فساد قطر المونديالي يطال المدعي العام السويسري

عرب وعالم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كشفت تقارير سويسرية عن تفاصيل جديدة في الملف القطري المتخم بقضايا فساد هزت أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، بعد فضح دور الدوحة في تنظيم لقاءات جمعت بين جياني إنفانتينو رئيس "فيفا"، مع المدعي العام السويسري مايكل لوبر، بفندق شفايزرهوف المملوك للإمارة الخليجية، وعلى بعد خطوات من مقر السفارة القطرية ببيرن.

 

تميم العار اشترى مواقف المدعي العام السويسري مستغلا حاجته إلى الترشح لفترة رئاسية ثالثة، حيث خطط لاستخدام عضوية لوبر بلجنة التحقيق في فساد المونديال القطري، لكن كشف التفاصيل الكاملة للاجتماعات المشبوهة تسببت في إزاحة لوبر من منصبه، بعدما رأت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية أن اللقاءات الثلاثة تتعارض مع الإجراءات الجنائية، أفسد خطة الأمير الصغير.

 

وكان لوبر يحقق في عدة قضايا خاصة بشبهات فساد تتعلق بالفيفا، والتي تعود إلى عام 2014 خلال فترة رئاسة سيب بلاتر للمؤسسة الدولية، والتي تدخل قطر فيها كطرف رئيسي باعتبارها قدمت رشاوى إلى اللجنة التنفيذية للفيفا.

 

لكن بعد اكتشاف اجتماعاته مع إنفانتينو، قررت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية استبعاد لوبر من  المشاركة في التحقيقات المتعلقة بمزاعم الفساد الخاصة بمسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

 

وخلصت المحكمة في النهاية إلى أن ظروف الاجتماعات تثير الشكوك حول التحيز، فيما تم فتح تحقيق تأديبي منفصل ضد لوبر في مايو الماضي من قبل السلطات السويسرية التي تراقب مكتب لوبر للادعاء العام.

 

لكن لوبر دافع عن نفسه قائلا إن "مثل هذا الاجتماعات طبيعية، وأنها كانت تخدم طلب التعاون والمساعدة في البيانات"، حيث اعترف أنه عقد اجتماعين مع جياني إنفانتينو، مشيرا إلى أن الهدف منهما كان المساعدة في التنسيق فيما يتعلق بالتحقيقات التي يجريها.

 

وتشير صحيفة "نويه تسورشر تسايتونج السويسرية" السويسرية في تقرير لها إلى أنه عندما التقى لوبر مع إنفانتينو، للمرة الأولى في 22 مارس 2016، اختار "المدعى السويسري" فندق شفايزرهوف في العاصمة بيرن كمكان اجتماع.

 

وتعود ملكية هذا الفندق إلى شركة الديار القطرية العقارية، وهي إحدى شركات صندوق الثروة السيادية لأمير قطر، المقرر أن تستضيف دويلته بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.، ما يشير جدلا كبيرا حول تداخل النظام القطري في عمل المدعي العام السويسري الذي تربطه علاقة قوية بالنائب العام القطري علي بن فطيس المري، الذي يشغل أيضا منصب المشرف على مركز سيادة القانون ومحاربة الفساد في جنيف.

 

يوضح التقرير إلى أنه بعد حجز مكتب المدعي العام السويسري غرفة الاجتماعات في الطابق الأول من الفندق من الساعة 9:15 صباحًا إلى الساعة 11:00 صباحًا، اتضح أن "غرفة الاجتماعات" تقع داخل الفندق على بعد خطوات قليلة فقط من المقر المؤقت لسفارة قطر في سويسرا، التي تتخذ جزء من الفندق كمكتب لها، حيث يقع بابها مقابل باب قاعة الاجتماعات التي شهدت لقاء لوبر مع إنفانتينو.

 

وسبب وجود مقر سفارة دولة قطر المؤقت في الطابق الأول من فندق شفايزرهوف، هو ترتيب مؤقت إلى أن يصبح مقر الإقامة الدائم في منطقة بيرشن بيرن في بيرنيز جاهزا للإقامة، والذي يخضع حاليا لإعادة الإعمار.

 

وترى الصحيفة السويسرية أن وجود المدعي الاتحادي لوبر ورئيس فيفا إنفانتينو، على مقربة من سفارة قطر أمر مثير للقلق، حيث أنه في 10 مارس 2015، كان المدعي السويسري يعمل على إجراء جنائي عن وجود شبهة فساد حول منح حق استضافة كأس العالم 2022 لدولة قطر، ما يكشف عن شبهة فساد وشراء ذمم جديدة قد تلاحق الدوحة.  

