خبير بالشأن اليمني: لا بد من كسر الحوثيين عسكريا (حوار)

أخبار محلية

اليمن العربي

أجرى موقع مركز المرجع حوارا مهما مع الخبير في الشأن اليمني همدان العلي، تطرق فيها إلى عدة قضايا أبرزها اتفاق السويد الأخير وإمكانية تنفيذه في ظل التعنت الواضح لمليشيا الحوثي.

وفيما يلي يعيد "اليمن العربي" نشر نص الحوار:

بدايةً.. أطلعنا على حقيقة الوضع الإنساني داخل اليمن؟

 

الأوضاع الإنسانية صعبة جدا داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بينما الوضع بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية أفضل بكثير،  ولهذا لا نسمع عن مجاعة، ولا قصص إنسانية صعبة عن أهالي تلك المناطق، وليس هناك تقارير دولية تتحدث عن هذه الأمور.

 

 ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟

 

الأسباب التي أدت إلى ذلك هي أن الدول المانحة تستطيع الوصول إلى المستحقين بلا وسطاء في المناطق المحررة، على عكس المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، سواء مركز الملك سلمان، أو الهلال الأحمر الإماراتي، أو غيرها لا يستطيعون الوصول إلى المستحقين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فتلجأ للتعامل مع وسيط، والوسيط هنا هو المنظمات الدولية التي تتولى توزيع المساعدات في هذه المناطق، وهذه المنظمات تأخذ جزء من هذه المساعدات كمصروفات تشغيلية مثل مرتبات الموظفين الدوليين وهي مرتبات مرتفعة جدًا وهذه المنظمات حتى الآن ترفض الكشف عن هذه التفاصيل.

 

وكذلك لا تستطيع المنظمات الدولية نفسها الوصول إلى المستحقين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل مباشر فتضطر للتعامل مع وسطاء جدد، معظمهم من جماعة الحوثي لأن الجماعة حين سيطرت على العاصمة صنعاء، أغلقت جميع منظمات المجتمع المدني الموجودة في السابق، وأنشأت منظمات مجتمع مدني جديدة ذات طابع طائفي كثير، تهدف لنشر الفكر المتطرف، ومنظمات المجتمع المدني توجه المساعدات لتلك المنظمات المحلية، وهي بدورها توجه المساعدات إلى مقاتليها أو الموالين لها وتحرم المستحقين الحقيقيين لتلك المساعدات، إضافة إلى الفساد المالي والإداري.

 

 

 هل يمكن أن توضح لنا صور هذا الفساد المالي والإداري؟

 

هناك موظفون فروا من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ومع ذلك يتم تسجيلهم ضمن المناطق التي فروا منها ويتم صرف المساعدات لهم بانتظام، فالفساد يبدأ في هذه المنظمات بعلمها أو بدون علمها من عملية حصر أسماء المستحقين، فمثلا مؤسسة «الثورة» للطباعة والنشر وهي من المؤسسات الكبيرة التابعة للحكومة، وتصدر عنها صحيفة "الثورة" الصحيفة الحكومية الأولى، وبها أكثر من ألف موظف، فعلى مدار عام كامل كانت منظمة الغذاء العالمي تعتقد أنها تسلم المساعدات الشهرية إلى هؤلاء الموظفين، لأن هذه المؤسسة مثل غيرها من الجهات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لم يستلموا رواتبهم منذ سنتين، لكن مؤخرًا تم اكتشاف أن هناك من يستلم المساعدات باسم جميع الموظفين ويوقع على ذلك، وعرف الموظفون ذلك بالصدفة.

 

 يعني هذا أن هناك تجويعًا متعمدًا داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؟

 

نعم لأن الحوثيين يعرفون أنهم لن ينتصروا في ساحات القتال وكل يوم يخسرون أرضًا جديدة، وبالتالي فلا أمل أمامهم إلا في ظل التدخل الدولي، وهو ما لن يتحقق إلا في حال تدهور الأوضاع الإنسانية، ولذلك فإنهم يدفعون فى هذا الاتجاه ويسهمون في تدهور الوضع الإنساني من خلال حرمان الناس من المساعدات والمرتبات، رغم أنهم يستلمون من إيرادات الدولة أكثر من 6 مليارات ونصف.

 

 

خبير في الشأن اليمني:كيف استطاع الحوثي تجنيد عدد كبير من المقاتلين المختلفين معه عقديا؟

المعركة اليوم ليست مذهبية؛ فهناك سلالة تدعي أنهم أحفاد الرسول عليه الصلاة السلام، ولذلك كثير من الأسر الهاشمية أيدته لأنهم يعتقدون أنه إمام هذا الزمان، ولهذا حدث اصطفاف عرقي أكثر منه مذهبي، فتجد أسر سنية أو صوفية تؤيد الحوثيين بسبب القرابة والنسب، لكننا لا نعمم فهناك أسر سنية وصوفية مع الشرعية، وهناك هاشميون عقلاء.

