن”أي العرم وبهذا الاسم ذكر في القرآن الكريم،شيد على قواعد صخرية وربط جداره بالصخر في أسفل جبلي “البلق”ويعتبر اختيار موقع السد من الناحية المعمارية، فبناء سد متين يصعد على قاعدة ترابية، في طرفي جسم السد يقع الصدفان أو المصرفان، يتم تصريف المياه من السد بقناة رئىسية تقع خلف واجهته إلى قنوات فرعية تتشعب في الأرض الممتدة أمامه وعن يمينه ويساره وتسقيها، وبقي من معالم السد القديم المصدفين الأيمن والأيسر وبعض القنوات التصريفية، وكان يربط بينها جدار السد الذي انهار وجرفه “سيل العرم”.

مرحلة البناء بني السد من حجارة اقتطعت من صخور الجبال، حيث نحتت بدقة، ووضعت فوق بعضها البعض واستخدم الجبس لربط الحجارة المنحوتة ببعضها البعض، واستخدام قضبان إسطوانية من النحاس والرصاص يبلغ طول الواحدة منها ستة عشر متراً، وقطرها حوالي أربع سنتمرات توضع في ثقوب الحجارة فتصبح كالمسمار فيتم دمجها بصخرة مطابقة لها وذلك ليتمكن من الثبات أمام خطر الزلازل والسيول العنيفة. حسب التنقيبات الأثرية ، فإن السد تعرض لأربع انهيارات على الأقل  آخرها كان في العام 575 ولم تبذل جهود لترميمه من ذلك الحين بعد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد.

نكهة معاصرة في القرن العشرين دخل سد مأرب مرحلة جديد، حيث دعمت  دولة الإمارات العربية المتحدة إعادة بناء السد على الطريقة الحديثة،  وتم افتتاحه وتدشينه يوم الأحد 21 ديسمبر من العام 1986.

وتبلغ مساحة حوض السد الجديد “5.30”كيلو متر مربع، وسعته التخزينية حوالي”400″متر مكعب، فيما تعمل بوابة التصريف بطاقة “35”متراً مكعباً في الثانية حيث يروي السد حوالي”570.16″هكتاراً.

 

جسم السد الجديد فإن عمق القاطع الخرساني “60”متراً ، وساحة القاطع الخرساني “24”ألف متر مربع، وطول جسم القاطع الخرساني “763”متراً، وعرض جسم القاطع الخرساني عن مستوى سطح الوادي “337”متراً، وعرض جسم القاطع الخرساني عند مخرج المياه من بوابة التصريف “195”متراً.

 

بلغ إجمالي حجم الردميات في جسم السد “3”ملايين متر مكعب تم إزالة “200 “ألف متر مكعب من الصخور من جانبي الموقع وتغطية جسم السد بالصخور التي بلغت “100”ألف متر مكعب، وشارك في إنشاء السد الجديد حوالي “400”مهندس واستشاري وعامل وفني وإداري وغيرهم.

 

مع استكمال المرحلة الثانية  من بناء السد تم ري سبعة آلاف و400هكتار بدلاً عن ألف و800 هكتار حالياً بالإضافة إلى تغذية المياه الجوفية والتي سوف تسهم بدورها في ري نحو 10آلاف هكتار.. ومنذ إنجاز المرحلة الأولى لسد مأرب حدث تحول كبير في حياة سكان المنطقة الاقتصادية والاجتماعية فقد شجع ذلك المزارعين على استصلاح أكثر من 20 ألف هكتار مما أدى بالتالي إلى ارتفاع ملحوظ في إنتاج المحاصيل الزراعية المختلفة..

 

وشملت المرحلة الثانية على إصلاح وصيانة القنوات الرئيسة التي تأثرت بالسيول وإقامة قناة رئيسة أخرى بطول 1.6 كيلو مترات وتركيب القنوات الفرعية بطول 69 كيلومتراً إضافة إلى انشاء طرق مسفلتة بطول 36.6كيلو متراً واقامة معابر على القنوات الفرعية واقامة طرق فرعية أخرى بطول 87 كيلو متراً للتتفتيش الزراعي على طول القنوات الرئيسة والفرعية.