صحف غربية: تعطيل جونسون للبرلمان البريطاني "إهانة للديمقراطية"

عرب وعالم

اليمن العربي

انتقدت صحف غربية صادرة اليوم الخميس، قرار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بتعليق عمل البرلمان لمدة خمسة أسابيع، فيما اعتبرته "انتهاكا دستوريا" يمثل إهانة لقيم الديمقراطية في واحدة من أقدم الديمقراطيات عبر التاريخ، ويتسبب في اتساع نطاق الانقسامات التي ضرب المجتمع الانجليزي منذ إجراء استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بـ"بريكست".

البداية جاءت من الصحيفة البريطانية "فاينانشيال تايمز"، التي اعتبرت ما حدث "سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ بريطانيا الحديث"، ومحاولة "غير مقبولة " من قبل رئيس الوزراء البريطاني من أجل "إسكات" البرلمان في سبيل تمرير مشروعه "الكارثي" للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 31 من أكتوبر المقبل.

وأضافت الصحيفة البريطانية إنه بموجب هذا القرار، تم حرمان البرلمان البريطاني- الذي يعد رمز الديمقراطية الانجليزية- حقه في التعبير عن رأيه في أهم قرار تتخذه البلاد منذ أكثر من 4 عقود وما يترتب عليه من عواقب مؤثرة، واعتبرت أن جونسون أسس بذلك لسابقة خطيرة في التاريخ وعليه هو وأعضاء حكومته توخي الحذر حيال ما هو قادم.

في السياق ذاته، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن القرار أثار لغطا واسعا واستدعى مسميات وتوصيفات مختلفة بين ما اعتبره "انتهاكا دستوريا" أو ذهب بعيدا في وصفه ب"انقلاب" وبين ما رآه مجرد "مغالطة برلمانية " غير مقصود بها خرق الدستور بقدر ما يراد من خلالها تسهيل عملية الخروج من الكتلة الأوروبية بعد محاولات "تريزا ماي " الفاشلة لتمرير خطة الخروج بسبب عرقلة البرلمان لها. وأضافت:"سواء كنت مناصرا للخروج أو مناهضا لمغادرة الكتلة الأوروبية، تظل النتيجة واحدة وهى أن قرار جونسون تعليق البرلمان "ضربة للديمقراطية والدستور في أحد أهم الديمقراطيات في العالم".

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن المعضلة البريطانية حاليا تشبه إلى حد كبير أزمات عاهدتها الولايات المتحدة منذ قدوم الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، موضحة أن أوجه التشابه بين الحالتين تتلخص في 4 نقاط وهى، مسئول تنفيذي لا يرحم ويعمل على تطويع كافة الأدوات المتاحة في سبيل تمرير قرارات قد لا تحظى بشعبية.. وحزب حاكم يخاف على مستقبله الانتخابي يضطر لدعم هذا المسئول ولو على استحياء.. إلى جانب معارضة منقسمة على نفسها قد تريد عرقلة قرارات هذا المسئول، لكنها تفتقر إلى زعيم شعبي يقودها صوب تحقيق أهدافها ذلك بالإضافة إلى حزب محافظ يتغنى بشعارات شعبوية تقوض دور المؤسسات الوطنية.

من جانبها، تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ردود أفعال البريطانيين التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي على إعلان جونسون تعليق البرلمان التي عكست انقساما متزايدا داخل المجتمع البريطاني بين ما يراه "تصرفا شجاعا " من قبل الحكومة الجديدة وبين ما يصفه ب"انقلاب". وقالت الصحيفة إنه لم يعد في مقدور أي مواطن بريطاني هذه الأيام تجنب الحديث عن قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي لاسيما بعد إعلان جونسون أمس تعطيل البرلمان الذي تسبب في نزع فتيل سيل من الانتقادات والاتهامات لم تقتصر على رئيس الوزراء وحكومته فحسب بل طالت أيضا قوى المعارضة التي اعتبروها متخاذلة عن تحقيق رغبات المواطن، والملكة إليزابيث الثانية، حيث عبر الكثير عن غضبهم حيال موافقتها على تعليق البرلمان حتى وإن كانت موافقتها مجرد إجراء شكلي.

وأشارت الصحيفة إلى خروج آلاف الأشخاص إلى الشوارع في أنحاء متفرقة من بريطانيا احتجاجا على قرار رئيس الوزراء، في حين وقع أكثر من مليون عريضة تطالب البرلمان برفض القرار.

من جانبه، اعتبر جون بيركو رئيس البرلمان البريطاني، خطوة تعليق المجلس التشريعي انتهاكا لدستور البلاد. وقال بيركو - في تصريحات له أمس "إنه من الواضح أن هدف جونسون من تعليق البرلمان هو منع النواب من أداء دورهم ومناقشة اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ".

وقال توم واتسون نائب زعيم حزب العمال أكبر الأحزاب المعارضة: "هذا التحرك إهانة فاضحة تماما لديمقراطيتنا، لا يمكننا السماح بحدوث هذا". على صعيد متصل، ذكرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن قرار جونسون تعليق البرلمان قاد الجنيه الاسترليني إلى هبوط حاد أمام الدولار في ظل تزايد المخاوف بشأن خروج بريطانيا بصورة عشوائية من الاتحاد الأوروبي..وقد تراجع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.2% أمام الدولار الأمريكي ليتداول عند سعر 1.2260 دولار.

كان رئيس الوزراء البريطاني قد أكد سابقا اعتزامه مطالبة الملكة إليزابيث الثانية بتمديد الإجازة الصيفية للبرلمان التي تنتهي في 3 سبتمبر إلى 14 أكتوبر، وهو ما وافقت عليه الملكة أمس، ما أثار غضب نواب المعارضة الساعين لمنع بريكست.