خبير بريطاني: قطر تحاول الهيمنة على القرن الافريقي عن طريق الصومال

أخبار الصومال

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أفاد موقع قطريليكس المتخصص أن قطر وجهت بوصلة اهتمامها للصومال الذي تمزقه الصراعات، مستغلة هشاشة الوضع الأمني وضعف الحكومة الصومالية التي سارعت بدورها للتخندق في المحور القطري التركي، في تحرك يقول متابعون للشأن الصومالي ولسياسات قطر إنه لا يخرج عن سياق زيادة التغلغل في مفاصل الدولة المنهكة اقتصاديا وأمنيا وتعزيزا لعلاقات قائمة أصلا مع قادة محليين وقادة ميليشيات وجماعات متطرفة.

وأشارت أصابع الاتهام إلى قطر بالوقوف وراء القصف الأخير لميناء تديره الإمارات العربية المتحدة في الصومال، وذلك وفقًا لتسجيل صوتي نشرته صحيفة نيويورك تايمز، حيث يبدو أن القرن الإفريقي يمثل أرضية جديدة لمواصلة قطر هيمنتها، رغم أن ليبيا ما زالت جرحًا لم يلتئم بالنسبة إلى الدوحة، بعدما أصبح أذنابها بطرابلس في طريقهم لفقدان نفوذهم على العاصمة.

وبحسب البروفيسور هاري فيرهوفن، الخبير السياسي بجامعة كامبريدج مخططات قطر، مؤكدا أن اختراق تميم العار للصومال، من خلال استخدام أموال الدوحة الملوثة لشراء ولاء الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو وحكومته، مبينا أن الإمارة الخليجية تعمل خفيّة بدول الشرق الأوسط وإفريقيا، مستهدفة ضرب مصالح الإمارات بالصومال بعد المقاطعة.

وأوضح فيرهوفن إلى أن التقسيم الجيواستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط الذي يربط بين قطر وإيران وتركيا وروسيا من جهة، ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والولايات المتحدة من جهة أخرى، أشعل حربًا تلو الأخرى وأدى إلى توترات متزايدة في كل جزء من المنطقة تقريبًا".

وأشار الخبير السياسي إلى التسجيل الذي قال فيه رجل الأعمال القطري خليفة كايد المهندي، بعد أسبوع واحد من تفجير في ميناء بوصاصو: "نعلم من يقف وراء التفجيرات والقتل"، مضيفًا أن العنف "يهدف إلى جعل سكان دبي يفرون من هناك. دعهم يطردون الإماراتيين، حتى لا يجددوا العقود معهم، وسأحضر العقد هنا إلى الدوحة".

يذهب عبد الرحمن ديري، وهو محلل بارز في هرجيسا الصومالية، إلى أبعد من ذلك قائلًا إن هجوم بوصاصو كان مؤشرًا على "مواصلة قطر مطاردة مصلحتها الوطنية في الصومال بقوة أكبر"، من أجل عكس مكاسب الاستقرار التي حققتها بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصومال، أو بطريقة أوضح كلما تحقق الأمن تعمل قطر على زعزعته مرة أخرى من أجل غاياتها.

وأضاف: "قطر، وهي دولة مارقة لديها مليارات الدولارات من النفط تحت تصرفها، تفعل ما هو متوقع: زعزعة استقرار الدول ذات السيادة مثل ليبيا، أو إضافة الوقود إلى النار، كما هو الحال في الصومال، باستخدام وسيلة الإعلام القوية الجزيرة لخدمة مصالح الدويلة في الخارج".

ورغم الاهتمام الكبير الذي تشعر به قطر من جانب واشنطن، إلا أنها لا تزال لديها ماض غامض في التدخل في ليبيا ودول أخرى في القارة، الأمر الذي أدى ببعض المحللين إلى تشويهها ووصمها بأنها "مارقة"، لكنهم يعترفون بأن النقد والاستثمار والإعلام كلها ذات تأثير على الأمريكيين.

وفي دراسة بعنوان "ليبيا ومحور الإرهاب الجديد: إعادة تشكيل المسرح الأمني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا"، قالت آية بورويلة وجون نوميكوس: "هذا هو ما قدمته قطر منذ فترة طويلة لأصدقائها: منصة، مع إمكانية الوصول إلى المال والإعلام ورأس المال السياسي. أظهرت واشنطن تعاونها، لكن السؤال هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تلعب دورًا حقيقيًا؟".

