ماذا يعني التصعيد بين إسرائيل ومليشيات حزب الله اللبناني؟

عرب وعالم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

رد حزب الله اللبناني، على إسرائيل يوم الأحد، بإعلانه تدمير آلية عسكرية إسرائيلية في منطقة أفيفيم قرب حدود لبنان الجنوبية، فيما ردت إسرائيل بقصف جنوب لبنان ما أثار مخاوف اللبنانيين من جر ميليشيات حزب الله البلاد إلى حرب واسعة بالوكالة عن إيران، ستكون نتائجها مدمرة للبنان، وأثار العديد من التساؤلات عن ماهية التصيعد الأخير هل هو تصعيد محدود أم حرب بالوكالة.

 

وجاء رد حزب الله أمس، بعد استهداف إسرائيل، في 25 أغسطس (آب)، أحد معاقل حزب الله قرب العاصمة السورية دمشق، ما أسفر عن مقتل اثنين من الحزب، حسب أمينه العام حسن نصر الله، ولكن إسرائيل، التي انتهجت منذ سنوات أسلوب الهجوم الاستباقي، عادت واستهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت بطائرتي استطلاع سقطتا فوقها  وتوعد نصر الله  على عادته بالرد على اسرائيل "مهما كلف الثمن"، رغم مطالبات متنامية بأن تكون الدولة ومؤسساتها هي صاحبة قرار الحرب والسلم والانتهاء من وضع استراتيجية دفاعية.

 

وأعلنت ميليشيا حزب الله أمس الأحد، إطلاق قذائف على قاعدة إسرائيلية، مؤكدة مقتل عسكريين إسرائيليين وفي المقابل، أعلن الجيش الاسرائيلي أنه سيكتفي بالرد المباشر على هجوم حزب الله، وأضاف في بيان أنه "لا إصابات في العملية التي نفذها حزب الله اللبناني على الحدود، كما تم الرد على العملية التي نفذها باستهداف الخلية التي أطلقت الصواريخ المضادة للدروع".

 

 وأشار البيان إلى أنه "تم إطلاق نحو 100 قذيفة مدفعية باتجاه مصادر النيران في جنوب لبنان، كما نفذت مروحيات حربية غارات على أهداف أخرى".

 

وبعد توقف القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، الذي استمر لمدة ساعتين بشكل متواصل، ساد هدوء حذر على الحدود، رغم التأهب على الجانبين.

 

ويبدو أن حجم العملية ونتائجها قد جنباً الطرفين الحرب، فتل أبيب التي تستعد لانتخابات الكنيست بعد أسبوعين، امتصت الضربة واكتفت بالرد المباشر، وأعلن رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو أن إسرائيل ستحدد التحرك المقبل على الحدود مع لبنان "وفقاً لتطور الأحداث"، نافياً أي إصابة في صفوف الجيش الإسرائيلي "ولا حتى بخدش في العملية".

 

ووصفت أوساط أمنية في إسرائيل، "التصعيد ضد حزب الله، أمس، بمحدود النطاق"، فيما أكدت مصادر سياسية، أن "جهات دولية عدة تدخلت لمنع التدهور إلى حرب".

وأشارت مصادر صحيفة "الشرق الاوسط"، الى أن "روسيا نقلت رسائل بين الطرفين تؤكد محدودية هذا التصعيد بالقول إن حزب الله مضطر للرد على العمليات الإسرائيلية، خاصةً بالطائرتين على الضاحية الجنوبية في بيروت، ولكنه غير معني بالحرب"، وردّت إسرائيل برسالة أكدت فيها أنها أيضاً غير معنية بالحرب.

 

وأكدت العديد من التقارير الإعلامية، أن الاتصالات الدولية التي قادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضاً، سمحت بتجنيب المنطقة حرباً جديدة.

 

وفي السياق ذاته، قالت أوساط سياسية إن الاتصال بين ماكرون والرئيس الايراني حسن روحاني أمس الأول السبت ركز على الملف اللبناني، وضرورة  منع حزب الله من إدخال المنطقة إلى حرب مدمرة، مضيفةً أن "حزب الله نفذ وعده بالرد، بعملية مدروسة ومحدودة، لا تقود الى حرب".

 

ومن جهته، أجرى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري اتصالين هاتفيين بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل بون، وطالب بتدخل المجتمع الدولي لمنع التصعيد، فيما برزت مطالبات لبنانية بوضع استراتيجية دفاعية تضع حداً لتفرد مليشيا حزب الله بقرار الحرب والسلم.

