بوتفليقة يُعلن تأجيل الانتخابات الرئاسية لتهدئة التخوفات

عرب وعالم

اليمن العربي

وجه رئيس الجزائر عبد العزيز بوتفليقة اليوم الاثنين، رسالة إلى شعبه أعلن فيها عن تأجيل تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 18 أبريل 2019 وعدم ترشحه لعهدة رئاسية خامسة.

كما أعلن بوتلفيقة في هذه الرسالة عن إجراء "تعديلات جمة" على تشكيلة الحكومة وتنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب الندوة الوطنية المستقلة تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة.

وفيما يلي النص الكامل لرسالة الرئيس:
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاةُ والسلام على أشرفِ المرسلينوعلى آلهِ وصحبِه إلى يوم الدّين أيتها الـمواطنات الفضلياتي أيها الـمواطنون الأفاضل.

تمُرُّ الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها، ففي الثامن من شهر مارس الجاريي و في جُمعةِ ثالثة بعد سابقتيهاي شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة.

ولقد تابَعـْتُ كل ما جرىي وكما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الثالث من هذا الشهري إنني أتفهمُ ما حرك تِلكَ الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبيرِ عن رأيهمي ذلكم الأسلوب الذي لا يفوتنيي مرَّة أخرىي أن أنوه بطابعه السلـمي.

إنني لأتفهم على وجهِ الخصوص تلك الرسالة التي جاء بها شبابنا تعبيرًا عما يخامرهم من قلق أو طموح بالنسبة لمستقبلهم ومستقبل وطنهم. وأتفهَّمُ كذلك التباين الذي وَلَّدَ شيئًا من القلقي بين تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعد مناسب تقنيا من حيث هو معلـم من معالـم حكامة الحياة الـمؤسساتية والسياسيةي وبين التعجيل بفتح ورشة واسعة بأولوية سياسية قصوى للغاية، ومن دون تعطيل غير مبرري الـمتوخى منها تصور وتنفيذ إصلاحات عميقة في الـمجالات السياسية و الـمؤسساتية والاقتصادية والاجتماعيةي بإشراك على أوسع ما يكون وأكثر تمثيلًا للـمجتمع الجزائريي بما فيه النصيب الذي يجب أن يؤول للـمرأة و للشباب.

وتابع: إنني أتفهمُ كذلكي أنّ مشروع تجديد الدولة الوطنية، الذي أفصحتُ لكم عن أهمِّ مفاصلهي يجدر أن يضفى عليه الـمزيد من التوضيح وأن يتم إعدادها حتى نتفادى أية ريبة قد تخامر الأذهــــاني وذلك باستجماع الشروط اللازمة والظروف الـملائمة لتبنيه من قبل كل الطبقات الاجتماعية وكل مُكوِّنات الأمة الجزائرية. 

وفاء مِنّي لليمين التي أدّيتها أمام الشعب الجزائري بأن أصون وأرجح الـمصلحة العليا للوطني في جميع الظروفي وبعد الـمشاورات الـمؤسساتية التي ينصُّ عليها الدستوري أدعو الله أن يعينني على عدم الزيغ عن القيم العليا لشعبناي التي كرسها شهداؤنا الأبرار ومجاهدونا الأمجادي وأنا أعرض على عقولكم وضمائركم القرارات التالية:

أولًا: لا محلَّ لعهدة خامسة بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية وسِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائريي ألا وهو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعًا.

إن هذه الجمهورية الجديدةي وهذا النظام الجديدي سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات و الجزائريين الذين سيكونون الفاعلين والـمستفيدين في الحياة العمومية وفي التنمية الـمستدامة في جزائر الغد.

ثانيًا: لن يُجْرَ انتخاب رئاسي يوم 18 من أفريل المقبل، والغرض هو الاستجابة للطلب الـمُلِح الذي وجهتموه إليي حرصا منكم على تفادي كل سوء فهم فيما يخص وجوب وحتمية التعاقب بين الأجيال الذي اِلْتزمت به، ويتعلقُ الأمر كذلك بتغليب الغاية النبيلة الـمتوخاة من الأحكام القانونية التي تكمُن في سلامة ضبط الحياة الـمؤسساتيةي والتناغم بين التفاعلات الاجتماعية - السياسية؛ على التشدد في التقيد باستحقاقات مرسومة سلفا، إن تأجيل الانتخابات الرئاسية الـمنشود يأتي إذن لتهدئة التخوفات المعبَّر عنها، قصد فسح الـمجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة والأمن العامي ولنتفرغ جميعا للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديدي وفي أقصر الآجال.