 

 

 

وأغلب الذين يقاتلون مع الحوثي ليسوا لأنهم مثلًا زيدية، فلم يعد هناك زيدية في اليمن، فأنا مثلًا أنتمي إلى أسرة كانت زيدية في السابق ولم تعد زيدية لأن المذهب الزيدي يعتمد على فكرة معينة وهي موالاة آل البيت والإقرار بحقهم في تولي السلطة، وهذه الفكرة هُدمت بعد سقوط حكم الإمامة وقيام الثورة، لذا فأغلب من يقاتلون مع الحوثي لأنهم جياع وجهال، ولذلك نقول: إن التجويع متعمد لأنك عندما تحرم الناس من المرتبات لأكثر من عامين، وتفتح باب واحد للرزق، وهو القتال ضمن صفوف الحوثي، فهذا يضطرهم للانضمام لهم بدافع الضرورة.

 

 لكن ألم يستطع الحوثي نشر التشيع الاثنا عشري بين أبناء الشمال اليمني؟

 

طبعًا الكثير درسوا في إيران وعلى رأسهم حسين الحوثي، مؤسس الجماعة، لذا هناك تأثير مازال في إطار التأثير السياسي أكثر منه ديني، لكن الخوف من استهداف المدارس بعدما غيروا المناهج، وهذا معناه أننا بعد خمس سنوات سنجد جيلًا مختلفًا في اليمن، يحمل الفكر الحوثي.

 

 

 

وهناك طرح غربي يقول: إن الحوثي يمثل الطائفة الزيدية وأن هذه الطائفة تمثل أهالي الشمال، وكلا التعميمين خطأٌ بين، فلا هو يمثل الزيود ولا الزيود يمثلون أهالي شمال اليمن، فالزيدية في طريقها للتلاشي ولم تعد سوى عند الأسر الهاشمية الذين يعتبرهم المذهب الزيدي ملوكًا على اليمنيين.

 

 كيف ساهم مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في تراجع المشروع الحوثي باليمن؟

 

بالتأكيد كان لهذا تأثيرًا كبيرًا فعلي عبدالله صالح كان يعطي الحوثيين الغطاء السياسي، لأن الجماعة كانت مجرد جماعة انقلابية، لكن التأييد الذي حصلوا عليه وفر لهم دعمًا كبيرًا، وهناك أمرٌ يجب التنبه له، وهو أن جماعة الحوثي ليست مجرد جماعة مسلحة خرجت من الوديان واحتلت صنعاء، لكن الجماعة كان لديها جناح مدني متغلغل في مؤسسات الدولة، كالجيش وقوى الأمن وغيرها، وهؤلاء من الهاشميين المنتشرين في محافظات اليمن كاملة.

 

 يعني هذا أن الجناح المدني أخطر من العسكري؟

 

نعم صحيح لأنهم ليسوا بالضرورة زيود ولا شماليين بل بدوافع سلالية بحتة، وهذا الجناح كان له دور كبير في إضعاف الدولة وإضعاف مناعتها ضد الجماعات المسلحة، لأنهم متغلغلون في كل قطاعات الدولة وغير مصنفين أنهم حوثيون ولم يتم التعامل معهم كخصوم، لكنهم لديهم فكر أنهم الأولى بالحكم.

 

 وما موقع حزب المؤتمر الذي كان صالح يتزعمه، من خريطة التحالفات اليوم؟

 

المؤتمر تعرض لحرب استهدفته وتعرض لتصدعات بعد مقتل صالح، وأغلب المؤتمرين اليوم مع الشرعية، ومن انضم للحوثي منهم معظمهم هاشميون.

 

 كيف ترى مستقبل اليمن في ظل المماطلة الحوثية في عملية السلام؟


الحوثيون يجب أن يُكسروا عسكريًّا وإلا فسيستمرون في التمدد، فالجماعات المسلحة لا يمكن التعامل معها إلا تعامل عسكري فقط، فالاتفاقيات والتفاهمات يتم نكثها بسهولة والمجتمع الدولي لن يستطيع مساءلته، لأنه في النهاية جماعة مسلحة متخففة من أعباء الدولة، والحوثيون اليوم في اليمن أخطر من حزب الله في لبنان، لأنهم يقتلون معارضيهم وينكلون بهم بأبشع الطرق.