 

ومن جهته، أعلن المتحدث باسم قوات اليونيفيل الدولية العاملة في جنوب لبنان، أندريا تننتي، أن قيادة "اليونيفيل"، تتابع إطلاق النار عبر الخط الأزرق، وفي الوقت نفسه، يجري رئيس بعثتها وقائدها العام اللواء ستيفانو دل كول، اتصالات مع الأطراف، ويحثها على أقصى درجات ضبط النفس، وطالب بوقف جميع الأنشطة، التي تعرض وقف الأعمال العدائية للخطر.

 

واختصر العديد من اللبنانيين ما جرى على حدود بلادهم، بالقول إنه عدوان إيراني إسرائيلي مزدوج على لبنان، وأن ما تابعه العالم على الشاشات جولة استعراضية، انتهت بشكلٍ مدروس ولم تخرج عن قواعدِ الاشتباك، فلا عملية الطائراتِ دون طيار حققت هدفَها، ولا الرد عليها أوجعَ الإسرائيليين.

 

وأعاد التوتر على الحدود إلى أذهان اللبنانيين تفاصيل حرب 2006، التي رأى  كثير منهم أنها كانت فخاً نصب للبنان في إطار صراع إقليمي، أطرافه إيران ممثلة في ذراعها ميلشيات حزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية.

 

وتسببت حرب 2006 في مقتل وإصابة الآلاف من اللبنانيين وتدمير البنى التحتية في البلاد، وتكبيد الاقتصاد اللبناني خسائر بمليارات الدولارات.

 

وأكد عدد من المراقبين أن حزب الله قد لا يذهب إلى أبعد من توجيه ضربة محدودة، ما يعني أنه لا يريد التورط في حرب جديدة، لا يدرك ما قد يترتب عليها من نتائج سلبية عليه وعلى حلفائه.

 

ولكن متابعين آخرين يرون أن رد حزب الله على أي هجمات إسرائيلية لن يردع إسرائيل، ووسيفتح الباب أمامها من جديد لتدمير لبنان، وهو ما لا يمكن للشعارات الجوفاء التي يطلقها الأمين العام لحزب الله أن تمنعه، وأضافوا، أن "تصريحات نصر الله لن تخرج عن أسلوب إيران الدعائي، ولن تؤدي إلى أي نتيجة على أرض الواقع".

 

وتتبع إيران سياسة الحرب بالوكالة عبر أذرعها في المنطقة، بدءاً من ميليشيات حزب الله في لبنان، مروراً بالحشد الشعبي في العراق، وصولاً إلى ميليشيات الحوثي في اليمن، ويرى المراقبون، أن طهران تدير هذه المعارك عبر ميليشياتها في هذه الدول لتخفيف آثار الضغط الاقتصادي والتحرر من الطوق المفروض عليها سياسياً واقتصادياً.

 

وجاء هذا التصعيد الأخير، قبل أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 سبتمبر (أيلول) الجاري، ويرى مراقبون أن نتانياهو يريد تجنب تصعيد كبير قبل الانتخابات، خوفاً من المخاطر السياسية، وحذر حزب الله من ذلك، قائلاً في بداية هذا الاسبوع إن "إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها وترد على أعدائها"، واقترح على "نصر الله الهدوء".

 

وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي ايدي كوهين، أن اندلاع القتال بين ميليشيا حزب الله ، وإسرائيل على الحدود، أمس، "مسرحية متفق عليها مسبقاً"، وفق قوله.

 

وقال كوهين في مقابلة على قناة "بي بي سي": "أرى تراجعاً في خطاب نصرالله واعتقد أن الأمريكيين والروس دخلوا على الخط لاحتواء الموقف، يعني للحفاظ على ماء وجه نصرالله سيكون هناك ضربة متفق عليها بين حزب الله وإسرائيل عبر وسيط فرنسي، أو أمريكي، روسي، لإنهاء هذه المسرحية فلا أحد يريد الحرب قبل أسبوعين من الانتخابات ونصرالله الذي يتعنتر، أيضاً لا يريد الحرب، وسيضرب موقع متفق عليه بين الطرفين".

 

وتقول أوساط سياسية، بحسب صحيفة "العرب"، إن "شبح مواجهة شاملة لا يزال بعيداً، لكن في ظل لعبة التحدي واستعراض العضلات التي تمارس فإن جميع السيناريوهات تبقى مفتوحة، خاصة وأن أي طرف لا يظهر أي رغبة في النزول أولا من الشجرة العالية التي صعدها".

 

ويعيش اللبنانيون الخوف من اندلاع حرب في أي لحظة، التي سيكون لبنان أبرز متضرر منها، خاصةً أن اقتصاده يمر بوضع "دقيق" يقربه من الانهيار.