 

وكان المدعي الفيدرالي السويسري في ذلك الوقت، كشف أن هناك شك في أن هناك رشاوى وهدايا قطرية أدت إلى إثراء غير قانوني، أي الرشاوى التي تم تخصيصها لأعضاء الهيئة الانتخابية: اللجنة التنفيذية السابقة لـ فيفا، ما ينبه إلى تواطؤ قطري مع إنتفاتينو ولوبر بشأن إنهاء هذه الإجراءات الجنائية ضد قطر.

 

وما يدعم هذا التوجه هو أن الاجتماع الثاني الذي جمع لوبر وإنتفاتينو في نفس الفندق المملوك لقطر، حضره أيضا علي بن فطيس المري النائب العام القطري، بدون صفة تبرر وجوده، وذلك في 16 يونيو 2017  داخل "غرفة الاجتماعات الثالثة"، حسب ما أشارت الصحيفة.

 

وفي سبتمبر المقبل، يرغب المدعي العام الفيدرالي مايكل لوبر في إعادة انتخابه لفترة ولاية ثالثة، حيث يشير التقرير إلى أن الاجتماعات الثلاثة بين إنفاتينو ولوبر كانت تمهد لدعمه في الترشح المقبل، على أن تساهم قطر وتدعم فوزه، مقابل إغلاق الإجراءات الجنائية ضد الإمارة الخليجية.

 

وتكشف الصحيفة عن زيارات دائمة يقوم بها النائب العام القطري إلى سويسرا، بناءً على تفويض من الأمم المتحدة وجدول الأعمال في جنيف، حيث التقى المري مع لوبر خلال زياراته المتكررة لمكتب المدعي العام الاتحادي.

 

ويقال إنه استفسر عن حالة الإجراءات الجنائية نيابة عن الأمير، وأعرب عن قلقه بشأن العواقب المحتملة، حيث بدأ المحامي الاتحادي لوبر والمري معرفة بعضهما البعض منذ سبتمبر 2015، عندما انعقد المؤتمر السنوي للجمعية الدولية للمدعين العامين في زيوريخ، بالإضافة إلى ذلك التقى لوبر والمري في 6 مارس 2018 في برن لإجراء مقابلة مدتها 45 دقيقة قبل التوقيع على مذكرة تفاهم بين سويسرا وقطر.

 

جياني إنفانتينو بدوره على اتصال دائم بالحكام القطريين في الأمور المهنية، وبصفته رئيس فيفا المنتخب حديثًا في أبريل 2016، سافر أولا إلى روسيا ثم إلى قطر، البلدان المضيفان لكأس العالم فيفا 2018 و 2022.

 

وفي موسكو، قضى ساعة في تبادل وجهات النظر مع الرئيس فلاديمير بوتين. في اليوم التالي، في 21 أبريل 2016، استقبل تميم بن حمد آل ثان، أمير قطر، انفانتينو في الدوحة. وحول رحلة العودة المخطط لها إلى زيوريخ، تم حجز مقعد 4 K في قسم الأعمال على الرحلة رقم 93 للخطوط الجوية القطرية لرئيس فيفا.

 

وتطرق التقرير إلى محاولات النظام القطري شراء مواقف رئيس فيفا، حيث كشفت عن العرض الذي قدمه له تميم عندما عرض عليه الذهاب بإحدى طائراته الخاصة، من أجل اللحاق بإحدى الاجتماعات الهامة في زيورخ، حينما استقبله الأمير الصغير في الدوحة.

 

ورغم كل الظروف التي  كانت تؤكد أن قطر لن تنظم كأس العالم بسبب صغر المساحة، وعدم جاهزية الملاعب والحرارة المرتفعة، إلا أن الرشاوى حسمت الموضوع فى النهاية، وأهدت قطر كأس العالم على حساب الولايات المتحدة وكوريا واليابان وأستراليا.

 

فوز الملف القطري بتنظيم المونديال فتح الباب أمام كشف الحقائق في جميع أنحاء العالم، وهز ذلك عرش أكبر منظمة رياضية عالمية وهو الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA، وأطاحت التقارير التي أثبتت تلقي مسؤولين في الاتحاد الدولي لرشاوي قطرية، منحت الدولة الصغيرة فرصة تنظيم أكبر محفل رياضي عالمي، بمسؤولين كبار في المنظمة الدولية على رأسهم السويسري سيب بلاتر رئيس الاتحادي الدولي السابق، ونائبه الفرنسي ميشيل بلاتيني.