"رقمنة" الطب الشرعي في مصر

عرب وعالم

اليمن العربي

إلى مراكز الطب الشرعي عادة ما تحال الجثث لمعرفة كيف توفي أصحابها خصوصا من يشتبه بأنهم قضوا نحبهم بالقتل أو من هم مجهولي الهوية، حتى من يتعرضوا لاعتداءات يتم عرضهم على الطب الشرعي لتفنيد إدعاءاتهم والتحقق من مدى صحتها، والضرر الجسدي الذي لحق بهم.

قد تبدو هذه الحقيقة معروفة لدى معظمنا وبإمكان بعضنا الحديث مطولًا في تفاصيلها حتى لو لم يكونوا ممن يمارسون مهنة الطب عمومًا، والطب الجنائي لتشريح الجثث خصوصًا، لكن قلة هم أولئك الذين باتوا على إطلاع ودراية بأن الطب الشرعي انتقل من مرحلة الاختصاص ببني البشر في عالمهم الإنساني الواقعي إلى العالم الافتراضي بعدما سجلت مصر أسمها كأول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تطلق أول معمل طب شرعي رقمي متخصص لحماية حقوق الملكية الفكرية.

الإعلان عن تدشين المعمل خرج من أروقة هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" صمن سلسلة إجراءاتها التنفيذية لمكافحة قرصنة البرمجيات.

أذرع المعمل برمجيات متطورة وقفازاته تقنيات حديثه تمنحه القدرة على التميير بين المنتجات الأصلية والمقلدة، والتصدي لقرصنة البرمجيات التجارية والقرصنة على الإنترنت، وإمكانية استعادة المحتوي الأصلي الموجود في الأجهزة الرقمية واكتشاف تقنيات الاحتيال الجديدة.

 ويبدو جليا أن المؤسسات البحثية المصرية لم تقتحم مجال الطب الشرعي الرقمي من باب الحظ، أو في محاولة لتسويقه إعلاميًا لإعلاء اسم أرض الكنانة، فمراحل الكشف عن المعمل سبقتها خطوات علمية مدروسة تولى أبرزها مكتب حماية حقوق الملكية الفكرية العام الماضي من خلال إشرافه على دورات تدريب الكادر البشري الذي سيتولى إدارة المعمل، من بينهم 900 ضابط شرطة من المتختصصين في المصنفات الفنية و97 صحفيا من الهيئة الوطنية للإعلام، و125 موظفًا من مختلف شركات البرمجيات، بالإضافة إلى 473 قاضيًا من المحاكم الاقتصادية، وتوجت باكورة جهود الكادر بتقديم تقارير الخبرة الفنية للمحاكم الاقتصادية في 96 قضية، وتسجيل 203 برامج حاسب إلى، و267 رخصة برمجيات. 

كل ذلك وموقع مصر من القرصنة يعتبر أفضل من منافسيها في خدمات تكنولوجيا المعلومات والتعهيد بنسبة 61% مقارنة بالمغرب 65% والفلبين 67% وفيتنام 78%. 

كما أن أسمها لم يرد في قائمة الدول التي انتشرت فيها البرمجيات الخبيثة للتجسس الإلكتروني، وضمت حسب دراسة أعدتها شركة KASPERSKY (100) ضحية من الأردن والعراق والسودان واليمن وأفغانستان وليبيا والكونغو والصومال وتنزانيا.

وهذا معناه أن مصر أرادت تطويق فضائها التقني بمنظومة تكنولوجية عصية على الاختراق تكون أنموذجا يحتذى به على الأقل في العالم العربي.