وحاول الصومال جاهدًا الابتعاد عن الدخول في خضم أزمة المقاطعة العربية التي قادتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لنظام قطر في العام 2017، إلا أنها كأرض خصبة لأنشطة إرهابية، وحكومة ضعيفة، ما ساهم في استهداف استثمارات الإمارات هناك، بهدف طردهم ليحل القطريين محلهم.

واستثمرت قطر ليس فقط في القوة الناعمة للمنافذ الإعلامية مثل الجزيرة، والمؤسسات الفكرية المرموقة مثل معهد بروكينجز، إلى جانب العقارات في لندن، لكن أيضًا في الوكلاء الإسلاميين والجماعات المتطرفة.

وفقًا لتقرير صادر عن مشروع مكافحة التطرف، "دفعت الحكومة القطرية الفدى، وشحنت الإمدادات وأرسلت مليارات الدولارات من التمويل إلى الجماعات المتطرفة المُدانة دوليًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، حيث تشمل هذه الجماعات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحماس والإخوان المسلمين وجبهة النصرة وطالبان.

ومن خلال هذه الرؤية رأت قطر فرصة في الصومال؛ حيث توجد حركة الشباب وآخرين على استعداد لتعزيز أجندتها.

ففي مايو 2018، وافقت أبوظبي على تدريب قوات الأمن في صوماليلاند؛ وهي منطقة في شمال الصومال تسعى إلى الانفصال عن بقية البلاد.

كما وقعت الإمارات مع صوماليلاند امتيازًا مدته 30 عامًا لإدارة ميناء بربرة في منطقة شبه ذاتية الحكم. كما بدأت في بناء قاعدة عسكرية في مدينة الميناء.

لكن هذه الأنشطة والاستثمارات في هاتين المنطقتين، تتعرض الآن لانتقادات من قطر، التي تستغل خيبة الأمل لدى بعض الصوماليين الذين وُعِدوا بمزيد من الوظائف والاستثمار، إلى جانب تركيا، التي تشارك الدوحة طموحات هائلة في المنطقة.

ويعتقد فيرهوفن، أنه رغم تحقيق الكثير على المستوى الدبلوماسي مع دول الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، إلا أن قطر لا تزال "تعمل خفيّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العديد من هذه البلدان مثل الصومال".

وأضاف: "هناك الكثير من الأموال المتاحة التي تضع سلطات تقديرية غير عادية في أيدي الأفراد؛ سواء في المناصب الرسمية أو غير الرسمية للسلطة، مما يزعزع الاستقرار في الصومال أو إثيوبيا أو إريتريا".

ومع إعلان قطر الاثنين، البدء بتنفيذ مشروع بناء ميناء هوبيو بإقليم مدغ وسط الصومال، بعد أشهر من اغتيال باول أنطونيو رئيس عمليات شركة موانئ بي.آند.أو المملوكة لحكومة دبي في منطقة بلاد بنط شبه المستقلة، تتأكد المزيد من التحليلات التي تؤكد دور عصابة الحمدين في إرهاب الموظفين الإماراتيين لطرد استثمارات أبو ظبي من البلد الإفريقي.

ويشير توقيت بدء الدوحة في تنفيذ هذا المشروع إلى أنه لا يمكن أن ينظر له ولأهدافه خارج سياقاته الجيوسياسية أو بمعزل عن حالة الفوضى التي تشهدها الأقاليم الصومالية مدفوعة بإرهاب جماعة الشباب الموالية للقاعدة والتي سبق لها أن تبنت عملية اغتيال مسؤول إدارة شركة موانئ دبي العالمية في ميناء بوصاصو في فبراير الماضي.

وكثفت قطر التي تواجه عزلة في محيطها الخليجي والإقليمي بسبب سجلها في دعم وتمويل الإرهاب، تحركها في منطقة القرن الإفريقي وتحديدا في المناطق الإستراتيجية التي تشكل مجالا حيويا لأمن الملاحة البحرية الدولية وفضاء مهما لأمن الخليج العربي، وذلك من بوابة التعاون الاقتصادي.