مستجدات الكوليرا.. الكشف عن سر انتشار الوباء باليمن (تقرير)

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي


بدأ وباء الكوليرا ينتشر بشكل كبير في اليمن خلال الفترة الأخيرة، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي بالبلاد.

وأعلن مصدر مسؤول في مكتب الصحة العامة والسكان بتعز اليمنية، وفاة 23 شخصا خلال مارس الجاري بإصابتهم بوباء الكوليرا المنتشر في أنحاء البلاد.

وقال مدير المكتب عبد الرحيم السامعي، لوكالة "شينخوا" الصينية: "تم تسجيل 5488 حالة اشتباه بالإصابة بالوباء منذ مطلع يناير الماضي وإثبات 335 إصابة وتسجيل 23 حالة وفاة".

وبيّن المصدر الحكومي أن جميع الوفيات والإصابات سجّلت مطلع مارس الجاري، وتوزعت في عدد من مديريات المحافظة الواقعة جنوبي غرب اليمن.

و قال سكان محليون إن تسعة أشخاص توفوا إثر إصابتهم بوباء الكوليرا الذي يجتاح منطقة "بني الضبيبي" في محافظة ريمة غربي اليمن.

وأكد السكان تسجيل تسع حالات وفاة بالكوليرا في منطقة "بني الضبيبي" بمديرية الجبين، مركز المحافظة، خلال ثلاثة أيام فقط.

وأشاروا إلى أن الأهالي أطلقوا مناشدات للمنظمات الإنسانية وقطاع الصحة الخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي (الذراع الإيرانية في اليمن) بالتدخل وإنقاذهم من الوباء الذي يجتاح المنطقة، إلا أنهم لم يلقوا أية استجابة.


و كشف فريق من الباحثين مؤخراً أن تفشي وباء الكوليرا في اليمن جاء على الأرجح عبر مهاجرين من شرق أفريقيا، وهو الأمر الذي يُتوقع له أن يُسهِم في السيطرة على موجات تفشِّي المرض في المستقبل.

و قام باحثون، من معهدي “ويلكوم سانجر” بالمملكة المتحدة و”باستور” في فرنسا، والمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية في صنعاء NCPHL، بتحليل وتتبُّع وباء الكوليرا باليمن ودراسة التطور السلالي لنشوء المرض، ورسم خريطة لمسارات انتقاله وتتبُّع تطوره وتحديد نوعية المُضادات الحيوية التي يُمكن استخدامها لمواجهته.

قالت سمر سعيد ناشر، الباحثة بالمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة بصنعاء والمشاركة في إعداد البحث، “كانت مفاجأة حقيقية، حيث أنها كشفت عن المصدر الحقيقي للوباء وحددت نوع المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها لعلاج الكوليرا.”

استعان الباحثون بـ 42 عينة من حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن للوصول إلى نتائج الدراسة، حيث تم أخذ عينات من مصابين موجودين في اليمن، ومن آخرين بأحد مراكز اللاجئين اليمنيين على الحدود السعودية اليمنية، بالإضافة إلى 74 عينة أخرى من جنوب آسيا والشرق الأوسط وشرق ووسط أفريقيا.

ترتبط سلالة الكوليرا المسببة لوباء اليمن بسلالة ظهرت لأول مرة عام 2012 في جنوب آسيا وانتشرت على نطاق عالمي، بحسب ناشر. لكن السلالة اليمنية لم تصل مباشرة من جنوب آسيا أو الشرق الأوسط، بل انتقلت إلى اليمن من شرق أفريقيا حيث تفشت الكوليرا في الفترة من 2013 إلى 2014، دون تحديد أي بلد في شرق أفريقيا على وجه الدقة.

قالت “يكشف تحليل الخريطة الجينية لهذا النوع اختلافًا كبيرًا عن سلالة الكوليرا التي انتشرت في الشرق الأوسط إبان الحرب على العراق، فيما تطابقت تلك السلالة مع سلالة انتشرت مؤخرًا في شرق أفريقيا في كلٍّ من كينيا وتنزانيا وأوغندا بين عامي 2015 و2016.”

وأوضحت ناشر أن سلالة الكوليرا في اليمن أظهرت مقاومة لثلاثة أنواع من المضادات الحيوية، بينما نجح 17 نوع في القضاء على البكتريا المُسببة للمرض أبرزها (البوليمكسين ب Polymyxin B)، وهو نوع من المضادات الحيوية رخيص السعر وذو فاعلية كبيرة في محاربة البكتيريا والفطريات والتهابات السحايا).

قال نيك تومسون، الأستاذ بمعهد ويلكوم سانجر وكلية لندن للصحة والطب المداري والمشرف على الدراسة في رسالة بريدية، “مكن علم الجينوم الفريق البحثي من اكتشاف السبب وراء الوباء المدمر والمستمر في اليمن مما  يتيح للباحثين الفرصة للإعداد الجيد لمواجهة تفشي المرض في المستقبل، إذ يمكن أن تساعد هذه المعلومات في توجيه إستراتيجيات المواجهة إلى الحد من تأثير الأوبئة المستقبلية.”