ثالثًا: عزما مني على بعث تعبئة أكبر للسلطات العموميةي وكذا لمضاعفة فعالية عمل الدّولة في جميع المجالاتي قرَّرتُ أن أُجري تعديلات جمة على تشكيلة الحكومةي في أقرب الآجال. والتعديلات هذه ستكون ردًا مناسبا على الـمطالب التي جاءتني منكم وكذا برهانا على تقبلي لزوم المحاسبة والتقويم الدقيق لـممارسة الـمسؤولية على جميع الـمستوياتي وفي كل القطاعات.

رابعًا: الندوة الوطنية الجامعة المستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الاصلاحات التي ستشكل أسيسة النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنيةي هذا الذي أعتبر أنه مهمتي الأخيرةي التي أختم بها ذلكم الـمسار الذي قطعته بعون الله تعالى وَدَدِهِا وبتفويض من الشعب الجزائري.

ستكون هذه النّدوة عادلة من حيث تمثيلُ المجتمعِ الجزائري ومختلف ما فيه من الـمشارب والـمذاهب.

ستتولى النّدوة هذه تنظيم أعمالها بحريّة تامة بقيادة هيئة رئيسة تعدديةي على رأسـها شخصية وطنية مستقلة وتَحظى بالقبول والخبرةي على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019.

سيُعرض مشروع الدستور الذي تعدُّه النّدوة الوطنية على الاستفتاء الشعبي. والندوة الوطنية الـمُستقلة هي التي ستتولى بكل سيادةي تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال.

خامسًا: سيُنظَّم الانتخاب الرئاسيي عقب الندوة الوطنية الجامعة الـمستقلةي تحت الإشراف الحصري للجنةٍ انتخابية وطنيةٍ مستقلة ستُحدد عهدتها وتشكيلتها وطريقة سيرها بمقتضى نصّ تشريعي خاصي سيستوحى من أنجع وأجود التجارب والـممارسات الـمعتمدة على الـمستوى الدَّوْلي، لقد تقرر إنشاء لجنة انتخابية وطنية مستقلة استجابةً لـمطلب واسع عبرتْ عنه مختلف التشكيلات السياسية الجزائرية، وكذا للتوصيات التي طالـما أبدتها البعثاتِ الـملاحظة للانتخابات التابعة للـمنظمات الدّولية والإقليمية التي دعتْها واستقبلتها الجزائر بمناسبة الـمواعيد الانتخابية الوطنية السابقة.

سادسًا: بغرض الإسهام على النحو الأمثل في تنظيم الانتخاب الرئاسي في ظروف تكفل الحرية والنزاهة والشفافية لا تشوبها شائبة، سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنيةي تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية، والحكومة هذه ستتولى الإشراف على مهام الإدارة العمومية ومصالح الأمني وتقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية الـمستقلة.

و من جانبه ي سيتولى الـمجلس الدستوري ي بكل استقلاليةي الإضطلاع بالمهام التي يخولها له الدستور والقانوني فيما يتعلَّق بالانتخاب الرئاسي.

سابعًا: أتعهّدُ أمام الله عزَّ وجلَّي وأمام الشعب الجزائريي بألاّ أدّخِر أيَّ جهدٍ في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة وهياكلها ومختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات الـمحليّةي من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل هذه، كما أتعهّدُ بأن أسهر على ضمان مواظبة كافة المؤسسات الدّستورية للجمهوريةي بكل انضباط على أداء المهام المنوطة بكل منهاي وممارسة سُلطتها في خدمة الشعب الجزائري والجمهورية لا غير.

خِتامًا أتعهّدُي إن أمدني الله تبارك وتعالى بالبقاء والعون أن أسلم مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية.