عبد المنعم رياض

بروفايل

عبد المنعم رياض
عبد المنعم رياض

"1919"، لم يكن ذلك العام مجرد تاريخ لنضال المصريين وجهادهم ضد الاستعمار الإنجليزي فحسب، وإنما شهد شهره العاشر أيضًا مولد ذلك الطفل المسمى ب"محمد عبدالمنعم رياض".

 

 

تربَّى كغيره من أبناء جيله بين أروقة كتّاب قريته بمدينة طنطا ينهل العلم ويحفظ كتاب الله، ثم يأتي دور "مدرسة الخديوي إسماعيل" التي حصل منها على شهادته الثانوية، قبل أن يلتحق بكلية الطب تلبية لرغبة أسرته التي انحصرت آمالها عند لافتة معلقة مكتوب عليها "الدكتور عبدالمنعم رياض".

 

 

رحلة "رياض" مع العلم لم تنتهِ عند حصوله على "الماجستير" في العلوم العسكرية عام 1944، بل قرر أن تتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز في إنجلترا، إلى جانب حصوله على "زمالة" كلية الحرب العليا عام 1966، ولا مانع من التحاقه بكلية العلوم لدراسة الرياضيات البحتة ثم كلية التجارة لرؤيته أن الاستراتيجية هي الاقتصاد، ولا يخلُ الأمر من إجادة 4 لغات أجنبية تعينه على النظر إلى الدنيا من 4 بوابات بعينٍ واحدة.

 

 

لم يكن "عبدالمنعم رياض" عضوا في تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بثورة يوليو عام 1952، إلا أن جهوده المخلصة لتلك الثورة جعلته أحد أركانها باقتدار، كان له دور أصيل في إتمام صفقة الأسلحة بين مصر والاتحاد السوفييتي عام 1956، ما دفع القيادة السياسية لترقيته إلى رتبة "أميرالاي" وإرساله للاتحاد السوفييتي لمتابعة الصفقات الأخرى، ثم كانت قصته مع لقب "الجنرال الذهبي" الذي حصل عليه أثناء تلقيه دورة دراسية عليا بأكاديمية "فرونزا" العسكرية بموسكو، بعد أن اجتازها بتفوق وكان الأول على دفعته.

 

 

سجل بطولات "رياض" يستمر، فها هو يرأس أركان حرب أول قيادة عسكرية عربية موحدة يتم تشكيلها بدعوة من "عبدالناصر" عام 1964، ثم ينزح إلى الأردن ليقود جبهتها العسكرية بناءً على طلبٍ من ملكها، قبل أيام قليلة من وقوع نكسة 1967 لتستدعيه القاهرة على عجل ليتولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة المصرية في 11 يونيو من العام نفسه.

 

 

أفكاره المضيئة لم تنضب يومًا، اقترح توسع القوات المسلحة في تجنيد "حملة المؤهلات العليا" لتعظيم قدراتهم في استخدام السلاح بشكل دقيق وتدريبهم على الخطط بأسرع وقت ممكن، حتى كان عام 1969 الذي شهد انتهاء القيادة العامة للقوات المسلحة من إعداد خطة حربية شاملة لتدمير ما يسمى بـ"خط برليف"، الذي نجح الجيش في تدمير أول دِشَمه في صباح 8 مارس من العام نفسه.

 

 

"الجنرال" يقف بين أبنائه في الجبهة محتفلًا ببشائر النصر، استعار خوذة ومنظارًا وقفز بضع قفزاتٍ أوصلته للجانب الثاني من شاطئ القناة، اتخذ لنفسه ساترًا وأخذ يراقب باقي دِشَم العدو إيذانًا بتدميرها، وما هي إلا دقائق حتى انهالت دانات مدفعية العدو على موقع تمركز "الجنرال الذهبي"، إلا أن القائد ظل واقفًا ثابتًا الجيش يصدر أوامره لجنوده بأن يبدأوا فورًا في إدارة المعركة، إلا أن إحدى دانات العدو انطلقت شظاياها تجاه "رياض" لتستقر في قلبه، صوت أحد الضباط المرافقين يتعالى: "إيه الأخبار يا فندم" إلا أن الإجابة لم تأته، لتكتب الساعة الثالثة و20 دقيقة من ظهر 9 مارس 1969 لحظات إسدال الستار على "الجنرال الذهبي" الذي أقيمت له جنازة عسكرية مهيبة يتقدمها الرئيس عبدالناصر، قبل أن يكون يوم ذكراه احتفالية بالشهيد وبأمثاله من أبطال القوات المسلحة القدامى.