صحيفة إماراتية: المثال التركي في سوريا يقدم النموذج الفاقع للفكر العثماني

عرب وعالم

اليمن العربي

تحت عنوان "ليست سوريا وحدها مهددة" .. قالت صحيفة " الخليج " الإماراتية إنه لسوء حظ العرب أن الجغرافيا تلعب أحيانا دورا سلبيا، وأحيانا مدمرا في العلاقات بين الجيران، بدل أن تشكل الجغرافيا عاملا للانسجام والتعاون.

ولفتت إلى انه أمامنا نموذجان يعبران عن هذا الواقع، هما التركي والإيراني، حيث تلعب الأطماع الاستعمارية والإحساس بالقوة دورا في تشويه هذه الجغرافيا وتمزيقها وتحويلها إلى عامل توتر واستفزاز وعدوان من خلال الاعتقاد بأن عجلة التاريخ يمكن أن تعود إلى الوراء وتحيي إمبراطوريات زالت ثم بادت، لكنها لم تفارق عقول حكام يعتقدون بأنهم يستطيعون تطويع الحاضر في خدمة الماضي، واستغلال ظروف ضعف واحتراب داخلي تعيشها بعض الأقطار العربية لتحقيق أطماعهم في أرضنا. وهناك نموذج ثالث مصطنع وهو الكيان الصهيوني، لكنه خارج تاريخ وجغرافية المنطقة.

وذكرت أن المثال التركي الذي نعيش فصوله في الأرض السورية تحديدا، يقدم النموذج الفاقع للفكر العثماني الذي تتقمصه القيادة التركية حاليا، والتي تكشف عما تضمره أنقرة تجاه سوريا والعراق أيضا.

ورأت أن إعلان المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي قبل أيام أنه " يجب عدم السماح للنظام السوري بشن أي استفزازات تطال منبج، ولا بد من منع دخول قواته إلى منبج، بدعم من الأكراد"، في تكرار لمواقف سابقة لمسؤولين أتراك بمنع الدولة السورية وقواتها من الدخول إلى إدلب ..إنما يكشف عن أن تركيا تتخذ من المسألة الكردية غطاء لتحقيق أطماعها في الأراضي السورية، وهو أمر لم يعد خفيا أو مستترا، وطالما تحدثت أنقرة عنه منذ بدء ربيع الدم الذي ضرب العراق وسوريا والذي لعبت دورا أساسيا في تأجيجه من خلال فتح حدودها لآلاف الإرهابيين الذين شاركوا في تدمير البلدين.

 

وقالت إن أنقرة لا تسمح للجيش السوري بدخول منبج وإدلب وغيرهما من مناطق شمال شرقي سوريا، وكأن هذه المناطق غير سورية وليس لدمشق حق ممارسة سيادتها على هذه المناطق، في انتهاك مكشوف للقانون الدولي والعلاقات الدولية وعلاقات حسن الجوار، بما يعنيه ذلك من ممارسة صريحة لاحتلالها مباشرة أو من خلال أدوات تأتمر بأوامر تركية. بل إن أنقرة تسعى لتثبيت احتلالها من خلال السعي لإعلان منطقة آمنة داخل الأراضي السورية بعمق 30 كيلومترا، وهو ما ناقشته مع الإدارة الأمريكية مؤخرا، وما ستناقشه يوم 23 الجاري في قمة بوتين - أردوغان.

ولفتت إلى أن تركيا تتصرف وكأن أرض شمال شرقي سوريا هي أرض تركية، وليست أرضا عربية، وهي تتصرف كذلك مستغلة تعقيدات الأزمة السورية وظروفها، وتداخل مصالح القوى الدولية المنخرطة فيها، وحاجة هذه القوى للدور التركي في علاقاتهما الإقليمية والدولية.

وقالت: لم تغب عن قادة تركيا منذ وصول " حزب العدالة والتنمية" إلى السلطة في مطلع العقد الماضي أحلام الخلافة العثمانية، بل كانوا وما زالوا يطمحون إلى استرداد مجد غابر على حساب العرب وأرضهم تحديدا. ولعل قيام أنقرة بتذكيرنا دائما بـ"الميثاق الملي" 1920 الذي يرسم حدود الدولة العثمانية مستقطعا نحو ثلث مساحة سوريا "المحافظات الشمالية: الحسكة، الرقة، حلب وإدلب"،إضافة إلى أجزاء واسعة من العراق "كركوك، الموصل وإقليم كردستان"، إنما يكشف نوايا عدوانية توسعية على حسابنا.

ونبهت "الخليج " في ختام افتتاحيتها .. إلى أنه ليست سوريا أو العراق هما المستهدفان، إنما الأمة العربية بأكملها.. متسائلة فهل لنا أن نعي حجم الخطر الذي يتهددنا ونلم الشمل ونوحد المواقف قبل أن يكتب التاريخ أننا فرطنا في أرضنا وحقوقنا؟.