تربية الأولاد.. مهمة شاقة في جيلنا

اليمن العربي


 عبدالله محسن الشادلي 

ظروف الحياة.. منعطفات لا بد من سلوكها وإن حفت بالصعوبات والعثرات.. 
كم تعلمنا من اخفاقات كنا نهاب الوقوع فيها، فهي بالتأكد كانت المعلم المثالي لكثير منا، في جيلنا الذي شم عبق الزمن الجميل عندما كان ينشر رذاذه المبروك في بداية التسعينات قبل أن يتبخر وينثر رفاثه في مقابر الحزن والقهر…

ياله من زمن ويالها من أيام امتلأت بالبساطة والإيثار.. أين نحن اليوم من تلك الأيام الجميلة؟ كان الجار في السابق يفرح عندما يطرق جاره بابه طلبا لبعض الحاجيات مثل 'البصل، الطماطم، البسباس، الثوم ووو'.

في أيامنا هذه أصبح طرق الجار للباب ناقوس خطر وشؤوم لدى الكثيرين، وذلك لإنتزاع الرحمة والتآخي من قلوب البعض منا نسأل الله السلامة. 

مغزى حديثي يكمن في نقطة أحب أن أوضحها وأأمل أن تصل لكل ذو قلب رقيق وإيمان بالجيل الجديد..  جيل الـ2000 المثير للشفقة، فنحن عندما ننظر هذه الأيام لبعض الشباب لا نتوسم من بعضهم أي خير سيعودون به على أنفسهم.. كيف ذلك؟

ترى كثير من الشباب يرفع صوته ويتباهى بنفسه أمام الناس في الأسواق، وتراه يخرج من مدرسته وكأنه أطلق سراحه من السجن، يجلس على المطبات والأرصفه بزيه المدرسي ولا تلتمس طلب العلم من تصرفاته، على عكس بعض الطلاب فإنك تقلهم من دون أن يحركوا أصابعهم لتتوقف لهم. 


أين المشكلة يا ترى؟ المشكلة أعزائي ترجع للأهل بدرجة أساسية وللمعلم بدرجة ثانوية.. الشباب ومن هم دون الشباب أيضا، لا يؤثر فيهم إلا المشاعر الأبوية الممزوجة بالصدق والكفاح فعندما يزن الأب على ابنه بأنه يتعب عليه ويتجرع الصعاب ويحرم نفسه من متاع الدنيا ويزهد عنه، ليضمن حياة كريمة لأولاده وإن كان على حساب صحته ومصلحته الشخصية فإن الإب سيكبر في عين ولده وسيحاول رد الجميل له بشتى السبل وعدم تخييب ظنه أو تعمد ذلك على الأقل!. 


وأختم حديثي بقصة من الواقع لا أزكي قائلها، كان هناك أب مكافح جدا في حياته يعمل حمالا للدقيق في أحد المستودعات، ويعود داره في أوقات متأخرة أحيانا بسبب ظروف العمل، ولدى هذا الرجل إبنا في المرحلة الثانوية وهو من أكبر الطلاب مشاغبة وأفشلهم في عملية التحصيل العلمي. 


ومرة من المرات زادت حدة مشاغبة ذلك الشاب، وطلب المدير استدعاء والده وإلا سيتم طرده وخلال ساعات قصيرة وصل الأب المسكين للمدرسة والبهجة تمسو وجه، كان يظن أن ابنه شرفه! 


وما إن دخل المكتب حتى علم ما فعله ابنه، فنهار وخانته عيناه وبدأت عيناه تنهمر بدموع القهر والخزن والأسى على حاله الذي لا يحسد عليه، وقبيل خروجه من المكتب، قال الأب: فليسامحك الله يا بني، انظر الي وإلى حالي - وكان الدقيق يملئ يدا ووجه والده - وانظر إلى ملابسك التي لم نسدد ثمنها بعد فليسامحك الله.. وغادر وهو يبكي…. 


وما إن خرج الإب حتى غرق الشاب في دموعه، وما إن أكمل عامه الدراسي حتى حصل على أعلى المراتب.. من الأول على مستوى الثانوية في المشاغبة، إلى الأول على مستوى الثانوية في المراكز العلمية.